27.22°القدس
26.7°رام الله
26.08°الخليل
27.7°غزة
27.22° القدس
رام الله26.7°
الخليل26.08°
غزة27.7°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

كالمستجير من الرمضاء بالنار

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

بينما يتصارع الكبار على أرض سوريا العربية، وبينما يجتمع الكبار معا في فيينا في غياب السوريين أنفسهم. وبينما يشتد القصف الروسي ويقتل أعدادا متزايدة من المدنيين. في هذا الطقس، وفي ظل هذه المكونات، تغيب حقوق المدنيين الإنسانية عن سوريا غيابا شبه تام، فلا تجد أحدا يبحث عن حقوقهم المدنية.

في سوريا الآن لا شيء يعلو على صوت القصف والقنابل، والانتقام والتدمير، وربما بدأت مناطق الشمال حول حلب وجبل الأكراد والتركمان تتعرض لقصف انتقامي غير مسبوق من الطائرات الروسية بعد إسقاط الأتراك مقاتلة روسية. 

تخيل المشهد المدني لسكان سوريا جيدا، تجده يقول: حين استغاث السوريون بالمجتمع الدولي لحمايتهم من قصف النظام جاءتهم روسيا بطائراتها وصواريخها تدعم النظام بأسلحة هي الأكثر تطورا في العالم، وزادت وتيرة القصف اليومية، وتضاعفت أعداد القتلى من السكان المدنيين. 

وحين استجار المدنيون من قبل بالمجتمع الدولي من قسوة تنظيم داعش، وفروا من الرقة وغيرها طلبا للحياة لاحقتهم طائرات النظام وطائرات روسيا تقتلهم قتلا ذريعا. 

حال المدنيين في سوريا الآن ينطبق عليه القول العربي القديم ( كالمستجير من الرمضاء بالنار). المدنيون في سوريا يدفعون ثمنا باهظا من حياتهم وحياة أبنائهم وممتلكاتهم، ثمنا لموقع سوريا الجغرافي على حدود فلسطين المحتلة، هذا من ناحية، وثمنا لمصالح روسيا وإيران وأميركا في المنطق، من ناحية أخرى. 

لم يعد في سوريا ملجأ آمن للمدنيين يحميهم من قصف روسيا والنظام وقسوة داعش وقصف التحالف الأميركي وقصف إسرائيل أحيانا. الكبار يتحدثون في الغرف المغلقة في السياسة والمصالح، ويتحاورون على أرض سوريا بالقنابل، ويرفضون إنشاء منطقة آمنة يفر إليها المدنيون من القتل والقصف، وحين يركب اللاجئون البحر هربا إلى أوروبا تغرق قواربهم في البحر، أو يغرقها حرس الحدود بشكل متعمد. 

مأساة سوريا ليست نتاج النظام وروسيا وإيران والتحالف فحسب، بل هي أيضا نتاج فشل النظام العربي الجمعي في معالجة الأزمة قبل أن تتحول إلى مأساة وكارثة وقبل أن تدخل روسيا. النظام العربي وقف متفرجا ولا مباليا بما يجري في سوريا ويطلب الحل من أميركا، مما أطال من عمر الصراع والمأساة، وتلكأت أميركا والتحالف في الحلّ ، فحدث فراغ واسع في الساحة السورية فجاء الدب الروسي ليملأ هذا الفراغ، بعد أن فشلت إيران والنظام العربي من ملئه. 

نصف مليون قتيل، وضعفهم جرحى، وأضعاف أضعافهم مهجرون ولاجئون، ويتحدث الكبار عن بقاء الأسد، والإرهاب، والمعارضة، ولا يتحدثون عن سكان سوريا، وحقوق المدنيين السوريين؟! . سوريا فقدت نفسها، وتحتاج إلى مائة سنة كاملة لكي تستعيد عافيتها، هذا لو توقفت الحرب غدا. مرة أخرى، السوريون بين مطرقة النظام وروسيا، وسندان داعش وغيرها، وحين يفرون من الذبح، يقعون ضحايا للقصف.

إنه بات من المؤكد ، أو قل من شبه المؤكد، أن دولا في المنطقة والجوار ستدفع ثمنا أيضا لعدم تعجلها في حلّ الأزمة السورية قبل سنة أو سنتين، وقبلت بإدارة أميركا الفاشلة للأزمة السورية، وليس غريبا أن تهدد روسيا السعودية وقطر، وأن تضرب داعش في السعودية وتركيا أيضا. النظام العربي يدفع ضريبة فشله ووقوفه موقف المتفرج، فهل يتحرك مستدركا؟! .