رغم السنوات الطويلة التي يفصل الاحتلال الإسرائيلي فيها شطري الوطن قطاع غزة عن الضفة الغربية، يحاول شباب فلسطين المبدع تعميق الاتصال وإثبات أن الوطن واحد والأهداف واحدة، وكان الجانب الرياضي والتنافس في كرة القدم هذه المرة هو طبيعة التواصل وسبيل تعميق التوحد بين أبناء الشعب الواحد.

مركز النور الرياضي الشبابي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة أبدع في تخطي الحدود بين شطري الوطن وتعميق التواصل عبر تشكيل فريق له في الضفة الغربية، وكأنه يبدع في خطة يرسمها للاعبيه لإحراز أهداف للفوز في مباراة مهمة ينافس فيها، ليجعل الملعب هو ساحة الوطن كلها وأهدافه لمّ الشمل وتحقيق العودة يومًا ما.

انطلاق "النور"

انطلق مركز النور الرياضي الشبابي كفريق عام 2000 ضمن لجنة رياضية في مسجد النور في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، وتميّز على مستوى المحافظة بالبطولات التي شارك فيها وحصل على مراكز متقدمة.

خلال لقاء "فلسطين الآن" مع رئيس مجلس إدارة مركز النور الرياضي الشبابي أمين خفاجة أوضح أن أول بطولة شارك فيه الفريق مع 72 مسجدًا على مستوى رفح وحصل فيها على المركز الأول، وقال:"منذ هذه اللحظة أصبحنا نتطور إلى أن حصلنا على ترخيص من الوزارة كمركز رياضي شبابي ، وكان ذلك بفضل النشاطات التي أبرزتنا عند الوزارة".

وبيّن أن الفريق شارك في بطولات كثيرة ومنها على مستوى القطاع، مشيرًا أنه حصل على المركز الأول في  بطولة "المحبة والوفاء" على مستوى قطاع غزة نظمتها جمعية الثقافة والفكر الحر.

يقدم مركز النور الرياضي عدة رياضات للأعضاء المنضمين إليه؛ ولكن يتركز جل اهتمامه على رياضة كرة القدم، ويضم 50 لاعبًا منهم 35 لاعبًا في مدينة رفح ضمن فريقين الأول للشباب والآخر للناشئين، و15 لاعبًا بدأت انطلاقتهم في الضفة الغربية.

رسالة واحدة

وفيما يخص تكوين فريق في الضفة الغربية، أشار خفاجة أنه عند حصول المركز على ترخيص من الوزارة كان مخيرًا أن يقتصر نشاطه في قطاع غزة أم في كافة المناطق الفلسطينية فاختار فلسطين.

وقال: "ومن هذا الأساس انطلقنا وكانت الفكرة أن ننشئ فريقا في الضفة، وكانت الفكرة تمضي بصعوبات وكوّنا في البداية مجموعة إلى أن أصبحنا فريقًا ب 15 لاعبًا يمثلوا النور الرياضي في الضفة".

وأوضح خفاجة أن لهم مسئولًا يتابع أنشطتهم الرياضية ومتابعتنا من هنا إشراف عام، مبينًا أنهم خاضوا عدة مباريات ولكن لضعف الإمكانيات بدون زي يحمل اسم الفريق، مؤكدًا أنهم يسعوا ليطوروا من أنفسهم ويحذوا بالخطوات التي خطاها فريقهم في غزة باعتمادهم على الجهد الذاتي.

وأكد أن "الهدف أن نوصل الرسالة أننا شعب واحد وهدفنا واحد، ولا نريد أن نقتصر الفريق على مدينة رفح بل كل فلسطين، وكذلك نحن نؤمن أن هناك عودة قريبة وسيلتم شملنا في فريق واحد".

وكشف عن نية المركز تشكيل أفرقة تتبع له في الشتات ومناطق ال48 والقدس، وتابع قائلًا:" ونأمل أن يكون المركز الرئيسي للفريق في القدس، وإذا لم نستطع أن نحقق هذا الأمر فسيبقى هذا الهدف محفور في عقول الأجيال كهدف إلى أن يتحقق".

إحياء لذكرى الشهداء

ينظم مركز النور الرياضي العديد من البطولات تشرف عليها عدة جهات أبرزها وزارة الشباب والرياضة في غزة، وتتميز البطولات أنها تحيي العديد من الذكريات الوطنية والتواريخ المهمة في القضية الفلسطينية عدا أنها تحيي ذكرى الشهداء الأبطال.

يذكر أن المركز قدم شهيدًا من أعضائه خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014 وهو الشهيد أحمد ناصر كلاب، واستشهد في 21/8 أثناء قصف الاحتلال للمكان الذي استهدفت فيه قادة كتائب القسام الثلاثة برفح.

وبهذا الخصوص، أفاد خفاجة أن اللاعب الشهيد كلاب انضم إلى الفريق قبل استشهاده بعامين، وقال:"معروف بأنه صاحب ابتسامة ونكتة حاضرة وفكاهي وربنا قدر له أن يستشهد ولم يكمل معنا رحمه الله وإلى الآن نحن متأثرين فيه، فعندما كنا نخرج إلى رحلاتنا هو الذي كان يضفي جوًا من المرح وكل ما نخرج الآن نفتقده بيننا".

ونظم المركز بطولة باسم الشهيد كلاب وأعد فيلما وثائقيًا عن حياته ، وأضاف خفاجة:"طموح لنا أن ننظم ملعب باسم الشهيد ووجدنا هناك تجاوب وإن شاء الله نسعى أن نحقق هذا الإنجاز رغم المعوقات ، ويكون هذا الملعب المعشب داعم للمركز ويوفر دخل عليه للاستمرار في تدريباته وأنشطته".

طموحات ومعوقات

في ظل الطموحات التي يسعى لها مركز النور الرياضي في تطوير فريق الضفة وتكوين عدة أفرقة في الشتات ومناطق ال48 والقدس وإنشاء ملعب خاص به تبرز مشكلة الدعم كأكبر عائق أمامه لا سيما أن كل الأنشطة التي يقوم بها عبارة عن جهد ذاتي تحصل على رعاية من جهات متعددة أبرزها الوزارة.

وقال خفاجة خلال حديثه: "أبرز المعوقات أن كل الدعم هو جهد ذاتي، وهناك تكاليف كثيرة للفريق، وأيضا لا يوجد لدينا ملعب ونحن 35 لاعبًا ونلعب في ملاعب شعبية على مدار ثلاثة أيام وذلك غير كافي".

وأضاف: "وكذلك الضفة إلى الآن الدعم هو أكبر المعيقات ولم نستطيع توفير لهم شيء ويريدون أن يبدأوا بدعم ذاتي، والواقع الأليم للحصار في الوزارة لا يساعد على الحصول على دعم، وحتى في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الحصول على دعم جهات تطوعية يكون الأمر صعب جدا".