14.43°القدس
14.15°رام الله
13.3°الخليل
18.35°غزة
14.43° القدس
رام الله14.15°
الخليل13.3°
غزة18.35°
الأحد 05 مايو 2024
4.66جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.66
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.72

برصاص الجيش المصري

الطفل "مقداد" دخل البحر آمنًا وخرج شهيدًا

_MG_4604
_MG_4604
رفح - محمد كمال

لم يتوقع المواطن محمد مقداد أن يكون إصرار طفله للخروج معه إلى البحر للصيد هو إصرار على فقد وفراق سيتجرع مرارته بقدر ملوحة مياه البحر التي غيبته عن الحياة برصاصة أردته قتيلًا شهيدًا، وليزداد الألم أن اليد القاتلة هو الجيش المصري.

في ظل الحصار والخنق والاعتداءات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، تزداد وجوه المعاناة للمواطنين في قطاع غزة من قبل الجانب المصري، فتغرق حدوده بمياه البحر المالحة ويُغلق معبر رفح أمام حركة المسافرين وليقتل الصيادون في مياه البحر آخرهم طفلٌ لم يتجاوز السادسة عشر من عمره.

دخل فراس البحر آمنًا في مركبه معافًا في جسده ليخرج منه شهيدًا، امتلأ المركب بدمائه واخترقت رصاصة ظهره واستقرت في قلبه ، وتستعرض "فلسطين الآن" خلال تقريرها جانبًا من حياته وتفاصيل استشهاده ممن كانوا برفقته.

جانب من حياته

ولد الطفل فراس محمد مقداد (   16عامًا( عام 1999م في مدينة رفح، وهو الابن الثالث لعائلة فلسطينية تقطن في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة تعود جذورها الأصلية لبلدة "حمامة".

درس مقداد مرحلته الابتدائية والإعدادية في مدرسة العمرية، وتوجه إلى دراسة المرحلة الثانوية في مدرسة فتحي الشقاقي ولكنه لم يكملها ليتوجه إلى كلية تدريب غزة التابعة لوكالة الغوث ليدرس تخصص صيانة سمعيات ومرئيات، ومكث فيها شهرين فقط وكانت الشهادة له أسبق.

خلال حديث والده محمد مقداد مع "فلسطين الآن" أشار أن ابنه فراس كان له ارتباطًا كبيرًا جدًا بجدته، وهي أيضًا متعلقة به جدًا وكانت تسكن في منطقة البحر فلا يمكث هنا يومين إلا ويريد رؤيتها ويبكي حتى يرجع إليها، ويوميًا ينزل لها ويضحك معها ويمازحها.

ويصف ابنه بقوله: "الكل في أهل البيت يحبه كان ضحوكاً، وعليه مصطلحات تدخل السرور على من حوله، كان حنونًا على الصغار، يمسك إخوانه الصغار ويلاعبهم ويطعمهم، يحب أن يعمل أكله لوحده وقبل استشهاده بيوم أكمل طبيخ البيت لوحده في ظل وجود مصلّح الثلاجات".

كان الصيد لدى فراس موهبة وهواية وليس حرفة، يحب البحر لعلاقة أهله ووالده به حيث كانوا يقطنون في منطقة البحر قبل أن ينتقلوا إلى حي تل السلطان، أحبه ماهرًا في السباحة والصيد ومصدرًا لبعض رزقه هو وعائلته.

آخر أيامه

تقرّب فراس من والده كثيرًا آخر حياته رغم أنه اثنين من الأبناء يكبرونه سنًا، وقال والده لـ"فلسطين الآن":" كان أقرب واحد إلي خصوصًا منذ سنة كان قريبًا جدًا لأنه بطل".

لم يتمالك والد فراس دموعه وهو يتحدث عن السبت الأخير الذي قضاه ابنه في حياته قبل استشهاده بأيام حيث توجه إلى السوق واشترى ملابس له لم يرتديها بعد، واشترى لوالده ملابس وقال له: "خذ إلبس يا أبو العبد وقول عن فراس عاطل"، كانت الدموع حاضرة في هذا الموقف.

يوم الأربعاء قبل يوم من استشهاده التزم فراس بيته ، يتابع والده:" يوم الأربعاء تحدث معي كثيرًا كثيرًا وكأنه يريد أن يشبع مني وأشبع منه ، الحوار الذي كان بيني وبينه رجل لرجل".

وأضاف:"لم يخرج من البيت وأخذ يصلح ويرتب في غرفته، المكتبة الكراسي الدروج، كان كل درج له أغراضه، ومحضر عدة كاملة له ، وكان يريد أن يمد لمبة ضوء فوق الطاولة حتى يشترى عدة كاملة لتساعده في عمله الصيانة حتى يتعامل مع المكوى".

خرج فراس صباح الخميس الذي استشهد فيه إلى معهد التدريب في غزة وعاد إلى منزله قبيل العصر، تناول طعام الغذاء وكان معجبًا بطعام والدته وأخذ يمازحها ويقول:"والله حاسس يا أم العبد أنت إلي عاملة هذه الأكل"، يبكي والده وهو يروي هذه الكلمات.

طلب فراس من والده بعد صلاة العصر التوجه إلى البحر للصيد ولكن والده كان متعبًا ورفض الخروج وأشار عليه أن يصطحب عمه زياد فرفض عمه وبعد محاولات إقناع من فراس قبل وخرجا برفقة شخصين من أصدقائهما.

تفاصيل استشهاده

وبدوره يروي عم الشهيد زياد مقداد لـ"فلسطين الآن" حادثة استشهاده برصاص الجيش المصري حيث كان معه، ويقول:" وصلنا البحر تقريبا 3:30 عصرًا، ودخلنا البحر وكالعادة نرمي الشبك في المياه، وفي منتصف الطريق سمعت صوتًا وسألت فراس هل أطلقوا نار؟ فلم يجب".

وأضاف:" أصبح إطلاق النار كثيف وقريب جدًا منا، قلت لهم اختبئوا، وفعلا كنا أربعة أشخاص ودارينا في أجسامنا المنطقة التي ليس فيها خطر ومنطقة الخطر مبينة".

ويتابع التفاصيل:"فراس كان راقد في المركب وما أن هم برفع نفسه قليلا إلا وأصابه طلق، وضع يده على صدره، قلت له: هل أصبت؟ ، فأومأ برأسه ورمى نفسه علي، وإذا ببركة دم تحته، وألقيت الشبك في المياه وخرجت بسرعة وأقل من خمس دقائق كان الحدث منتهي".

وأكد مقداد أنهم كانوا يبعدون عن الحدود قرابة 500 متر، متوقعًا أن البرج المصري هو الذي أطلق النار اتجاههم لأنه في منطقة مرتفعة ، واخترق طلق من العيار الثقيل ظهر فراس واستقر في قلبه ليستشهد على الفور مساء الخميس 5/11/2015م ، وظل أصبع السبابة مرفوعًا في جنازته.

_MG_4512 _MG_4561 _MG_4617 11693896_785444424934410_1011048804465521072_n