ما يهم الكيان الإسرائيلي حماية مصالحه الحيوية وغير معني ببقاء الأسد او غيابه، هذا ما أكده الناطق باسم الكيان جندلمان والى جانبه القادة العسكريون الصهاينة، التأكيد على المصالح الحيوية جاء بعد الغارات التي شنتها الطائرات التابعة للكيان على الاراضي السورية بحجة تدمير مخازن لصواريخ سكود؛ علما بأنه لم يتبق شيء من هذه الترسانة، فالمرجح ان الغارات الاسرائيلية حملت رسالة لموسكو التي قصفت المناطق الجنوبية بالقرب من القنيطرة مؤخرا، فالكيان الإسرائيلي ممثل بقواته الجوية يعتبر جنوب سوريا منطقة عملياته ومجاله الحيوي، والنشاطات العسكرية الروسية تمثل تهديدا لهذه المصالح الحيوية من خلال التمدد نحو الخاصرة الشمالية والشرقية للكيان الاسرائيلي.
الدبلوماسية والتنسيق والحوار في سوريا ليس كافيا وحده لرسم خطوط التماس وتحديد المجالات الحيوية للاطراف المنخرطة في الازمة السورية، فروسيا رغم تنسيقها المعلن مع الكيان الاسرائيلي الا انها تجاوزت الخطوط الحمراء المتفق عليها، فالغارات الروسية لم تحترم الاتفاق، ولم تعترف بهذه المنطقة كمنطقة نفوذ وعمليات للكيان الاسرائيلي، ما دفع الاخيرة لتوجيه رسائل مماثلة لموسكو مع التأكيد على عدم اهتمامها بتغيير المعطيات السياسية التي تؤثر على السياسة الروسية والمتعلقة ببقاء الاسد او الاطاحة به.
تمتد المصالح الخاصة بالكيان الاسرائيلي جنوبا باتجاه لبنان والاردن، واي اختراق روسي لما يمكن تسميته المجال الحيوي للكيان الاسرائيلي سيعتبر تهديدا وخلطا للأوراق، بهذا المعنى وبتلك الأدوات الدبلوماسية والعسكرية يحاول قادة الكيان الاسرائيلي تعريف مصالحهم في المنطقة العربية بل ورسم معالم دور اقليمي يمتد الى الدول العربية المتاثرة بالازمة السورية وعلى رأسها لبنان والاردن.
الأداء الاسرائيلي لا يختلف عن أداء وأدوات الولايات المتحدة الامريكية كثيرا، خصوصا بعد قرار واشنطن إرسال مستشارين عسكريين الى مناطق الاكراد في سوريا لمنع توسع وتمدد النفوذ الروسي الى مناطق النفوذ الامريكية او الى الحاضنة الكردية، جهود تمتد الى العراق ذاته بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي اشتون بان العبادي لن يطلب المساعدة العسكرية من روسيا.
المصالح الحيوية الإسرائيلية مفهوم خطير ومقلق، اذ يفترض عدم وجود مصالح عربية او قوى عربية قادرة على رسم خطوط التماس والمجالات الحيوية والفضاءات التي تعمل فيه بمعزل عن المصالح الاسرائيلية او الأمريكية، بل ان الكيان الاسرائيلي يسعى من خلال حواره مع روسيا ونشاطه العسكري الى تمثيل هذه المصالح، خلل كبير سيجعل الدول العربية المجاورة لسوريا أقل فاعلية وينقلها بالتدريج الى حالة اعتماد كامل على الكيان الاسرائيلي وامريكا، خلافا للحالة التركية، فتعريف المصالح العربية يجب ألا يمر من خلال التعريف الصهيوني والامريكي، حتى لايحول أمنها ومصالحها الى رهينة بيد قوى اقليمية ودولية لا تبالي بالمصالح العربية، وتنظر اليها كورقة يمكن المساومة عليها في حالات تعقد المشهد وتأزمه مستقبلا.
