20.57°القدس
20.22°رام الله
19.42°الخليل
25.05°غزة
20.57° القدس
رام الله20.22°
الخليل19.42°
غزة25.05°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

فضائح في السوق وفضائح في الصندوق

فايز ابو شمالة
فايز ابو شمالة
فايز أبو شمالة

لم يتوقف الهجوم على حركة حماس حين أعلنت مخطط توزيع بعض الأراضي الحكومية على موظفي قطاع غزة، لقد فضح الفكرة كل من له علاقة بالسياسة أو الاقتصاد أو علم النفس أو التمريض، وقد أسهم الانقسام السياسي في تضخيم الأمر، حتى كال بعضٌ لحركة حماس الاتهامات في هذا الشأن بلا مقياس.

والقياس في هذا الشأن يقضي بأن نرى واقعنا بعينين اثنتين ولا نراه بعين الانقسام الواحدة، وإذا كان توزيع الأرض الحكومية على موظفي غزة محرمًا؛ فمن باب الحق أن يكون توزيع الأرض على ذوي النفوذ في الضفة الغربية أيضًا محرمًا، وهذا ما توصل إليه بالعقل والمنطق والدليل وزير العدل السابق الأستاذ فريح أبو مدين، الذي فتش في الدفاتر الفلسطينية القديمة، فكتب مقالًا تحت عنوان: "بقالون ودكاكين السياسة في فلسطين"، يقول فيه:

"كانت البداية ابتداعًا من الدكتور محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار ونائب رئيس مجلس الوزراء سابقًا، حينما طالب بديون مقدارها مائة وخمسة وخمسون مليون دولار، صرفت من الصندوق بأوامر من الرئيس عباس، ولذا توجه إلى الرئيس برسالة رسمية يطالبه فيها منح الصندوق أراضي بتلك القيمة.

واستجاب الرئيس عباس لطلب الدكتور محمد مصطفى، والغريب أن الطلب كان منصبًا على أراضي غزة فقط لارتفاع ثمنها، وبصفتي رئيس سلطة الأراضي في ذلك الوقت رفضت الطلب، لأنه مخالف للقانون، ولأنه يتعامل مع الأرض كأنها بنك لسداد الديون".

ويضيف الأستاذ فريح أبو مدين:
"لقد استمر الدكتور محمد مصطفى في إدارة صندوق الاستثمار مخالفًا للأصول المالية والإدارية التي تعلمها وتربى عليها في البنك الدولي، وأعتقد أن رئيس الوزراء ورئيس هيئة الرقابة وربما مجلس إدارة صندوق الاستثمار لا يعلمون بكيفية صرف تلك الأموال، ومع ذلك نجح الدكتور محمد مصطفى بنقل ملكية ثمانية آلاف دونم مرة واحدة في منطقة (أريحا ـ النويعمة)، ونقلت ملكية قطعة أرض مميزة في منطقة الإرسال بالبيرة، وقطعة أرض أخرى في منطقة سردا شمال رام الله، ولا نعلم أهنالك غير ذلك من أرض".

في عملية النقل المذكورة خاطب الدكتور محمد مصطفى مجلس إدارة الصندوق، معترفًا لهم بأن على السلطة ديونًا مقدارها ستة وخمسون مليون دولار (ولقد سألت أحد أعضاء مجلس الإدارة عن موضوع المائة والخمسة والخمسين، ووجدته لا يعرف شيئًا)، وللسخرية إن الأرض نقلت دون تقدير رسمي من جهة رسمية، وقد تجوهل تقدير سلطة الأراضي، وأنيط أمر التقدير بالرئيس عباس الذي قدر ثمن المتر بعشر ما يساوي، ففي منطقة أريحا يساوي ثمن المتر من ستين إلى ثمانين دينارًا، ولكن الرئيس عباس قدره بسبعة دنانير فقط، وفي منطقة الإرسال تقدر قيمة قطعة الأرض من مليوني إلى 3 ملايين دينار، قدر الرئيس ثمنها بقيمة ثلاثمائة ألف دينار فقط، واللبيب بالإشارة يفهم، كما قال وزير العدل السابق.

بعد هذا الكشف المذهل، والفضح المزهر، الذي يستند إلى الوثائق، ألا يجب تقريع كل أولئك الذين صبوا غضبهم على الجهة التي تحاول إطعام عائلات الموظفين في غزة، وتناسوا الجهة التي لم تقدر قيمة الأرض حق قدرها، وسربت ثمنها من بين الأصابع في اتجاهات شتى؟!

من حق المعترضين على توزيع الأرض الحكومية أن يرفعوا صوتهم عاليًا، وأن يفندوا الفكرة، ولكن العدل يقضي بالمساواة حتى في الظلم، وإذا كانت الجريمة هي تطبيق القانون على الناس جميعًا واستثناء شخصٍ واحدٍ لمكانته الاجتماعية؛ فإن الكفر والإلحاد هو تطبيق القانون على شخصٍ واحدٍ لمكانته الاجتماعية واستثناء الناس جميعًا.
واللبيب بالإشارة يفهم، كما قال وزير العدل السابق.