25.01°القدس
24.77°رام الله
23.86°الخليل
28.52°غزة
25.01° القدس
رام الله24.77°
الخليل23.86°
غزة28.52°
السبت 12 يوليو 2025
4.5جنيه إسترليني
4.7دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.33دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.5
دينار أردني4.7
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.33

خبر: اللواء صقر:هكذا قضت القسام على الأجهزةالأمنية

اليوم، يجيب مصباح صقر عن تساؤل هام كان يشغل بال المراقبين: كيف استطاعت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة "حماس" في قطاع غزة "الإجهاز" على الأجهزة الأمنية، التي يفترض أنها أكثر قوة وعتادًا وتسليحًا منها بعدة أضعاف؟. فمجال المقارنة التقليدية بين أعداد عناصر كتائب القسام وأعداد جنود الأجهزة الأمنية التي شاركت بالمواجهة يميل تمامًا لصالح أمن السلطة، ففي حين لم يتجاوز أفراد القسام العشرين ألفًا على أفضل تقدير، كان عدد أفراد هذه الأجهزة في القطاع حسب الكشوفات يربو على خمسين ألفا!. كما أن هذه الأجهزة الأمنية كانت تستهلك حصة ضخمة من ميزانية السلطة، حيث إنها في عام 2006 وحده حظيت بـ40% على الأقل من الميزانية العامة للسلطة!. وهنا يلقي صقر الضوء على عمل هذه الأجهزة الأمنية من البداية.. وحتى لحظات انهيارها الدراماتيكي المذهل في غزة!. [title]في "قمة الهرم" [/title] نقطة البداية كانت مع تجربة اللواء صقر كقائد لجهاز الأمن الوقائي، والتي يقول عنها: "لقد جاءت تجربتي خلال مرحلة انتقالية بالغة الخطورة بالنسبة للثورة الفلسطينية: كنا ننتقل من "مرحلة الثورة" إلى "مرحلة بناء الدولة" بحسب اتفاقيات أوسلو، مما كان يستلزم منا العمل بجد كامل وبطريقة مختلفة تماما عما كانت الأمور تسير عليه خلال مسيرة الثورة الفلسطينية، مع معالجة سلبيات واقعنا الثوري، والقضاء عليها. إلا أنني ومنذ اللحظات الأولى، وجدت أن الأمور لم تكن تسير وفق هذا الأمر على الإطلاق، بل في "الاتجاه المعاكس" له!". منذ البداية، كان عليه أن يقود عددا من الزملاء المحدودين لبناء الجهاز الجديد، بهيكليات تنظيمية كاملة ومعروفة، بما في ذلك التوصيف الوظيفي لكل وظيفة، لضمان تأسيس الجهاز على أسس مهنية سليمة، تضمن استقرار الجهاز منذ لحظات مولده الأولى، وأن تكون شروط القبول له "صارمة المعايير"، بعيدًا عن "المحسوبيات" و"الرشاوى". عمل اللواء صقر مع العميد عبد الحي عبد الواحد على وضع معايير صارمة لكل شيء في الجهاز، كما تم تحديد ستة معايير هامة لقبول أي شاب يرغب بالانتساب إليه، من بينها المؤهل العلمي، والثقافة العامة، والتاريخ النضالي، حيث كان التقييم يتم عبر "إعلان واضح" أمام الجمهور، لمن يرغب الترشح، كما كان تقييم المترشحين يتم عبر آلية صارمة ووفقا للوائح محددة، إلا أن كل تلك الجهود ذهبت "أدراج الرياح"!. يقول اللواء صقر: "كل الخطوات المهنية والفنية التي عملنا على وضعها أنا وزملائي المخلصين بالجهاز فشلت لأسباب كانت تفوق "سلطاتي"، فقد استطاع دحلان توظيف عدد كبير يقدر بالمئات من أنصار حركة فتح فقط منذ بداية تأسيس الجهاز، دون الخضوع لأية قواعد كانت. تم الأمر فقط عبر استصداره "خطابات رسمية" من الرئيس الراحل عرفات وممهورا بتوقيعه الذي يعني التنفيذ، وهو ما حاولت الاعتراض عليه مرارا، ونبهت عرفات من خطورة تسييس الأجهزة الأمنية لكنه لم يكن يقتنع أبدا بذلك". كان واضحا منذ لحظات مولد الجهاز الأولى أن قاعدة "أنا من وظفتك في هذا الجهاز= أنا ولي نعمتك"! أو بالأحرى تكريس مبدأ الأبوات قد بدأ ليس بجهاز الأمن الوقائي وحده، بل وفي مختلف أجهزة الأمن الفلسطينية، وهو ما حاول دحلان استغلاله إلى أقصى درجة ممكنة. فقد أقبل قادة الأجهزة الأمنية الأخرى المفعمون بإرث حركة "فتح" على فتح أبواب الانتساب لهذه الأجهزة ارتجاليا وعلى عجل، وفي جو مشحون بالتنافس والتسابق على امتلاك ناصية النفوذ في الساحة الفلسطينية التي كانت قاصرة وقتها على "غزة–أريحا"، والغريب أن عملية تنسيب الأفراد الجدد كانت تتم بعشوائية شديدة، كما أن منحهم الرتب العسكرية كانت تتم بعشوائية أكبر، ولاعتبارات غير مهنية أو فنية. ويكمل صقر وقد علت وجهه ابتسامة خفيفة: "من خلال موقعي كمسئول أول لجهاز الأمن الوقائي، واطلاعي عام 1995 على إحدى يوميات المنطقة العسكرية الجنوبية، اكتشفت حقيقة مذهلة تتعلق باختلال النسب بين الرتب العسكرية المختلفة، والتي توضح بأن عدد الضباط 416، وأعداد ضباط الصف 357، أي ما يبلغ مجموعهما معا 773 ضابطا، بينما لم يزد عدد الجنود عن 362 فردا!!". ثم أطلق ضحكة خفيفة، لأول مرة منذ بداية مقابلاتنا معه وهو يردف: "إليك واقع أمني آخر مثير للاستغراب: كيف يمكن أن يكون هنالك "شرطة بحرية" بمدينة نابلس التي لا تطل على البحر أصلا؟!"، ثم اتسعت ابتسامته وهو يكمل: "أعتقد أن هاتين النقطتين كافيتان تماما لتوضيح الواقع المعتل الذي كان يشوب تشكيل وعمل وهيكلية الأجهزة الأمنية منذ البداية". كما يصف كتاب "إصلاح الأمن الفلسطيني" قادة الأجهزة الأمنية في تلك الفترة بأن كلا منهم كان "نموذجا مصغرا من الرئيس عرفات"، بعد أن سادت بينهم ثقافة "تقديس الفرد"، و"التفرد في اتخاذ القرارات" في ظل حالة من "الفوضى والصراع غير الشريف" التي حرص عرفات على خلقها بينهم تطبيقا لمبدأ "فرِّق تسد"، وهو "نهج محبب ومرغوب لديه، لأنه يضمن له ولاءهم الشخصي، ويحكم من خلاله قبضته على أجهزتهم"، على حد قول الكتاب. [title]انضباط متدنٍ [/title] وحول تقييمه لأداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية بشكل عام، يوضح اللواء صقر الأمر أكثر لقراء "فلسطين" و"الشرق": "كان مستوى الانضباط العام متدنيًا للغاية في كافة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبدت مظاهر ذلك للعيان للعسكريين والمدنيين على حد سواء، كما أن واقعها الأمني كان يقترب من سلوك الميليشيات، منه إلى أداء مهني لأجهزة كان ينتظر منها أن تكون "عماد الدولة الفلسطينية المقبلة"، وقد عززت ما أقوله نتائج لجنة التحقيق الوطنية العامة التي رأسها الطيب عبد الرحيم، وشكلت بأمر خاص من الرئيس محمود عباس في يوليو 2007". كانت أسباب تدني الانضباط – مثلما يشير صقر- واضحة تماما له، وقد ضمنها في كتابه "إصلاح الأمن الفلسطيني": جرعات التدريب غير الكافية سواء أكان ذلك من حيث المدة أو نوعية التدريبات المعطاة لأفراد الأجهزة الأمنية، وانخراط عدد كبير من الضباط التنظيميين دونما تأهيل لهم، مع غياب الرقابة على أداء هذه الأجهزة، بالإضافة إلى غياب العشرات من المقتضيات المهنية الضرورية علاوة على "الأخطاء القاتلة" الأخرى التي كانت سببا في انهيار هذه الأجهزة أمام الذراع العسكري لحركة حماس عام 2007، والكثير منها للأسف يعود للموروث الثوري لحركة فتح. يتابع صقر: " كما أن تسليح هذه الأجهزة كان متدنيا وسيّئا وغير متجانس، باستثناء الفترة التي تلت وفاة الرئيس عرفات من أجل الدفع بتلك الأجهزة إلى "التورط في الاقتتال الداخلي الفلسطيني"، إذ أن تسليح أفراد هذه الأجهزة كان خاضعا للسيطرة الإسرائيلية وطبقا لاتفاقيات أوسلو، علمًا بأن غالبية الأسلحة لم تكن تزيد عن تسليح فردي مثل البنادق ورشاشات الكلاشنكوف الخفيف، مع ذخيرة محدودة لها، مقارنة بأعداد القوات الفلسطينية". وفيما يتعلق بتوزيع القوات بين الضفة والقطاع، ستفاجأ بالتوزيع "المعكوس" – كما يقول صقر- لعناصرها: إذ تم في البداية فرز 18 ألف عنصر أمني بعتادهم البسيط للعمل بالقطاع الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلومتر مربع، توجد فيه 19 مستوطنة إسرائيلية ، مع عدد سكان يربو عن المليون شخص ، في حين أن أعداد أفراد الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية، التي يزيد عدد سكانها عن ضعف سكان القطاع والمتخمة بالمستوطنات ، وتفوق مساحتها 5500 كيلومتر، لم يكن يزيد عددهم عن 12 ألف عنصر فقط!!. [b]يتبع في الحلقة القادمة..[/b]