15.86°القدس
15.69°رام الله
14.97°الخليل
20.23°غزة
15.86° القدس
رام الله15.69°
الخليل14.97°
غزة20.23°
الإثنين 11 نوفمبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.75

لحظات الأسرى الحاسمة

ايمن ابو ناهية
ايمن ابو ناهية
أيمن أبو ناهية

إن أسرانا البواسل الذين يواجهون الآن بصبرهم فصول المعاناة من قبل السجن والسجان قادرون على تحمل فصل الشتاء والبرد القارس والمنخفضات الجوية والرياح والزوابع، مع قلة الملابس والأغطية والإمكانات الوقائية، وعدم توفير سلطات الاحتلال لهم وسائل التدفئة زيادة في المعاناة كي تركعهم وتذلهم، وتنال من عزيمتهم الوطنية وصبرهم.

وما دفع سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى ذلك هو الحالة الفلسطينية المنقسمة، فإنها تمارس أعنف أساليب التعذيب والتضييق، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، والزيادة في المعاناة للأسرى الفلسطينيين، للتأثير على معنوياتهم الصامدة في وجه القهر والظلم، وقد صعدت إدارة السجون انتهاكاتها في الأيام الأخيرة بحق الأسرى في سجن (جلبوع) البالغ عددهم 600 أسير، وخاصة على صعيد التحقيق والتعذيب بشتى الطرق والوسائل، والإهمال الطبي المتعمد، وإعطائهم أغذية فاسدة، وحرمان الأهل من الزيارات، والنقص في الأغطية والتدفئة في فصل الشتاء، وتسرب مياه الأمطار إلى غرف الأسرى، نتيجة الإهمال وعدم الإحساس بالمسؤولية لدى مصلحة السجون؛ فلا يوجد عوازل أو حمايات تمنع تسرب المياه والهواء البارد, فالكثير من السجون غير مهيأة لاستقبال ظروف مناخية قاسية، وتتسرب إليها الأمطار من النوافذ السيئة، أو من شقوق في أسقف الغرف، وخاصة في السجون التي أنشئت منذ عشرات السنين، ويعتريها البرد القارس بسبب عدم الإغلاق الجيد للغرف وساحة الفورة، فضلًا عن اقتحام إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية غرف الأسرى في ساعات متأخرة من الليل، إذ تعبث بأشيائهم الخاصة، وتقلب محتويات الغرف رأسًا على عقب تحت حجج واهية لا أساس لها من الصحة، كالتفتيش عن أشياء ممنوعة، والسؤال: بماذا يسمح لهم داخل السجون؟؛ فكل شيء ممنوع ومحرم إدخاله للأسرى.

وحال سجن (جلبوع) كأمثاله من السجون الأخرى؛ فلا توجد فيها وسائل الحماية من الأمطار الغزيرة والسيول والبرد القارس، وخاصة السجون التي مازالت قائمة على الخيام كسجن النقب، فأدت الرياح الشديدة في المنخفض الجوي السابق إلى اقتلاع بعض الخيام، وبقاء الأسرى في العراء تحت المطر ساعات طويلة حتى جاء الاحتلال بخيام بديلة.

إن الاعتداءات المتكررة من إدارة السجون على الأسرى الفلسطينيين العزل تأتي بوتيرة متكررة، إمعانًا في الإذلال والإهانة والاستخفاف بحقوق الإنسان، ونكاية وحقدًا على صبرهم وصمودهم الجبار الذي لا يتأثر بقسوة الجلاد ولا يقهره خنق القضبان.

لكن السؤال الأكثر وجوبًا هو: أين هو التضامن الشعبي مع الأسرى؟!، لماذا لم يرق إلى المستوى المطلوب تجاه أسرانا الأبطال؟!، أعتقد أننا مطالبون اليوم بالاهتمام بقضية الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم تأكيدًا لعدالة قضية الأسرى الفلسطينيين وعدالة نضالهم، فهم الذين سطروا أروع صور العطاء والصمود والإبداع، فلم تكسرهم عصا الجلاد ولا ظلمة السجن ولا معاناة الأسر، فظلوا أوفياء لشعبهم أمناء في حمل رسالة الحرية والكرامة الإنسانية، مهما أمعن السجان في تعسفه وقسوته.

فلا يجوز إبقاء قضية الأسرى خارج السياق القانوني والسياسي؛ فهذا يعني المساس بوطنيتهم وشرعية نضالهم ضد الاحتلال، لذلك أرى ضرورة اللجوء إلى المرجعية الدولية والقانون الدولي الإنساني محتوى قانونيًّا للأسرى، فأمام الفلسطينيين خيارات يمكنهم استعمالها، إذا ما استمرت سلطات الاحتلال في عدم الإقرار بالحقوق الشرعية للأسرى الفلسطينيين، بفتح معركة قانونية وإنسانية على الصعيد الدولي، كالتوجه إلى محكمة العدل الدولية بهدف الحصول على فتوى قانونية بشأن الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين، وتحديد مضمون التزامات كيان الاحتلال القانونية تجاه الأسرى الفلسطينيين، ومنها الضغط لعقد مؤتمر لدول الأطراف السامية المتعاقدة لاتفاقية جنيف الرابعة لبحث موضوع الأسرى الفلسطينيين وحقوقهم، وطبيعة الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق كيان الاحتلال بشأنهم، ووضعها أمام العدالة والإرادة الدولية، إيمانًا ويقينًا بأن العدالة الدولية مهما كانت منحازة لكيان الاحتلال فسوف تأخذ مجراها عاجلًا أو آجلًا.

واقع الأسرى الصعب في سجون الاحتلال يوجب على عموم الفلسطينيين التحرك الجاد والسريع للعمل على تقصير مدد اعتقال الأسرى لدى الاحتلال، ولا عذر لنا جميعًا، إن تأخرنا عن تحريرهم.