لم يدع الفلسطينيون طوال سنوات صراعهم المرير مع الاحتلال وسيلة فيها مقاومة للمحتل الإسرائيلي إلا وسلكوها بكل قوّة، واستخدموها في إظهار حقّهم الذي صادره الاحتلال.
حالة الهلع والهوس التي أصابت الإسرائيليين على أرض الواقع جراء انتفاضة القدس، برزت أيضًا في الفضاء الإلكتروني، إذ هاجم رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا "فيسبوك"، واتهمها بالمساهمة في تصاعد حدّة هذه الانتفاضة.
وقال "نتنياهو" في كلمته خلال الجلسة الأسبوعية لحزب "الليكود" الأسبوع الماضي: "لقد حققنا في دوافع منفذي العمليات، دخلنا إلى صفحات فيسبوك الخاصة بهم، ووجدناها مليئة بالتحريض على الخروج لعمليات القتل. إنها ليست صدفة".
مراقبة وقضاء
هذه التصريحات التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال قابلتها خطوات عملية على الأرض، إذ تمّ تأسيس وحدة خاصة لتعقب ما أسماه الاحتلال "النوايا الجنائية" في إشارة إلى من ينوون القيام بعمليات ضد جنوده، ويلمحون إلى ذلك، أو يصرحون، في كتاباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كما رفعت منظمة "شورات هدين" الإسرائيلية دعوى قضائية أمام محكمة نيويورك الأمريكية بهدف إلزام "فيسبوك" بإزالة منشورات الفلسطينيين التي قالت إنها تحتوي على "مواد تحريضية".
واتهمت المنظمة في دعوتها "فيسبوك" بلعب دورٍ كبيرٍ بالتأثير في مجريات الانتفاضة الفلسطينية الحالية من خلال المنشورات التي تدعو لاستمرار عمليات الطعن والدهس التي ينفذها الفلسطينيون والإرشاد على أفضل طرق تنفيذها.
انتفاضة موازية
المدوّن والناشط الشبابي "خالدي صافي" أشاد بالدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذه الانتفاضة الجماهيرية، موضحًا "إن انتفاضة القدس الميدانية كان لها انتفاضة إلكترونية موازية، استطاعت أن تنقل ميدان المعركة والمواجهة مع الاحتلال إلى كل العالم، ولفتت انتباه واهتمام وسائل الإعلام العالمية لهذه الانتفاضة".
ونوّه صافي في حديث لـ"فلسطين الآن"، الخميس، إلى أن الناشطين يمارسون النشر بحرية دون تواصل أو إعداد وتخطيط، بل إن "كل شخص يجعل من نفسه شبكة وينشر الأخبار باتجاه واحد هو ضد العدو فقط، اتجاه وحدوي فاعل ضد المحتلّ الإسرائيلي".
ورأى أن رئيس حكومة الاحتلال أراد من خلال تصريحاته عن "فيسبوك" أن يوهم المجتمع الإسرائيلي بأنه قادر على معرفة المشكلة وسببها وقادر على إخمادها، إضافة لاعتقاده أنه سيرعب النشطاء الفلسطينيين وبالتالي يتوقفون عن نشر المعلومات التي تفضح "إسرائيل" في كل العالم.
وتابع "مواقع التواصل الاجتماعي كشفت الوجه الحقيقي لـ"إسرائيل" وعرّته أمام المجتمع الدولي، من خلال توثيق جرائم القتل وعمليات الإعدام التي كان ينفذها جنود الاحتلال".
هذه الخطوات والتصريحات، تثبت بشدّة خشية وقلق "إسرائيل" التي اعتادت أن تنفرد بروايتها أمام العالم، واستخدمت وسائل إعلامها اليهودية في رسم صورة الفلسطيني "الإرهابي"، فالناشطون الفلسطينيون أجادوا استخدام هذه المواقع ويرون أنها ستكون منبرًا ينقل صوتهم وروايتهم إلى العالم ليكشفوا الوجه الحقيقي للاحتلال.
