13.33°القدس
12.95°رام الله
12.19°الخليل
19.23°غزة
13.33° القدس
رام الله12.95°
الخليل12.19°
غزة19.23°
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
4.82جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.82
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.75

الخليل.. عاصمة الانتفاضة كيف ولماذا؟

عدنان ابو عامر
عدنان ابو عامر
عدنان أبو عامر

منذ اندلاع الانتفاضة الحالية في الأول من أكتوبر الماضي، انضمت إليها محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، وجاء انضمامها متوقعاً بسبب سجلها الطويل في قيادة المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية في الانتفاضتين السابقتين: الأولى 1987 والثانية 2000، وباتت الخليل جنوب الضفة الغربية تتصدر نشرات الأخبار اليومية بسبب حجم الأحداث التي تشهدها الانتفاضة، وارتفاع حدة المواجهات المكثفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمخاوف المتبادلة بين الجانبين أن تشهد المدينة أحداثاً أكثر درامية من قبلها، قد تزيد الأمور اشتعالاً.

تعتبر مدينة الخليل أكبر مدن الضفة الغربية، ويقوم الجيش الإسرائيلي بإغلاق أجزاء كبيرة منها، وينشر قواته فيها، ويسيطر على 20% من مساحتها، ويحيط بها كثير من المستوطنات الإسرائيلية، ويقدر عدد المستوطنين في الخليل بـ850 مستوطناً، ويحتفظ "الخلايلة" بذاكرة طويلة من الأحداث الدامية، أخطرها مجزرة مسجد الحرم الإبراهيمي يوم 25 فبراير 1994.

في هذه الانتفاضة، يمكن الإشارة لجملة أسباب جعلت الخليل تتصدرها، لعل أهمها وجود المستوطنين فيها على مدار الساعة، وانتشار أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين المكلفين بحمايتهم، واحتكاكهم المباشر مع سكان الخليل، وشكاوى الفلسطينيين الدائمة من المضايقات التي يتعرضون لها بدعوى تفتيشهم الدائم، وتعتبر الإجراءات الإسرائيلية في الخليل كتقطيع أوصالها، وعزلها عبر الحواجز، واحتجاز جثامين الشهداء، وتصفية الشبان بدم بارد، على أنها استهداف ممنهج لوقف الانتفاضة؛ لأن إسرائيل تعتقد أن الخليل هي قلب الانتفاضة.

بلغ عدد عمليات الطعن والدهس التي نفذها فلسطينيو الخليل 23 عملية، وعدد شهدائها 25 من أصل 70 قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في جميع الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الحالية أوائل أكتوبر، وزاد عدد جرحاها عن 1100 خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، في 19 نقطة تماس داخل الخليل وعلى حدودها، مما دفع بوسائل الإعلام الإسرائيلية يوم 24 أكتوبر لوصف الخليل بـ"عاصمة الانتفاضة"، بسبب تزايد عمليات الطعن فيها، وتنفيذ أبناء المدينة لنسبة كبيرة من العمليات بالقياس لباقي مدن الضفة الغربية.
هناك عامل آخر يبدو واضحاً في تصدر الخليل للانتفاضة، يتعلق بالبعد العشائري الذي دخل على خط الحراك الشعبي، مما أكسب الانتفاضة زخماً كبيراً اتضح في مظاهرة دعت لها عشائر المدينة لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الجيش الإسرائيلي.

هناك مؤشرات تمهد الطريق أمام دخول الخليل للانتفاضة بصورة أشد من الأسابيع السابقة، فرغم الانتشار المكثف للأمن الفلسطيني في المدينة، فهو لا يسيطر عليها كباقي مدن الضفة كرام الله والبيرة مثلاً، ولا ننسى أن حماس لها تأييد كبير بين سكان الخليل، فضلاً عن الاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والمستوطنين في مدينة يسكنها عشرات آلاف الفلسطينيين، وهي احتكاكات قادرة على إشعال الوضع في كل لحظة.

وقد دفع تخوف الجيش الإسرائيلي من انفجار الموقف في الخليل لاستدعاء المزيد من قواته العسكرية في الأسبوع الأخير من أكتوبر، وشن حملات الاعتقالات التي طالت عشرات الفلسطينيين، بينهم أسرى محررون وطلبة جامعات، بعد اقتحام منازلهم وتفتيشها والعبث بمحتوياتها، وشملت الاعتقالات عدة بلدات من الخليل مثل "بيت أمر وبيت عوا وبيت كاحل ودورا"، وقام الجيش الإسرائيلي بتسيير دوريات عسكرية في شوارعها، ونصب حواجز عسكرية.

ومن الأسباب المهمة في بروز دور الخليل في الانتفاضة الحالية، احتضان مؤسسات المدينة للحراك الجماهيري، ودعم جامعة الخليل لانخراط الطلاب في الانتفاضة، رغم أن الجنود الإسرائيليين يسيّرون دورياتهم الراجلة في شارع الشهداء بالخليل، وأصابعهم على الزناد لضمان أمن المستوطنين، وكل من يدخل الشارع من الفلسطينيين يتم تسجيل اسمه ورقم لوحة سيارته، وبطاقة هويته في لوائح خاصة عند الكتل الإسمنتية في الشارع، ويمنع الجيش من لا يظهر اسمه في هذه اللوائح من دخول الشارع.

سكان الخليل يعتبرون الأكثر تديناً بين فلسطينيي الضفة الغربية، وتوصف الخليل بأنها "مدينة حماس" في الضفة، في ضوء التأييد الكبير للحركة بين صفوف سكانها، مما حدا بإسرائيل والسلطة الفلسطينية لتشديد إجراءاتهما الأمنية فيها، لمنع أي فرص لنهوض حماس فيها، أو إعادة ترميم بناها التحتية، عقب اختطاف حماس في يونيو 2014 لـ3 مستوطنين، وقتلهم.

أخيراً... ليس هناك في الأفق ما يشير لقدرة الجيش الإسرائيلي على وقف انخراط الخليل في الانتفاضة، على العكس من ذلك، فيبدو أن المدينة تحاول القيام بمزيد من عمليات الطعن والدهس ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بالتزامن مع الإجراءات الأمنية الإسرائيلية لوضع حد لها، مما قد يبقي الباب مفتوحاً لأن تقفز المدينة خطوات أخرى نحو العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين، وهو الكابوس الذي تهرب منه إسرائيل.