عندما تبدأ الشمس بالتسلل من وراء الغيوم لتغوص في البحر الهائج وتبدأ ريشة الظلام بتلوين سماء غزة لا يبقى أمام أبو مالك وأبنائه الخمسة وزوجته سوى الكانون والنار فيلتفوا حوله جميعا وكل يروي ما حدث معه خلال اليوم. وفي ظل أجواء المطر والبرد الشديدين والانقطاع المتواصل للكهرباء ونفاذ البترول من بيوت قطاع غزة تنعدم سبل التدفئة ولا يبقى سوى ذلك "الكانون الملتهب بالنار" ليلتف حوله الغزيين ويستمتعون بقليل من الشاي العربي. [title]متعة وألم[/title] ولكن متعتهم دائما تمتزج بالمعاناة والألم فحتى جلسات "الكانون الليلة" لا تخلو من الحديث عن المشاكل و"قلة الحيلة" وذلك اليوم المرير الذي يعيشه المواطن في غزة دون كهرباء أو ماء أو وقود أو حتى هواء نقي. أبو مالك لا يملك أن يفعل شيئا في ساعات الليل المظلمة الباردة سوى إشعال "كانون الحطب" وشوي البطاطا واحتساء الشاي والقهوة العربية، بحسب ما يقول. ويضيف:"لا نتحدث إلا بمشاكلنا اليومية فابني الأكبر يعاني من مشكلة عدم قدرته على العمل بسبب إصابته وواحد من أبنائي يعمل كمستخدم في إحدى المؤسسات ويتحدث عن عجرفة الموظفين وهكذا كل يتحدث عن مشاكله وهمومه اليومية فتتحول تلك المتعة المنشودة إلى هم كبير". أبو مالك ليس وحده هكذا فربما معظم الغزيين يعانون من مشاكله، ولكن الحال عند محمد المدني (49 عاما) يختلف قليلا فهو كما يقول يمر بالمشاكل الغزية كغيره ولكنه "يطنشها" ويجلس مع أصدقائه يوميا أمام منزله ويشعلوا النار ويتبادلون أطراف الحديث أيضا عن المشاكل ولكن بلهجتها الكوميدية المضحكة. ويقول المدني: "الحال واحد عند جميع المواطنين فالكل يعاني من مشاكل والأزمة تشمل الجميع ولكن كثرة الحديث عن الهموم لن تحلها وربما تزيدها لذلك أجلس مع أصدقائي ولا نتحدث إلا عن كرة القدم وعندما نتحدث عن الهموم نروي تلك النكات التي يتبادلها المواطنين عن الكهرباء والوقود". [title]على الانترنت[/title] على الانترنت لا يختلف الحال كثيرا ولكن بدلا من إشعال النار يشعل الشباب الغزيون الأجواء بنكات مضحكة لهموم مبكية. ويقول الشاب خميس الكيلاني على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر":"غزة تحت الظلام ليس احتفالا صاخب للعشاق أو حفله عيد ميلاد جماعية إنما لا يوجد كهرباء لنفاذ الوقود". أما محمد القوقا فنقل خبرا على صفحته على "فيسبوك" قال فيه:" ملكة إسبانيا تقيل كنعان عبيد الإسباني بعد فضيحة قطع الكهرباء 13 ثانية عن ستاد السنتياغو برنابيو في مباراة ريال مدريد والراسينغ أمس". ويعلق عليه الشاب صبحي حامد:"الوضع في غزة أصبح لا يطاق، نصف كهرباء، ونصف إنترنت نصف كل شيء".