23.02°القدس
22.74°رام الله
21.64°الخليل
25.88°غزة
23.02° القدس
رام الله22.74°
الخليل21.64°
غزة25.88°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

حين يمضى الموظَّفُ سنيناً طويلة في ذاتِ العمل

خبر: هل يصل العطاءُ المهنيّ إلى حدّ "الملل"؟

طالما كرهت رباب هذا المستوى المقيت من "الروتين" والنمطية في العمل، فظروف عملِها وفقدانها للتقدير وكلمات الشكر والتشجيع أوصلاها إلى مرحلةٍ لم تعد فيها قادرة على الإنتاج والعطاء، لقد وصلت بعد عشر سنواتٍ من العمل في مجال المحاسبة إلى مرحلة "الجمود" بالفعل، ولو كان الأمر بيدها لما توانت عن الانتقال إلى مهنةٍ أخرى بوجوه جديدة وقواعد جديدة، وذلك فقط كي تتخلص من حالة الملل من العطاء. رباب كانت كالكثيرين الذين يسألون أنفسهم كيف لأشخاص أن يمضوا في حقل التعليم أو الطب أو غيره أربعين سنة بلا كلل ولا ملل، بل أن عطاءهم يتدفق عاماً بعد عام؟! تعالوا نعرف ممن عاشوا التجربة الطريقة السحرية لإكمال المشوار بحيويةٍ وسعادة على مدار السنوات الطويلة. [title]المدرس فنان مبدع[/title] معلمة اللغة العربية أمل أبو حية، تعمل في مدرسة فيصل بن فهد الثانوية للبنات، ترفض اعتبار مهنة التعليم مهنة مملة، وتقول:" التدريس مهنة رائعة، وأتذكر إلى اليوم ما قاله لي أستاذي في الجامعة في مصر: "المدرس لو تمكن من مادته وطريقة تدريسه فهو "فنان" مبدع"، وأنا أعدها كذلك؛ لأنها تعتمد على تقديم مادة علمية جديدة بطرق مختلفة ومستحدثة". تجربة "أبو حية" في التعليم على مدار سبع عشرة سنة غير "روتينية"، فهي عملت في التدريس لثلاث سنوات بمصر، وفي غزة درست كل المراحل العمرية، حتى استقرت أخيرا في تدريس طلاب الثانوية العامة "التوجيهي" بفرعيه العلمي والأدبي. وبالنسبة للروتين الوظيفي الذي تكرره كل يوم، تتحدث:" الروتين في عملي أنني أستيقظ كل يوم في نفس الساعة وأذهب إلى نفس المدرسة فقط، ولكن التدريس ليس مهنة روتينية بل يعتمد ذلك على شخصية المدرس ودافعيته للعمل". [title]أعتمد على التغيير[/title] وتضيف:"لكي أتغلب على "الروتين"؛ أستقى أفكاراً جديدة وعصرية من "الإنترنت"، وأعتمد على جلب أفكار جديدة في طريقة الشرح، وكذلك عمل أوراق عمل ونشاطات للطالبات، بالإضافة إلى أنني دائما أميل إلى تغيير طريقة شرحي وتغيير مكان الشرح، والاستعانة بالمعجم اللغوي ودواوين الشعر". وللخروج عن المعتاد و"الروتين" اليومي، تقوم "أبو حية" بشكل دوري بشرح الدرس للطالبات في المكتبة المدرسية، ولا تعتمد بالمطلق على شرح سابق للمادة، أو على مادة مكتوبة. وتذكر موقفاً خرجت فيه عن المألوف من معلمة، حيث أخذت طالباتها إلى فناء المدرسة لتشرح لهم الدرس، بعد أن قالوا لها: "نشعر بالبرودة وشمس الشتاء جميلة"، فأخذت كلامهم على محمل الجد، وذهبت بهم إلى الفناء، ووجدت تفاعلاً غير معتاد من طالباتها مع المادة. وتشير إلى أن هناك بعض المعلمات اللاتي لا يغيرن دفتر التحضير اليومي منذ سنوات، ويتباهين بأنهن بتن يحفظن المادة عن ظهر قلب، ولا يردن التغيير ولا حتى التحضير من جديد، ويصل بهن الأمر إلى رفض الانتقال إلى تدريس مرحلة عمرية جديدة، لأنهن اعتدن ذلك ولا يردن التغيير. [title]صفحة "الفيس بوك"[/title] وفي معرض ردها على سؤال إذا ما شعرت يوما بالملل من التدريس وأرادت أن تغير، تجيب:" رغبت في أن أصبح "موجهة" للغة العربية بسبب حبي للتخصص في العمل، كما أن الموجه يدخل مدارس عدة ويتعامل مع مراحل عمرية مختلفة، فيكسر بذلك نمط الروتين اليومي، ولكن ظروفي لمن تكن مواتية". ولمواكبة التغييرات الحاصلة والثورة التكنولوجية، وذيوع صفحات التواصل الاجتماعي والإقبال الشديد عليها، أنشأت "أبو حية" لمدرستها صفحة على "الفيس بوك"، تنشر فيها أخبار المدرسة وموضوعات عدة عن منهاج الثانوية العامة، ولقت الصفحة إقبالاً شديداً ليس من الطالبات فقط بل اغتنت بمشاركة المدرسات. [title]الطموح يتغير[/title] أما الصحفي حسن جبر يرى أن الصحافة مهنة "المتاعب" وجمالها أن يقابل الصحفي أناسا مختلفين كل يوم، والحديث معهم عن همومهم ومشاكلهم، ومشاركتهم في حلها يمنحان الصحفي سعادة لا توصف تنسيه عناء العمل وتدفعه نحو الأمام. ويقول:"في بداية مشواره الصحفي تجده يطمح إلى أن يعرف الناس اسمه من خلال التقارير والمواضيع التي ينشرها في الصحف، وبعد فترة لا يكتفي بهذا الجانب فيطمح إلى إنجاز تقرير أو تحقيق مميز، وبعد ذلك يجد أنه وصل إلى مرحلة من العطاء ويطمح إلى نيل جوائز محلية وعالمية، ثم تجده يريد أن يفيد غيره، وهكذا طموحه يتغير كل مرحلة ولا يشعر بملل من العطاء". ويبين أن السبب يعود إلى شخص الصحفي الذي يشعر بالملل من العطاء، وليس إلى مهنته، ولأنه لا يجد التقدير وكلمات التشجيع والثناء من مديريه، فكل إنسان فينا مهما كبُر مركزه يحتاج في لحظات لمن يربت على كتفه، ويثني عليه بكلمات تشجعه وترفع من روحه المعنوية. [title]أغير في عملي[/title] قضى الصحفي جبر سبعة عشر عاماً في العمل الصحفي، وتسلل إلى نفسه الملل في فترات الهدوء على الساحة الفلسطينية، وعدم حصول أحداث متتالية، ولكن هذه الأوقات لا تدوم طويلاً، ولا يلبث الصحفي أن يستعيد نشاطه وحيويته. ويضيف:" كنوع من التغيير والخروج عن الروتين، أتعاطى مع القضايا كل مرة بزوايا مختلفة، وكذلك حينما أملّ كتابة التقارير أتجه نحو كتابة القصة الصحفية التي أجد فيها متعة كبيرة، كما أنني أتجه إلى القراءة وممارسة هواياتي للهروب من الملل". ويمضي في حديثه:" أفضل المشاركة في التدريب، وإعطاء دورات صحفية، لتغيير أسلوب العمل الصحفي اليومي... الناس في غزة لديهم حالة من الملل؛ نظراً للظروف الصعبة، ولكن كل شخص يجد طريقة للتكيف". [title]طول المدة لا يسبب الملل[/title] بدوره، أوضح مدرب التنمية البشرية محمد الرنتيسي أن الموظف يمكن أن يصل إلى مرحلة الملل بعد قضائه سنوات طويلة في عمله، وهذا يعود لشخصية الموظف، ولذا لابد أن يكون لديه جانب من التطوير في عمله من وقتٍ لآخر، وأن يبحث في كيفية تطوير نفسه حتى لا يصل إلى مرحلة اللامبالاة. وذكر أن وصول الشخص إلى مرحلة الملل والتوقف عن الانتاج يتعلق بأكثر من سبب، اما إن يكون الخلل في الشخص نفسه، أو يكون له علاقة سلبية بالمحيطين به كرب العمل، وقد يؤثر زملاؤه فيه ويشجعونه على الإحباط. وأشار إلى أن خروج الموظف من نطاق الملل من العطاء بعد سنوات طويلة هو مسئولية مشتركة، والدور الأبرز فيها للشخص نفسه ومدى تمتعه بالإيجابية ودافعيته للاستمرار، وامتلاكه ثقافة التطوير وعدم الاستسلام، وتشجيع مسئوليه وأسرته له. وبين أن لا علاقة بين عدد السنوات الطويلة في ذات المهنة، والملل الذي يصل إليه الموظف بعد مرحلة معينة، بل الأمر يتعلق بالشخص نفسه ومدى تكيفه مع المهنة، فالإبداع يأتي بالمواصلة والاستمرار على ذات الطريق.