عانى الشعب الفلسطيني ولا زال من بطش الاحتلال الإسرائيلي، فلا يوجد منزل على مستوى الوطن إلا وعانى، سواء بتقديم شهيد أو أسير أو جريح، هذا الأمر ليس غربياً على شعب يقاتل وحده همجية الاحتلال الاسرائيلي، ولكن الأغرب أن تجد شاباً فلسطينياً يافعاً قد مر بكل مراحل هذه المعاناة لوحده، حيث أسر ثم بعدها بأشهر أصيب وبعدها بسنة استشهد دفاعاً عن أرضه، ونصرة لحرائر وطنه فلسطين.
هذا هو الشهيد الشاب المقدام سلامة موسى أبو جامع (23 عاماً)، من منطقة الزنة شرق مدينة خان يونس التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي، في حربه الأخيرة على قطاع غزة، حيث غير معالم المنطقة بأسرها، فليس غريباً على بلدة قدمت منازلها فداءً للوطن، أن تقدم خيرة شبابها فداءً للأقصى ونصرة لحرائر فلسطين.
رجل البيت
بعد سماع نبأ استشهاده تجمع عدد من أفراد عائلته وأصدقائه وكل من يعرفه أمام منزله ( الكرفان )، فلم يعد للشهيد سلامة منزل، بعد أن دمر طيران الجيش الإسرائيلي، منزلهم في بلدة الزنة تدميرًا كاملًا.
بعدها بدأت رحلة المعاناة لهذه العائلة، ليقيم أفرادها داخل خيمة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، حتى حصلت العائلة أخيراً على كرفان خشبي، كي يقطنوا إلى أن تدور عجلة الإعمار من جديد.
الأخ الأكبر للشهيد سلامة، محمد أكد لـ " فلسطين الآن " أن الشهيد كان يعمل في كل شيء من أجل توفير العيش الكريم لعائلته، مضيفاً أن الشهيد كان لا يرد طلباً لأياً من أفراد أسرته صغيراً أو كبيراً كان.
طريق منذ زمن
حيث أوضح شقيق الشهيد، أن أخيه لم يترك أي جنازة شهيد إلا وشارك فيها، وشارك في جميع فعاليات الانتفاضة الثانية والثالثة.
وذكر محمد، أن شقيقه سلامة تعرض للأسر في العام 2012م، عندما كان يمارس هوايته المفضلة صيد العصافير على الحدود الشرقية، حيث قامت القوات الخاصة الإسرائيلية بمحاصرته واختطافه والتحقيق معه داخل معبر صوفا وبعدها قام الجيش الإسرائيلي بإطلاق سراحه ليلاً.
ويضيف محمد :" بعدها بأشهر وعندما كان الشهيد بالقرب من الخط الفاصل، قام قناصة الجيش بإطلاق النار تجاهه هو ومجموعة من الشبان، وأصيب على إثرها بشظايا في قدميه، وتم علاجه.
موعد مع الشهادة
وأشار محمد إلى أن جميع أفراد العائلة يتوقعون استشهاد نجلهم في أي وقت، لأنه كان دائم الطلب للشهادة، إلا أن وقع النبأ كان قوياً على أمه الصابرة وعلى شقيقات الشهيد لأنه كان الأقرب لهن.
ويضيف شقيقه :" قبل استشهاد أخي بيوم جلس مع أطفالي الصغار وأهلي وودعهم بقوله (غداً عرسي على الحدود) ".
أحد أصدقاء الذين قاموا بإسعافه لحظة إصابته أكد لـ "فلسطين الآن " ، أن الشهيد سلامة قام برفع العلم الفلسطيني على السياج الفاصل قرب موقع (الفراحين) العسكري، بعدها قام أحد القناصة بإصابته برصاصة في صدره أدت لاستشهاده بعد دقائق قليلة.
وأضاف :" عنما أصيب قمنا بحمله للإسعاف، قال لنا أنا شهيد، وذكر الشهادتين ، وفارق الحياه" منوهاً أن الشهيد وصديقه الآخر تعاهدا قبل الذهاب للمواجهات، بأن يشفع أحدهما للآخر إن استشهد.
الشهيد سلامة أبو جامع شيعته الجماهير بعيد غروب الشمس، بعد أن صلوا عليه، وألقيت نظرة الوداع الأخيرة عليه، ولم تدر الجماهير، أنه ومع صباح اليوم التالي من استشهاده هو يوم ميلاد الشهيد 07-11-1993م.