27.22°القدس
26.7°رام الله
26.08°الخليل
27.7°غزة
27.22° القدس
رام الله26.7°
الخليل26.08°
غزة27.7°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

مقصُّ هديل والإرهابُ اليهودي

فايز ابو شمالة
فايز ابو شمالة
فايز أبو شمالة

تفجر الشر في عروق اليهودي، ولمعت عيناه بالبطولات التاريخية، وراح يطلق النار باسترخاء على صدر فتاة فلسطينية لم تتجاوز 16 عامًا، اسمها هديل عواد، فتاة متفوقة في الدراسة، قرأت كلمات الشهيدة أشرقت قطناني، التي كتبتها على صفحة (فيس بوك)، وتقول فيها: "لن نسكت، ولن تكون الاحتجاجات سلمية، إن لم يكن البارود والرصاص والحجارة و(المولوتوف) حاضرة؛ فلن تحسب ثورة"، وأضافت أشرقت: "أشعليها، يا جبل النار".

وإلى أن يحرق جبل النار الأخضر واليابس تحت أقدام الغزاة ومن تآمر معهم اشتعل مخيم قلنديا غضبًا، وخرجت من شوارعه هديل عواد مع زميلتها نورهان ابنة الـ(14) عامًا، خرجت الفتاتان ببراءة الطفولة، وبساطة الطلاب وعفويتهم، خرجتا وكلتاهما تجهل معنى القتل، ولا دراية لهما بفن القتال، ولا قدرة للفتاتين اليافعتين على مهاجمة رجل، خرجتا وفي حوزتهما مقص، يفتش عن هدف يمتص الحزن الطافح في قلب هديل على أخيها محمود الذي قتله الصهاينة قبل عامين في شهر نوفمبر، الشهر نفسه الذي ارتقت فيه هديل.

وفجأة وجدت الفتاتان نفسيهما في مواجهة مع جيش من الطغاة والقتلة، فجأة وجدت الفتاتان نفسيهما محاصرتين بالصراخ والطلقات، فجأة ارتجت الدنيا في عيون الفتاتين، اللتين لم تقدرا حجم الحقد اليهودي المعبأ في الأسفار، فانهارت قواهما، ووقعت الفتاتان على الأرض من كثرة الطلقات التي اخترقت الجسدين الغضين.

لم يكتمل المشهد الإرهابي لفتاتين فلسطينيتين صريعتين إلا بعد ظهور أحد اليهود المحترفين للإرهاب، يهودي تعود قتل العرب، ظهر بسرعة انفعالية، وراح يجدد إطلاق النار على جسد الفتاة هديل، ليتضاعف عدد الطلقات التي اخترقت جسدها، ليصوب بعد ذلك رصاص مسدسه الحاقد إلى جسد زميلتها المسجى، وراح اليهودي يطلق النار على جسدين لا حراك فيهما، ويهتف بنشوة لـ(إسرائيل)، ويدعو لها بالمجد وطول البقاء.

إن مشهد (الفيديو) الوحشي الذي يوثق تصفية الفتاتين الفلسطينيتين من مخيم قلنديا ليؤكد أن الاستخفاف اليهودي بالدم الفلسطيني قد بلغ حدًّا لا يمكن مهادنته، إنه مشهد ترتجف له القلوب، وتهتز له مشاعر الإنسانية، وتتبرأ منه وحوش الغاب التي لا تعاود غرز أنيابها في الفريسة إلا إذا شعرت بالجوع.

إن تصفية الطفلة هديل عواد بهذه الطريقة لتقشعر لها الأبدان، ولا يكفي أن نطالب المنظمات الإنسانية بأن تقوم بواجبها في فضح ممارسات جيش الصهاينة، لا يكفي أن نعد ملفات جوفاء لمحكمة الجنايات الدولية، بل يجب أن يشكل هذا الإرهاب صرخة غضب على طاولة الرئيس عباس، وبين مقاعد الوزراء الفلسطينيين وأعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس المركزي، الذين يجب أن تهتز لهم قصبة من مشهد يجوع إلى الكرامة العربية.

وليكن الغضب الشعبي والرسمي هو الرد، وليكن الانتقام بحجم الجريمة، في الوقت الذي يصير فيه إعلان يوم 23 نوفمبر من كل عام يومًا للطفولة المذبوحة بسكين اليهود، ليكن يومًا عربيًّا للمقص الذي حملته هديل عواد، مقص تحرك لتمزيق الظلم، ولقص الورق الذي وقعت عليه القيادة الفلسطينية اتفاقية (أوسلو)، الاتفاقية التي مهدت الأرض لوزير خارجية أمريكا جون كيري ليصف مقص هديل عواد بالإرهاب، ويصمت بفجور عن مئات الرصاصات التي أطلقها أكثر من إرهابي يهودي على فتاة صغيرة تحمل مقصًّا، ومع ذلك يستقبل كيري في رام الله، دون أن يسمع صرخة غضب فلسطينية تمزق حلم الصهاينة بالأمن والاستقرار.