عندما كان رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون في أوج قوته وغطرسته قال: إن نتساريم بمكانة تل أبيب ولن نتنازل عنها أبدا، وما هي إلا بضع سنوات حتى فر شارون وجنوده من قطاع غزة تاركين نتساريم وباقي مستوطنات قطاع غزة خلفهم، والآن يقول رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بأنه لن يسمح بنقل 40 ألف دونم ولا 10 آلاف دونم ولا حتى متر واحد للفلسطينيين في الضفة الغربية.
جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي انسحب من قطاع غزة ومن جنوب لبنان بفعل المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، ويفاوض بشكل عبثي على انسحاب من الضفة الغربية لن يستطيع المحافظة على متر واحد في فلسطين، قد يرفض اليهود التنازل للسلطة الفلسطينية عن متر أو شبر، ولكن المقاومة الفلسطينية لن تعترف له بشرعية على أي شبر من فلسطين من البحر إلى النهر، ولن تسمح للاحتلال بالبقاء على هذه الأرض المقدسة إلى الأبد أو حتى إلى أن يشب أطفالهم أو يشيخ شبابهم إن شاء الله.
نتنياهو لم يتحدث بلسان القوي الواثق، بل تحدث بلسان من يريد المداراة على هزيمته أمام شباب الضفة الغربية ونسائها الذين مرغوا أنفه وأنف جيشه بالتراب بعمليات بطولية أنجزوها بأدوات بسيطة وإرادة جبارة، أراد أن يوصل رسالة لشعبه بأن القيادة الإسرائيلية ما زالت بخير وقادرة على التحدي حفاظا على حزبه وعلى معنويات اليهود المنهارة، والمفارقة أن نتنياهو يوجه تهديداته إلى شركائه في عملية السلام وليس إلى من يلاحقون جنوده ومستوطنيه بالطعن والدعس ويرفضون الاعتراف بشرعية الاحتلال ولا يأبهون لما يقوله نتنياهو وغيره من قادة العدو والإسرائيلي.
الكيان الإسرائيلي كيان هش قابل للانكسار في أية لحظة، ولكن لم يحن الوقت طالما وجد من العرب من يفتح ممثلية لـ(إسرائيل) في ظل انتفاضة القدس، وطالما يوجد برلمان عربي يتلهى بنقاش القضية الفلسطينية ولا يجرؤ على ذكر رفع الحصار العربي عن قطاع غزة، بل ومنهم من يتآمر علينا ويقتل شعبه حتى لا يأتي حاكم شرعي يهدد أمن الكيان الإسرائيلي، ومع ذلك نقول إن عجلة التغيير أسرع بكثير مما يعتقدون، وستهدم أنظمة وستسقط عروش كمقدمة لزوال دولة الاحتلال.
