الأزمة التركية الروسية في أعقاب إسقاط تركيا طائرة "سوخوي" الروسية، تأتي ضمن مرحلة جديدة من التغيرات التي تحدث في المنطقة، وخلط الأوراق بين الأطراف كافة التي تتحرك في المنطقة، وخاصة بعد التدخل الروسي في المنطقة لصالح نظام بشار الأسد، وفي نفس الوقت الضربة التي تلقتها روسيا في أقل من شهر بعد تفجير الطائرة الروسية في أجواء سيناء وراح ضحيتها 224 راكبًا.
في نفس الوقت, تتواصل الأزمة السورية بأبعادها وأطرافها المتعددة، إلى جانب تفجيرات فرنسا التي هزت أوروبا، وأعلن تنظيم الدولة "داعش" مسؤوليته عنها، وأكدت فشل التحالف الدولي في القضاء على التنظيم، إلى جانب استمرار الحرب في اليمن التي يشنها التحالف العربي ضد جماعة الحوثيين، والسعي لإعادة السيطرة الشرعية في اليمن لصالح الرئيس اليمني هادي منصور.
وسط كل ذلك تواصل الانتفاضة الفلسطينية زخمها الشعبي بعمليات المقاومة التي توجه ضربات مؤلمة للاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من محاولاته استغلال الظرف الدولي للاستفراد بالضفة الغربية، وممارسة مزيد من الجرائم والقمع.
اعتاد الاحتلال أن يستفرد بالفلسطينيين في أي مواجهة معهم، تحت مبرر انشغال المحيط بالأحداث الإقليمية، واليوم يرى ما يدور في المنطقة من تغيرات، ويعمل على استغلال ما يحدث في التحريض على المقاومة وربط ما حدث في فرنسا ومالي بما يحدث في القدس، ضمن سياسة الدعاية التي يمارسها قادة الاحتلال، ويتبناها بعض الصهاينة مثل جون كيري وزير الخارجية الأمريكي.
المتغيرات في المحيط العربي لا شك أنها تترك تأثيرًا سلبيًّا على الدعم الجماهيري والإعلامي للانتفاضة، لكن الفلسطينيين تجاوزوا هذه المرحلة على الرغم من حاجتهم لذلك, بفرض معادلات مواجهة مختلفة تقوم على زرع الرعب في قلوب الاحتلال، والتعامل بقوة الأخلاق في عمليات المقاومة، كما حدث أخيراً في عملية القنص شمال الخليل، حيث تجنب المقاومون لمس الأطفال في سيارة المستوطنين أثناء إطلاق النار.
بينما فشل الاحتلال في الدفاع عن مشروعه الاستيطاني في أوروبا من خلال القرار الذي اتخذ من قبل بعض المراكز التجارية بتمييز منتجات المستوطنات بوسم خاص، وبعضهم لجأ إلى حملات لمقاطعة منتجات المستوطنات وعدم عرضها في المعارض التجارية، واستمرار المقاطعة الأكاديمية واتساعها في أوروبا ودول جنوب أمريكا ضد المؤسسات الإسرائيلية.
الجهد المبذول بحاجة إلى مزيد من المتابعة والاهتمام نحو فضح ممارسات الاحتلال وخاصة ضد الأطفال والنساء والمدنيين وسياسة القمع التي يتبعها الاحتلال اعتقاداً منه أن المحيط العربي منشغل بما يحدث ويعطيه الفرصة للاستفراد بالفلسطينيين, لكن هذه السياسة ستفشل أمام إصرار الفلسطينيين على مقاومتهم مدعومين بمناصريهم والأحرار حول العالم.