18.34°القدس
18.03°رام الله
17.19°الخليل
23.87°غزة
18.34° القدس
رام الله18.03°
الخليل17.19°
غزة23.87°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

أ.د. يوسف رزقة

maxresdefault
maxresdefault
الدين المعاملة.. وملف شاليط

ليس كعدل الإسلام عدل. وليس كجمال الإسلام جمال. وإذا كان ( الجمال والعدل) من القيم المعنوية المجردة، إلا أننا ندرك العدل والجمال من خلال المظاهر المحسوسة التي تنطلق من منبع العدل والجمال، كما ندرك الكرم من سفرة الطعام ، أو العطاء المادي نفسه.

 

بالأمس نشرت كتائب القسام فيديو يكشف عن معاملة حماس للأسير جلعاد شاليط معاملة إسلامية إنسانية، من خلال تناوله للطعام مع عناصر القسام، ومن خلال جلوسه ونومه على فراش كفراشهم، وخروجه في رحلة "شوي" ترفه عن نفسه، وتجعله يشعر وكأنه ليس في أسر ولا معاناة، وقد بدا منشرحا مبتسما يتعامل بطمأنينة مع عناصر القسام.

 

هذه هي نماذج من صورة الأسير في الإسلام، ومن صور تعامل من يفقهون إسلامهم، ويحرصون على الدعوة له حيثما كانوا، وكيفما كانت الحالة بين الشدة والرخاء، وهي صورة مغايرة تمامًا لصورة حرق الأسير حيًّا، أو ذبحه بسكين على ملأ من الناس وأمام وسائل الإعلام، بحجة إخافة العدو وبثّ الرعب في قلب من خلفه. الإسلام دين الرحمة، ودين القيم الإنسانية التي تلتقي مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وليس دين الحرق والذبح والعدوان.

 

اليوم لدينا صورتان في الإعلام لتعامل التنظيمات الإسلامية مع الأسرى، الأولى صورة كتائب القسام في تعاملها، والثانية صورة تعامل تنظيم الدولة ( داعش). إننا لو وازنا بين مخرجات كل صورة في المآلات بدون تفاصيل، فمن المؤكد أن ترجح صورة الرحمة على صورة الذبح.

 

إن الأصل في الإسلام هو الدعوة والرحمة، وعليه أوشك أن أطرح سؤالين: الأول يقول أي الصورتين كانت أوجع لنتنياهو، ولكل من يعادون الإسلام ويحرضون عليه، ويصفونه بالعنف والقسوة؟! والجواب المؤكد يقول: إن صورة فيديو شاليط أوجعت نفس كل من يعادي الإسلام في العالم. بدليل أن عائلة شاليط خرجت بتصريح عاجل تحاول نفي هذه المعاملة الإنسانية بعد أن اكتسحت صور الفيديو الإعلام الجديد. ثم إن صورة قطع رقاب العدو أو حرق جنوده وهم أحياء تعد صورة مريحة جدا لقادة الغرب أمام شعوبهم، وصورة جيدة لتبرير انتقامهم وعمليات عدوانهم على شعوبنا الإسلامية وتسليط تهمة الإرهاب على كل مسلم في العالم.

 

والسؤال الثاني: يقول هل أسلم شاليط بهذه المعاملة؟! أو قل هل تأثر شاليط بهذه المعاملة الإسلامية السمحة إيجابًا؟! وإجابتي تقول بعد رؤيتي لشريط الفيديو نعم تأثر إيجابًا، وربما يأتي عليه يوم يعلن فيه إسلامه. ربما أسلم قلبه ولم يسلم بعد لسانه، ولم تسلم جوارحه، فقد ذكرت كتب التاريخ أن جلّ بلاد جنوب شرق أسيا وإندونيسيا قد دخلت في الإسلام بسبب حسن معاملة تجار المسلمين، وصدق لهجتهم، فالدين المعاملة، وهي أول ما يواجهه الداعية مع الآخرين ويواجهونه هم به. المعاملة قبل الدعوة، وقبل بلاغة الكلام وتفسير الآيات. إنها المعاملة ابتداء وانتهاء، وهي الجمال والعدل حين تظللها العقيدة.