"يا ام الشهيد زغردي .. كل الشباب ولادِكِ"
هذا ما رددته أم الشهيد مهند الحلبي، وهو مسجىً أمامها، وقالت وهي تهنئ نفسها: "مبارك علي شهادة ابني، وهو وصاني ما أبكي"، هذا المشهد يذكرنا بـ "خنساء فلسطين"، أم نضال فرحات -رحمها الله- عندما ودعت ابنها محمد، عند تجهزه لتنفيذ عملية استشهادية، وهذه أم الشهيد ضياء التلاحمة التي استقبلت ابنها بالزغاريد قائلة: "ضياء غالي وأغلى من روحي، بس فلسطين والأقصى بطلبن نقدم من أجلهن"، هذه هي الأم الفلسطينية الحقيقية التي تقف كالأسد الأشم، لا تهتز لها قناة، وتقف إلى جوار فلذة كبدها الشهيد وهي متيقنة أنه لن يعود لها ثانية في هذه الحياة الدنيا، وتخاطبه: "إنت نولت الشهادة وإنت بدك إياها"، إنها أم الشهيد أحمد صلاح، تلك الأم المؤمنة الصابرة المحتسبة.
وتقف خجلاً أمام قوة أم الشهيد محمد شماسنة، التي أطلقت تهديدات لدولة الاحتلال عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقالت بكل ثقة: "والله يا إسرائيل لتندمي، واحنا جايينك، واحسبوا حساب شو بدو يجيكي، واحنا راح نطلعلكوا، من الباص ومن تحت الدار ومن كل مكان".
هذه القوة والصلابة التي نستمدها من نساء فلسطين عامة، ومن الضفة تحديدًا، اللواتي قدمن فلذات أكبادهن شهداء على طريق النصر والتحرير بإذن الله تعالى، ولهو شرف عظيم لفلسطين التي طالما عمل المحتل الصهيوني وأعوانه على طمس هويتها، بتنفيذ سياساته الهدامة التي تستهدف الأجيال الفلسطينية، والتي عمد بعض رجالات السلطة إلى تجميلها تارة بمسابقة أفضل ثوب فلسطيني، وتارة أخرى بأكبر طبق مسخن، وأحيانا من خلال الرياضة النسوية، الذي دعاهن جبريل الرجوب إلى ارتداء الملابس القصيرة "حتى يتحررن من الانغلاق والبيئة الفلسطينية المحافظة".
لكنهم خسئوا وخاب تخطيطهم، وها نحن نرى في انتفاضة القدس نماذج يحتذى ونفخر بها أمام العالم، كأمثال أم الشهيد مهند الحلبي، وأم الشهيد ضياء التلاحمة، وأم الشهيد محمد شماسنة وأيضا أمثال الشهيدة هديل الهشلمون، والجريحة الأسيرة حلوة عليان، وإسراء عابد وغيرهن الكثيرات، اللواتي لا يتسع المقام لذكرهن، ولكنهن شرف لنا وتيجان على رؤوسنا، ونباريس نضيئ به طريقنا، وستبقى المرأة الفلسطينية على مر السنين، هي أخت الرجال، وولادة الأبطال.