17.52°القدس
17.26°رام الله
16.64°الخليل
22.1°غزة
17.52° القدس
رام الله17.26°
الخليل16.64°
غزة22.1°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

تحقيق: موزعو الإسمنت يبتزون المواطن لتحقيق أرباح مضاعفة

اسمنت
اسمنت
غزة - فلسطين الآن

وقع الكثير من المواطنين الحاصلين على موافقة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني، وبلديات قطاع غزة للحصول على كميات الإسمنت من مراكز التوزيع المعتمدة لدى منظمة الأمم المتحدة، تحت حالات ابتزاز واستغلال من قبل أصحاب تلك المراكز.

ويقوم العديد من أصحاب مراكز توزيع الإسمنت, حسب إفادات جمعها معد التحقيق من العديد من المواطنين الحاصلين على موافقة للحصول على الإسمنت, وأكدتها وزارة الاقتصاد ومباحث التموين وشركة سند للصناعات الإنشائية، بإخفاء الإسمنت عن أعين المواطنين، بحجة عدم كفاية الكميات الموردة لهم من قبل شركة سند.

وتبين من خلال التقصي أن أصحاب مراكز التوزيع يقومون ببيع كميات الإسمنت في "السوق السوداء" بأسعار مضاعفة عن السعر الحقيقي له، من خلال عرضهم على المواطنين الحاصلين على الموافقة بيع كميات الاسمنت المسجلة باسمهم, مقابل إعطائهم زيادة قليلة على كل طن واحد، أو انتظار ورود كميات جديدة لاستلامها.

ويصل سعر الطن الواحد من الإسمنت 560 شيكلا للمواطن الحاصل على الموافقة من قبل وزارة الاقتصاد والبلديات، فيما يعرض أصحاب المراكز ربح 140 شيكلا عن كل طن للمواطنين، وبعد ذلك يبيع صاحب المركز الطن الواحد بسعر 900 شيكل، في السوق السوداء ، أي يحقق ربح 200 شيكل لكل طن فوق ربحه الأساسي.

وزارة الاقتصاد الوطني وعلى لسان وكيلها د.عماد الباز أكدت قيام عدد من أصحاب مراكز توزيع الإسمنت بالتحايل على المواطنين واستغلالهم، متوعدًة بإغلاق المراكز المخالفة، حيث ستقوم الوزارة بتغيير الآلية المتبعة في حصول المواطنين على الإسمنت لضمان عدم الاستغلال.

وشن الاحتلال الإسرائيلي في السابع من يوليو 2014 عدوانا على قطاع غزة استمر 51 يومًا تضررت خلاله (28.366) وحدة سكنية وفق إحصائية وزارة الأشغال العامة والإسكان.

ووضعت الأمم المتحدة آلية لتوزيع الإسمنت على المتضررين بالتوافق مع سلطات الاحتلال، والسلطة الفلسطينية، وتشمل مراقبة كميات الإسمنت الواردة لغزة من خلال فريق للمراقبين الدوليين ضمن ما يعرف ببرنامج ( GRAMS UNOPS).

ويحصل التجار على موافقة لتوزيع الإسمنت بعد تقديمهم طلبًا إلى هيئة الشئون المدنية في حكومة الحمد الله التي تقوم بدورها برفع الطلب إلى فريق ( GRAMS UNOPS) التابع للأمم المتحدة الذي يضع معايير لتلك المراكز للحصول على الموافقة أهمها وجود كاميرات مراقبة بمخازن التوزيع، وحارس على مدار 24 ساعة.
 

إفادات موثقة


المواطن (خ . ص) الذي حصل على موافقة من قبل بلدية خان يونس للحصول على 51 طنا من الإسمنت على ثلاث مراحل، في كل مرحلة يحصل على 17 طنا بعد موافقة المهندس المشرف على تقدير الكمية التي يحتاجها، أكد أن مركز توزيع الإسمنت رفض تسليمه الدفعة الأولى بحجة عدم توفر الإسمنت.

وأضاف لصحيفة "فلسطين": "ذهبت إلى مركز التوزيع عدة مرات وفي كل مرة يخبرني صاحب المركز بأنه لا يوجد كميات من الإسمنت، متذرعاً بأن شركة سند المورد لها من الجانب الإسرائيلي, ترسل كميات قليلة لا تلبي الطلب". ويتابع "في إحدى المرات عرض علي شراء الكميات الخاصة بي مقابل ربح 140 شيكلا لكل طن ولكن رفضت ذلك".

وتابع:" بعد أسابيع من المراوغة من قبل صاحب المركز، وبعد تدخل وسطاء سمح صاحب المركز بصرف الدفعة الأولى (17 طناً) فقط، فيما يتهرب من صرف الدفعتين الباقيتين".

(م.ع) خضع لطلب صاحب أحد مراكز توزيع الإسمنت وقام ببيع حصته من الاسمنت، والبالغة 40 طنا بـ(700) شيكل للطن الواحد بعد أن تحجج صاحب المركز بعدم وجود أسمنت وطلب منه بيعه مقابل إعطائه ربح 140 شيكلا على كل طن.

وقال: "في كل مرة أذهب له في مخازن الإسمنت يقابلني التاجر بالتأكيد على عدم وجود أسمنت، وعرض علي بيعه مقابل ربح في كل طن، فوافقت على ذلك وأجلت بناء البيت إلى حين دخول الإسمنت لقطاع غزة بشكل طبيعي". 

مواجهة المراكز


صحيفة "فلسطين" واجهت عددا من أصحاب مراكز توزيع الإسمنت بالحقائق التي وصلت إليها من قبل المواطنين وتأكيدات وزارة الاقتصاد الوطني وشركة سند، فبعضهم أقر بذلك واعتبرها فرصة لن تتكرر، وآخرون قالوا إنهم يلتزمون بقرارات وزارة الاقتصاد ومباحث التموين، والبيع يتم بالرضى والتوافق مع المواطنين.

شهود عيان من بعض العاملين في مصانع الحجارة، أكدوا لصحيفة "فلسطين" وصول كميات مختلفة من الإسمنت لمصانعهم بشكل يومي من قبل أصحاب مراكز توزيع الإسمنت، وتلك الكميات تكون مخصصة أصلاً للمواطنين الحاصلين على موافقة من وزارة الاقتصاد والبلديات.

شركة العمصي إحدى الشركات المعتمدة لتوزيع الإسمنت، تؤكد أن المشكلة تكمن في قلة كميات الإسمنت الموردة من قبل شركة سند لمراكز التوزيع، مقابل عدد الطلبات الكبير المقدم من المواطنين للحصول على الإسمنت.

إدارة شركة العمصي نفت قيامها باستغلال أي مواطن أو عرض شراء كميات الإسمنت الخاص به.

مركز (ح. ش) لتوزيع الإسمنت أكد أن كميات الإسمنت الواردة له من شركة سند محدودة مقابل أسماء المواطنين الحاصلين على موافقة صرف الإسمنت، وأضاف :" في حالة ورود أي كميات يتم توزيعها بشكل مباشر على المواطنين دون ابتزاز أي أحد منهم" .

وأوضح صاحب المركز أنه يخشى على نفسه من عقوبة الإغلاق في حالة قام بإخفاء الإسمنت عن المواطنين او استغلاهم، فهو يكتفي بالربح الذي يحصل عليه جراء البيع بالسعر الأصلي.

أما (م. ز) وهو صاحب مركز توزيع إسمنت آخر، فقال :"الربح من خلال بيع الإسمنت بالسعر الأصلي زهيد جدًا ولا يتعدى العشرين شيكلا للطن الواحد، مقابل الخدمات المتعددة التي يقدمها المركز مثل تركيب عدة كاميرات للمراقبة وحارس ليلي، وإضاءة مكثفة".

ويؤكد أنه يشتري الإسمنت من المواطنين الحاصلين على الموافقة، لكن برضاهم الكامل دون ممارسة أي ضغوط عليهم، وبعد ذلك يتم بيعه بالسعر الموجود في السوق ويكون الربح من نصيب صاحب المركز.

مصدر مسئول في شركة سند للصناعات الإنشائية أكد أن استغلال المواطنين وابتزازهم من قبل بعض مراكز توزيع الإسمنت حقيقة موجودة, ويعاني منها المواطنون، وتتم أمام أعين الرقابة المسئولة عن متابعة توزيع الإسمنت.

وقال المصدر لصحيفة "فلسطين" :"يدخل قطاع غزة بشكل يومي عبر معبر "كرم أبو سالم" 110 سيارات محملة بمواد الإنشاءات، شركة سند تحصل على 75% من تلك الكميات وتقوم بتوريدها للمراكز المعتمدة لتوزيع الإسمنت لدى الشركة وهي 180 مركزا في مختلف مناطق قطاع غزة".

وأضاف :"تبيع شركة سند سعر طن الإسمنت الواحد لمراكز التوزيع في غزة بـ 525 شيكلا واصل المخازن الخاص بالمراكز، ويتم بيعه من قبل تلك المراكز للمواطنين بـ 560 شيكلا ، وبعض التجار يبيعونه بأكثر من هذا المبلغ".

وأوضح أن هناك 582 نظاما معتمدا لتوزيع الإسمنت بغزة من قبل الأمم المتحدة، موزعة للأكياس، ومصانع الباطون والبلوك وحجر الجبهة، والشركة تلتزم بتوزيع كافة الكميات التي تصل لها عبر معبر كرم ابو سالم.

تأكيدات رسمية


مدير مباحث التموين الرائد كمال أبو سلمية أكد أن بعض المواطنين شركاء في السماح للتجار في ابتزازهم وتحقيق الأرباح من خلال الموافقة على بيع كمياتهم من الإسمنت وعدم التبليغ عن أي تاجر قام بابتزازهم.

وأقر أبو سلمية لـصحيفة "فلسطين"، قيام عدد من أصحاب مراكز توزيع الإسمنت باستغلال المواطنين وابتزازهم، وذلك من خلال امتناعهم عن تسليمهم الكميات المخصصة لهم من قبل المؤسسات المختصة، علاوةً على مساومتهم لبيع الكميات المقررة لهم بربح وفير بحجة عدم وجود كميات كافية من الإسمنت".

وأضاف :"بالفعل وردنا عدة شكاوى من قبل المواطنين تفيد بقيام أصحاب المراكز بابتزازهم وإخفاء الإسمنت عنهم وبيعه في السوق السوداء.

وشدد على أن مباحث التموين ستقوم باتخاذ إجراءات عقابية بحق أصحاب المراكز الموزعة للإسمنت الذين يثبت ابتزازهم للمواطنين، كما أنها ستعمل على متابعة هذا الملف الشائك في قطاع غزة.

من جانبها تؤكد وزارة الاقتصاد على لسان وكيلها المساعد د.عماد الباز قيام العديد من مراكز توزيع الإسمنت باستغلال المواطنين ورفض بيعهم لكميات الإسمنت التي حصلوا على موافقة لصرفها، ومن ثم ابتزاز المواطنين، وكل ذلك يتم أمام أعين الجميع.

وقال الباز لصحيفة "فلسطين" :"بالفعل رصدنا عمليات استغلال من قبل عدد من أصحاب المراكز"، لذلك سنعمل خلال الأيام المقبلة على تغيير الآلية الخاصة بتوزيع الإسمنت لضمان عدم استغلال المواطنين أو ابتزازهم، وسنعلن الآلية من خلال مؤتمر صحفي في أقرب وقت.

وأوضح أن وزارته أمهلت العديد من أصحاب المراكز 40 يومًا لوقف استغلال المواطنين، مشدداً على أن غير الملتزمين سيتم إغلاق مراكزهم بشكل فوري، لأنهم بذلك يسيطرون على الكميات الواردة لغزة ويحتكرون السوق.