18.07°القدس
17.77°رام الله
17.19°الخليل
22.9°غزة
18.07° القدس
رام الله17.77°
الخليل17.19°
غزة22.9°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

"عرس الكراهية" الإسرائيلي.. هل من جديد؟

هشام منور
هشام منور
هشام منور

لم يكن مفاجئًا أو مستغربًا أن نشاهد ما عرضه شريط مصور لاحتفال بزفاف أحد عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف، من المجموعات التي يطلق عليها اسم "فتية التلال"؛ فالعشرات من المشاركين في حفل الزواج كانوا يرددون أغاني انتقام يهودية، وسط تلويح بالسلاح والزجاجات الحارقة وصور أبناء عائلة دوابشة، الذين أحرقهم مستوطنون وهم على قيد الحياة، قبل نحو أربعة أشهر.

الشريط الذي بثته القناة العبرية العاشرة بين عددًا من المشاركين وهم يرفعون صور عائلة دوابشة ويطعنون الصورة، وخاصة صورة الطفل علي دوابشة، وتبين من التفاصيل التي أوردتها الإذاعة العبرية أن هذه "الحفلات" التي تخللتها أغاني الانتقام اليهودية وتنظم في المستوطنات، وفي أوساط اليمين الإسرائيلي ليست بجديدة، لكنها المرة الأولى _بحسب ما ذكر الإعلام العبري_ التي يلوح فيها بأسلحة وبنادق رسمية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والمرة الأولى التي فيها "تجتاز الخطوط الحمراء"، بحسب ادعاء أحد المستوطنين في حديث له مع صحيفة (يديعوت أحرونوت).

وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون استخدم هذه الأشرطة خلال لقائه قادة المستوطنين لإقناعهم بوقف الحملة التي شنها اليمين الإسرائيلي _وفي مقدمته أعضاء (كنيست) من "البيت اليهودي"_ على جهاز (شاباك) الإسرائيلي، ووقف الاتهامات له بأنه مارس التعذيب على ثلاثة مستوطنين معتقلين يشتبه بأنهم وراء تنفيذ حرق آل الدوابشة، والحملة التي شنها اليمين الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة على (شاباك) قادها المحامي من حركة (كهانا حي) إيتمار بن غفير، للادعاء بأن (شاباك) انتزع الاعترافات من المعتقلين المذكورين بالقوة وتحت التعذيب، وتوعد بأنه سيبرز ذلك خلال المحاكمة نفسها. 

اللافت في هذا السياق أن الاعتراف بوجود الأشرطة المذكورة بأيدي الشرطة و(شاباك) لم يرافقه حتى الآن أي اعتقالات في صفوف عشرات المحتفلين خلال حفلة الزواج المذكورة، بتهم التطرف القومي، ويبدو أن (شاباك) استغل هذه الأشرطة، لتقديم طوق نجاة لقادة المستوطنين بانتقالهم إلى الدفاع عنه، والبدء باستنكار نشاط الجماعات الأكثر تطرفًا، بادعاء أن هذه المجموعات لا تمثل جمهور المستوطنين في الأراضي المحتلة، والعودة لترديد لازمة أنهم "أعشاب ضارة"، ووقف الدعم المعنوي والسياسي، الذي حظي به هؤلاء على مر السنين.

في الساحة السياسية انطلقت أصوات تنديد قاطعة: "هذه الصور الباعثة على الصدمة تبين الوجه الحقيقي للمجموعة التي تشكل خطرًا على المجتمع الإسرائيلي وأمن (إسرائيل)" قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مضيفًا: "وهي تشهد كم هو هام جهاز مخابرات قوي من أجل أمننا جميعًا"، وانضم رئيس المعارضة إسحق بوجي هرتسوغ كذلك إلى التنديد، وقال: "مجانين، بؤساء الروح، نسيتم ما معنى أن يكون المرء يهوديًّا، أنتم تعيبون القبعة الدينية وخرقة الصلاة واسم الرب، فمن يحتفل بقتل رضيع في منامه ليس يهوديًّا ولا إسرائيليًّا".
حتى نواب معروفون بيمينيتهم نددوا بالحدث، فقد قال النائب بتسلئيل سموتريتش من البيت اليهودي: "إن الأيديولوجيا الشريرة لتدفيع الثمن ليست طريق الصهيونية الدينية؛ فالرقصة الهاذية مع صورة الرضيع الذي قتل في منامه تمثل أيديولوجيا خطيرة وفقدانًا للطابع الإنساني، علينا أن نندد بذلك بحدة أكثر".

بالمقابل سارع زعيم البيت اليهودي نفتالي بينت إلى إعلان تأييده المطلق لجهاز (شاباك)، والاعتراف بأن ما يلقاه المعتقلون الثلاثة أقل بكثير مما يلقاه الأسرى الفلسطينيون في أقبية (شاباك) الإسرائيلي، وتبعه بعد ذلك أكثر الوزراء تطرفًا في الحكومة (وهو أيضًا من "البيت اليهودي") أوري أريئيل، ليستنكر ما أظهره الشريط المصور المذكور.

واقع الحال أن تسريب هذا الشريط جاء ليكرس نقطة تحول من جديد بين علاقة (شاباك) الإسرائيلي وقادة المستوطنين، من جهة عدم ضرب شرعية (شاباك) الإسرائيلي، خاصة على إثر التظاهرات التي نظمها مستوطنون في الأيام الأخيرة في القدس تحت شعار: "اليهودي لا يعذب أخاه اليهودي".

في المقابل، يسمح ذلك لقادة المستوطنين بالتنصل من مسؤوليتهم عن هذه المجموعات، ومحاولة تمييز جمهور المستوطنين العام منهم، مع أن مجموعات "فتية التلال" حظيت لغاية الآن على مدار العقد الأخير بدعم سياسي ومعنوي ومادي وقانوني من مجلس المستوطنات في الأراضي المحتلة.

لم يأت شريط عرس الكراهية بجديد على صعيد فضح ممارسات المستوطنين المعروفين بعنصريتهم المفضوحة، ولم يزد على توضيح صورة المستوطن الذي يقاومه الفلسطيني في الضفة الغربية وكشف طبيعته الاستعلائية، لكن توقيت تسريب الشريط يأتي في سياق المساومات السياسية الداخلية بين أقطاب السياسة الإسرائيلية، وهو غير معني بالفلسطينيين بقدر ما يهمه تسليط مزيد من الضوء على ممارسات الطرفين المبتز كلٌّ منهما للآخر في تسريب الشريط، وهما جماعة المستوطنين من جهة، و(شاباك) من جهة أخرى.