22.79°القدس
22.59°رام الله
21.64°الخليل
26.47°غزة
22.79° القدس
رام الله22.59°
الخليل21.64°
غزة26.47°
الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
4.97جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.14يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.97
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.14
دولار أمريكي3.72

لا تقلل من شأن البدايات الصغيرة

Picture 1
Picture 1

في عام 1999 حانت الفرصة للمدرب الرياضي جيسون فيد Jason Feid العامل في مدرسة نورث اطلبورو North Attleboro الإعدادية في ولاية ماساشوستش كي يحصل على معدات رياضية للمدرسة، لكن المقابل كان جمع تبرعات لجمعية القلب الأمريكية للتوعية بمخاطر السكتة القلبية وأمراض القلب ولتمويل أبحاث علاجها. على سبيل تشجيع طلاب المدارس الأمريكية وتوعيتهم بأهداف جمعية القلب الأمريكية، في مقابل كل دولار يتبرع به هؤلاء الطلاب، كانت الجمعية تكافئهم بشراء معدات رياضية لمدارسهم، تشجيعا لهم على ممارسة الرياضة، والإلمام بمسببات أمراض القلب.

كانت الفكرة واعدة للمدرب، فهو سيخرج فائزا على أي حال، فالطلاب سيعرفون معلومات مفيدة بشأن مرض عضال، وفي الوقت ذاته ستذهب التبرعات لشراء آلات رياضية يحتاجها الطلاب. استعان جيسون بزميله المدرس جون دمبسي لمساعدته على تنظيم جمع التبرعات، حيث ساهم معهما 30 طالبا في فعاليات حفل أقيم على ملعب كرة السلة، والذي انتهى بجمع مبلغ 630 دولار فقط.

شعر جيسون بخيبة أمل كبيرة، فمبلغ التبرعات كان أقل من توقعاته بكثير. رغم ذلك، وفي الموعد ذاته من العام التالي، جاءت الدعوة لجيسون كي ينظم ويدير الحفل ذاته مرة ثانية. تعجب جيسون من هذه الدعوة، وهو من جمع مبلغا هزيلا للغاية. لم يتردد جيسون أو يرفض، فهو كان يدرك في قرارة نفسه أنه قادر على فعل ما هو أفضل من العام الماضي. هذه المرة اشترك 160 طالبا في الخطة الجديدة التي وضعها جيسون وأضاف لها فعاليات أكثر، وكانت النتيجة جمع تبرعات قدرها 2732 دولار.

في العام الثالث اشترك 353 طالبا في تنظيم الفعاليات، جمعوا معا تبرعات قدرها 16811 دولار. شهد العام الرابع تفاعلا أكبر وأشمل، إذ شارك 522 طالبا، والذين أحضروا معهم ذويهم وأصدقائهم ومعارفهم وجيرانهم، الأمر الذي انتهى بهم وقد جمعوا تبرعات قدرها 30722 دولار. في العام الخامس اشترك 793 طالبا والذين جمعوا 58709.24 دولار. خلال عشر سنوات، جمع طلاب هذه المدرسة ما مجموعه 535 ألف دولار من التبرعات، وأما أكبر قدر من التبرعات جمعوه في عام واحد فكان 102 ألف دولار.

في عام 2011 وقف جيسون ليخاطب الطلاب ويهنئهم على ما جمعوه من تبرعات، ورغم أن المبلغ هبط إلى 60 ألف دولار – ربما بسبب الأزمة المالية التي عصفت بأهل البلاد، لكنه شد على أيديهم وذكرهم بأن هذا المبلغ سيذهب في القنوات الصحيحة، فلا شيء أغلى من صحة الانسان. يشارك كثيرون في هذا الحفل السنوي، ولكل واحد قصة يرويها، فهذا خسر صديقه الشاب وهذه شاهدت والدها يمر بأزمة قلبية، فمرض القلب لا يوفر صغيرا ولا يترك سليما، وبفضل الله يمكن مقاومة أمراض القلب بالتغذية الصحية الخضراء وممارسة الرياضة بشكل دوري والرضا بقضاء الله والتسليم لحكمته.

على أن المال ليس الجائزة، بل العلاقات الاجتماعية التي يبنيها كل من يحضر هذا الحفل، فمن سيفوت فرصة إسقاط مدرسه في خزان ماء إن هو أسقط الكرة في السلة من مسافة بعيدة، ومن سيرفض إبراز قوة عضلاته أمام زميلاته وزملائه. هذا التفاعل القوي جعل مسؤولي جمعية القلب يحضرون الحفل ليراقبوا عن قرب أسباب نجاحه، وليشاركوا بما لديهم من معلومات عن هذا المرض وطرق مقاومته.

من 28 ألف مدرسة أمريكية، تأتي مدرسة جيسون في المقام الأول بأكبر قدر من التبرعات السنوية، ولأكثر من عقد من الزمان، الأمر الذي جعل جيسون مطلوبا لإلقاء الكلمات التي يشرح فيها سر نجاحه، وكيف نجح في إلهام الطلاب وذويهم وأقاربهم للمشاركة في جمع التبرعات. لم تعد مسؤولية جيسون قاصرة على طلاب فصله أو مدرسته، فهو يحاضر في شرق البلاد وغربها، شارحا مخاطر أمراض القلب، وضرورة العمل على التوعية بها، وما الأشياء الممكن عملها لخدمة هذا الهدف النبيل.

يقف جيسون ويحكي لهم كيف أن 630 دولار في العام الأول، وصلت به إلى ما وصل إليه. إن الانسان ليشعر وكأنه ملك الدنيا حين يعلم أنه قد ساهم في تغيير حياة انسان آخر للأفضل، فما بالك بتغيير حياة الصغار للأفضل، وجعلهم يغيرون حياة غيرهم بدورهم. لا تقلل من شأن أي بداية صغيرة، فما يهمنا هو أين ستنتهي.