20.55°القدس
20.3°رام الله
19.42°الخليل
24.88°غزة
20.55° القدس
رام الله20.3°
الخليل19.42°
غزة24.88°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

ما الذي أزعج الصهاينة في فوز «العدالة والتنمية» التركي؟

صالح الننعامة
صالح الننعامة
صالح النعامي

على الرغم من التزام القيادة الصهيونية الصمت في أعقاب الفوز الكاسح الذي حققه حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات التشريعية التركية مؤخراً، إلا أن ما صدر من تعليقات عن نخب اليمين البحثية والإعلامية المرتبطة بدوائر الحكم في تل أبيب يدلل بدون أدنى شك على واقع الصدمة التي تعيشها حكومة نتنياهو، والتي راهنت على حدوث تآكل على شعبية الحزب. ومما فاقم من حالة الإحباط لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب حقيقة أنها تخشى أن يفضي نجاح أردوغان في تعزيز قوة حزبه إلى حدوث تدهور في مكانة «إسرائيل» الإقليمية، سيما وإن «إسرائيل» ترصد مظاهر ضعف قد تفضي إلى انهيار نظام عبد الفتاح السيسي، الذي يعد أهم حليف لها في الإقليم.

  وقد كشفت صحيفة «جيروسلم بوست» الجمعة الماضي النقاب عن تقرير أمريكي أعد بعد محاورة عدد كبير من المسؤولين الأمنيين والسياسيين في تل أبيب، دلل على أن هناك قلقا حقيقيا على مستقبل النظام في القاهرة. ومن الواضح أن استقرار نظام الحكم في أنقرة وتهاوي النظام الانقلابي في القاهرة يمثل وصفة لتدهور المكانة الإستراتيجية للكيان الصهيوني. وقد دفع الاحباط وسائل الإعلام الصهيونية ذات التوجه اليميني على التحريض على الرئيس التركي طيب رجب أردوغان وتحذير الغرب من مغبة «الصمت» على توجهه المتواصل لتهديد المصالح الإسرائيلية.

  فعلى سبيل المثال كررت نخب صهيونية يمينية الدعوات التي ظل يطلقها وزير الحرب موشيه يعلون لإخراج تركيا من صفوف حلف «الناتو» على اعتبار أنها باتت تحت حكم أردوغان تدعم «الإرهاب». وقد بلغت الوقاحة الحد الذي جعلت بعض النخب الصهيونية تطالب بمحاسبة تركيا بسبب ما تدعي سجلها في مجال حقوق الإنسان تحت حكم أردوغان، وكأن من يديرون شؤون الحكم في تل أبيب يتبنون نهج الأم تريزا. لكن المزيد من النخب الصهيونية تكشف عن حقيقة وخلفية المخاوف التي أثارها فوز «العدالة والتنمية» لدى صناع القرار في تل أبيب. فبعض النخب تشير إلى أن تجديد الثقة بحكم أردوغان يعني منحه ضوءا أخضر لمواصلة خطه المتشدد ضد الكيان الصهيوني، مشيرة بشكل خاص إلى أن كلاً من أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو عكفا مؤخراً على «أسلمة» الخطاب السياسي التركي بشكل غير مسبوق، سيما حرصهما على «اقحام» قضية القدس في الجدل السياسي الداخلي. وحسب هذه النخب، فإن خطورة هذا النهج يتمثل في أنه يعزز من مكانة قضية القدس في الوعي الجمعي للمسلمين في جميع أرجاء العالم بشكل يفاقم من المخاطر على «إسرائيل»، سيما في ظل حملات التدنيس التي يتعرض لها الحرم القدسي الشريف.

وقد كان وزير الخارجية الصهيوني السابق أفيغدور ليبرمان الوحيد من قادة الأحزاب الصهيونية الذي عبر علناً عن قلقه من فوز «العدالة والتنمية»، حيث اعتبرها دليلاً على أن الأتراك اختاروا التصعيد مع تل أبيب، مشدداً على ضرورة أن يستعد الكيان الصهيوني للرد بكل قوة على «استفزازات» أردوغان. ولم يتردد ليبرمان في وصف أردوغان بأنه «أحد أخطر أعداء الشعب اليهودي»، مشدداً على ضرورة توقف حكومة تل أبيب عن محاولة المصالحة مع تركيا مادامت تحت قيادته.
من ناحيته حث المستشرق الصهيوني إيلي أفيدار على التعاطي مع تركيا تحت حكم أردوغان كدولة «عدو»، معيداً للأذهان حقيقة أن الأتراك تحت حكم أردوغان لم يترددوا في الكشف عن اسماء عملاء جهاز الموساد وتزويد إيران بقائمة من الإيرانيين الذين تمكن الجهاز من تجنيدهم، وكان يعكف على الالتقاء بهم في المدن التركية. ويرى أفيدار وجوب بناء إستراتيجية جديدة في مواجهة تركيا أردوغان. ولا يفوت المعلق العسكري الصيوني أمير بوحبوط أن يذكر بأن أكثر ما عبر عن التوتر في العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا تحت حكم أردوغان تمثل في تعمد الجيش التركي مضايقة كل من سلاحي الجو والبحرية الصهيوني في أكثر من حادثة، بحيث تعرضت طائرات وسفن تركية لطائرات وسفن صهيونية، بشكل كاد أن يفضي إلى «كوارث. وقد أخذ عدد من الصحافيين الصهاينة يهاجموه فقط بسبب دوره في نصرة الشعب الفلسطيني.

فقد اعتبره الصحافي بن كاسبيت أردوغان حلقة قوية في «محور الشر» واصفاً إياه بـ «ماكنة دعاية سوداء» تعمل ضد الكيان الصهيوني، منوهاً إلى أن كل من راهن على أن تكون تركيا حليفة مركزية لتل أبيب، خاب ظنه. وعد كاسبيت أردوغان المركب الأساس في حملات نزع الشرعية عن «إسرائيل» في الساحة الدولية من خلال تهجماته عليها، داعياً إلى مواقف أكثر تصميماً في مواجهته. وهناك من دعا إلى مواصلة تعزيز التحالف الإقليمي الذي نجحت تل أبيب في تدشينه في مواجهة تركيا، ويضم مصر واليونان وقبرص. ويقول وكيل الخارجية الصهيوني الاسبق ألون ليفين إنه يتوجب محاصرة تركيا وبناء تحالفات مع الدول التي هي في حالة خصومة استراتيجية معها. ويذهب ليفين بعيداً عندما يدعو صراحة إلى عدم تردد تل أبيب في إيذاء تركيا عبر تعظيم التحديات التي تواجهها، وعلى رأس ذلك مد حزب العمال الكردستاني بالسلاح والمال من أجل تمكينه من انهاك تركيا، وذلك لمنع حكومة أردوغان من التفرغ للعمل ضد تل أبيب في المنطقة. ولا حاجة للتذكير بأن دوائر صنع القرار في تل أبيب قد تبنت قرارا إستراتيجيا يتمثل في قيادة جهد دبلوماسي لإقناع العالم بالسماح ببناء دولة كردية، على اعتبار أن هذا الخيار يقلص هامش المناورة أمام القيادة التركية، وهذا ما عبر عنه نتنياهو بشكل صريح في أكثر من مناسبة.