20.55°القدس
20.3°رام الله
19.42°الخليل
24.88°غزة
20.55° القدس
رام الله20.3°
الخليل19.42°
غزة24.88°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

استمرار الانتفاضة مرهون باتفاق الفلسطينيين

عدنان ابو عامر
عدنان ابو عامر
عدنان أبو عامر

تدخل الانتفاضة الفلسطينية شهرها الثاني، وما زالت الفصائل والقوى السياسيّة غير متّفقة على ماهيّتها، أهدافها وأساليبها، وهو ما يضع بدوره تحدّيات كبيرة على إمكان استمرارها، في ظلّ رغبة كلّ فصيل في تحقيق طموحاته السياسيّة عبر المواجهات الجارية مع الإسرائيليّين.

وتعيش الساحة السياسيّة الفلسطينيّة حالة من عدم الاتّفاق حول طبيعة المواجهات الحاصلة مع الإسرائيليّين منذ أواخر أيلول/ سبتمبر وأوائل تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضيين، بين من يعرّفها بالانتفاضة، وآخر يصفها بالهبّة الشعبيّة، وثالث يعتبرها احتجاجات على اقتحامات (إسرائيل) المسجد الأقصى.

يرى معظم القوى والتنظيمات الفلسطينيّة ضرورة استمرار هذه الانتفاضة، حتّى تحقيق أهدافها التي لم يتّفق الفلسطينيّون في مجموعهم عليها بعد، سواء كانت وضع حدّ للسياسة الإسرائيليّة ضدّ المسجد الأقصى، أم العودة إلى المفاوضات مع السلطة الفلسطينيّة، أم وقف عجلة الاستيطان في الضفّة الغربيّة.

ففي حين تدعم فتح الهبّة الجماهيريّة في المناطق الفلسطينيّة، من دون استخدام السلاح، لكن حماس تعتبر ما يجري في القدس والضفّة الغربيّة انتفاضة بكلّ معنى الكلمة، ويكشف هذان الموقفان الخلاف الجوهريّ بين فتح وحماس، في تشخيصهما الانتفاضة، ورؤيتهما لمآلاتها، والأدوات المستخدمة خلالها، بين فتح المطالبة بإبقائها شعبيّة سلميّة، وحماس الداعية لضرورة تسليحها وعسكرتها، وهذا ليس خلافا على الأساليب الشكليّة فحسب، بل على مضمون الانتفاضة، وجوهرها.

وهذا يعني أنّه في ذروة المواجهة الفلسطينيّة مع الإسرائيليّين، لا يبدو أنّ السلطة الفلسطينيّة في طريقها لكسر قواعد اللعبة مع (إسرائيل)، وقد ترى في هذه الهبّة الشعبيّة فرصة لـتحريك المفاوضات معها، وليس لتحرير الأراضي المحتلّة، وهناك فرق جوهريّ بين الهدفين، وسيتبعهما خلاف في الأدوات المستخدمة ضدّ الإسرائيليّين.

صحيح أنّ الانتفاضة حقّقت إنجازات مباشرة وسريعة، وأدّت لتراجع الاحتلال عن استباحة المسجد الأقصى، وشكّلت رادعاً للمستوطنين، لكنّ الركيزة السياسيّة لحماية الانتفاضة تتطلّب التحلّل من اتّفاقيّة أوسلو، والتزاماتها الأمنيّة والاقتصاديّة، وهو ما يتطلب من السلطة الفلسطينيّة ألّا تساوم على الانتفاضة بالدخول في مفاوضات عبثيّة مع (إسرائيل)، أمّا الفصائل فتحتاج ‏إلى أن تراجع سياساتها بعيداً عن الانتهازيّة السياسيّة.

تشير مراجعة سريعة لمواقف الفصائل إلى ما يمكن اعتبارها نقاط ضعف الانتفاضة، خصوصاً انقسام الفلسطينيّين منذ عام 2007، ممّا قد يشكّل التهديد الأبرز للانتفاضة، لكنّ المثير أنّ خلافات الفلسطينيّين لم تقتصر على الفصائل، وهو أمر متوقّع، نظراً لحساباتها الحزبيّة، فيما ارتفعت أصوات عدّة في الأيّام الأخيرة من كتّاب فلسطينيّين معروفين يطالبون بعدم الاستعجال في الانتفاضة قبل الاتّفاق على أهدافها.

جزء من الفلسطينيّين مقتنع بأنّ الظرف السياسيّ قد لا يساعدهم على إنجاح انتفاضتهم، ممّا يجعلهم غير منخرطين جميعاً في أحداثها، واقتصارها على مدن عدّة في الضفّة الغربيّة كرام الله والبيرة والخليل، وغياب مدن كبيرة كنابلس وجنين عنها، على الرغم ممّا تقوم به حماس من ضخّ إعلاميّ لإشراك الفلسطينيّين في الانتفاضة.

قابل الانتفاضة التي تشهدها ميادين الضفّة الغربيّة، نشاط بحثيّ وفكريّ محموم في غزّة، التي شهدت عقد ندوات وحلقات نقاش عدّة لبحث مستقبل الانتفاضة بصورة ملفتة، حول آفاق الانتفاضة وتحدّياتها، وتطرح هذه الفعاليّات حول الانتفاضة في غزّة أكثر من الضفّة الغربيّة، سؤالاً محوريّاً في نقاش الفلسطينيّين: فهل تريد غزّة إشعال الانتفاضة في الضفّة الغربيّة، فيما يسودها هدوء أعقب الحرب الإسرائيليّة ضدّها في عام 2014، وتخشى تكرارها، أم أنّ النخب الثقافيّة في الضفّة ليست متشجّعة للانتفاضة، فلا تشغل نفسها بالحديث فيها؟

لا شك أن هناك تحدّيات جدّية أمام الفلسطينيّين تتعلّق في مدى امتلاكهم القدرة السياسيّة على ترجمة تضحيات الانتفاضة إلى إنجازات ملموسة، أم سيكتفون بحصر عدد الشهداء، وترقّب العمليّات المسلّحة ضدّ الإسرائيليين، وماذا سيفعلون لو طالت الانتفاضة إلى أمد طويل، فهل سيديرونها بأساليب الانتفاضات السابقة نفسها، أم سيتركونها تسير بلا أهداف"؟

قد تكون خلافات الفلسطينيّين في هذه الانتفاضة مختلفة عن سابقتيها، الأولى في عام 1987، والثانية في عام 2000، فهي تحصل وسط انقسام سياسيّ وجغرافيّ حادّ، يلقي بظلاله على مخاوف كلّ فصيل من تطلّعات الفصيل الآخر من الانتفاضة، ممّا يجعلها تسير من دون خطّة ميدانيّة أو برنامج سياسيّ متّفق عليه، ممّا لا يمنح أحدا فرصة توقّع كيف ستكون نتائج الانتفاضة.