25.55°القدس
24.58°رام الله
24.42°الخليل
26.51°غزة
25.55° القدس
رام الله24.58°
الخليل24.42°
غزة26.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

إحياء قرار الجمعية العامة (3379) تصحيح لخطأ إستراتيجي

علي هويدي
علي هويدي
علي هويدي

بتاريخ 10/11/1975م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (3379)، الذي ينص على أن "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري"، حينها لم يتمالك ممثل الكيان العبري في الأمم المتحدة حاييم هرتسوغ نفسه، ليقف أمام ممثلي الدول الأعضاء وليمزِّق نص القرار قائلاً: "الأمم المتحدة التي صاغت القرار هي نفسها من سيُلغيه"، وبعد 16 عاماً بتاريخ 16/12/1991م شطب القرار واستبدل به قرار الجمعية العامة رقم (8646)، الذي صاغه نائب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك لورنس إيغلبرغر بعبارة: "تقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم (3379)".

لا يكاد يختلف اثنان أن صفة العنصرية لم تنفصل عن الصهيونية، فما الذي يدفع 73 دولة صدقت على قرار بهذه الأهمية الإستراتيجية في عام 1975م إلى التراجع ليصبح في عام 1991م عدد الدول التي وافقت على الإلغاء 111 دولة، فهل تغيرت الصهيونية ولم تعد شكلاً من أشكال العنصرية؟، أوليست "القوانين" الصادرة عن الاحتلال بمصادرة أراضٍ للفلسطينيين والبناء عليها بعنصرية؟!، أوليس إحراق الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم وهم أحياء بعنصرية؟!، أوليس خطف الأطفال الفلسطينيين وتعذيبهم وإحراقهم حتى الموت بعنصرية؟!، أوليس إعدام الشبان والشابات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بدم بارد بعنصرية؟!، أوليست محاولات تهويد الإنسان والحجر بالقدس والأقصى بعنصرية؟!، أوليست مطالبة الاحتلال بشطب قضية اللاجئين وحق العودة والطلب للفلسطينيين والعالم بالاعتراف بيهودية الدولة بعنصرية؟!، أوليس عد القرى والبلدات المهجرة داخل فلسطين المحتلة عام 1948م مناطق مغلقة وعسكرية وتابعة لـ"الدولة"، وأهلها مُهجَّرون يسكنون بالقرب منها ويُمنعون حتى من زيارتها بعنصرية؟!، وهذه الأمثلة ليست بحصرية.

في عام 1975م لم تكن المرة الأولى التي يقر فيها المجتمع الدولي بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية؛ ففي نهاية خمسينيات القرن الماضي تبنى المؤتمر الدولي الذي عقد في القاهرة بتاريخ 26/12/1957م لتضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية الفقرة الأولى من تقرير الأوضاع في فلسطين، الذي قدمه الوفد الفلسطيني المشارك، وتنص على "أن مشكلة فلسطين إنما تنبع من مؤامرة إمبريالية صهيونية رمت إلى طرد السكان الأصليين من وطنهم بحيث يمكن إنشاء دولة تجسد المصالح الإمبريالية، لها مخططات الصهيونية التوسعية العنصرية العدوانية". 

استشعرت الحركة الصهيونية الخطر الداهم على مشروعها الإستراتيجي، وما الذي يمكن أن يحققه القرار الأممي من تمهيد لزوال كيان الاحتلال، لتبدأ معركة جديدة من معارك الدهاء والخبث السياسي والدبلوماسي والعلاقات العامة للكيان الصهيوني وحلفائه باستهداف الدول التي أيدت القرار، وممارسة الضغط السياسي والاقتصادي بانتظار الظروف المناسبة للمطالبة بالإلغاء. 

في الذكرى الأربعين لإنشاء الأمم المتحدة وجه الرئيس الأمريكي رونالد ريغن كلمة إلى الأمم المتحدة، يبلغها فيها رسميّاً بأن "القرار (3379) أبشع قرار اتخذته الأمم المتحدة في مجمل تاريخها"، وطالبها بإلغائه، في المقابل اتخذت آلاف المنظمات غير الحكومية قراراً بإعادة الاعتبار للقرار (3379)، خلال مؤتمر ديربان لمناهضة العنصرية الذي عُقد في جنوب أفريقيا، وفي ليلة 31/8 – 1/9/2001م تحوَّل الحدث إلى الخبر العالمي الأول، ترتب عليه انسحاب الكيان العبري وأمريكا من المؤتمر. 

يا للأسف!، في الوقت الذي كان فيه اللوبي الصهيوني وحلفاؤه يسعون للإلغاء لم يكن هناك على التوازي حراك فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي لتثبيت القرار وممارسة المزيد من التوعية والتعريف، بعد 40 سنة على صدوره ونحو 24 سنة على إلغائه يمكن إعادة الاعتبار وإحياء القرار من جديد، وتصحيح خطأ إستراتيجيّاً ارتكبته الأمم المتحدة بحق القضية الفلسطينية، كوْن عنصرية الكيان الصهيوني تتنافى هي وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكل القوانين والأعراف السماوية والوضعية، فالظروف الموضوعية قائمة، والشواهد لا تكاد تحصى، لكن بحاجة إلى إرادة سياسية فلسطينية وعربية وإسلامية رسمية، وأدوات فصائلية وشعبية مُحرِّكة وفاعلة.