15.86°القدس
15.69°رام الله
14.97°الخليل
20.23°غزة
15.86° القدس
رام الله15.69°
الخليل14.97°
غزة20.23°
الإثنين 11 نوفمبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.75

استقاء العبر من استشهاد ملحم

خالد معالي
خالد معالي
خالد معالي

أثبتت عملية الشهيد نشأت ملحم أن فلسطينيي الـ48 كنز إستراتيجي للمقاومة ولانتفاضة القدس؛ يمكن لهم أن يوجعوا الاحتلال أكثر من الضفة، كونهم موجودين كل لحظة في قلب أراضي الـ(48) المحتلة، أما غزة فهي على طرفها، والضفة ملامسة للمستوطنات والحواجز، وصار يصعب كل يوم يمر في انتفاضة القدس أن تجد ولو مستوطنًا واحدًا يتجول في الضفة كما كان قبل الانتفاضة، أو جنودًا؛ إلا متحصنين متخذين أقوى وأعلى درجات الترقب والحذر.

إذا كان فلسطيني واحد من أراضي الـ48 استطاع أن يوجع الاحتلال بهذا القدر؛ فكيف إذا تبعه عدد آخر _ولو قليلًا_ من فلسطينيي الـ48؟!

كان يأمل كل فلسطيني أن ينجح الشهيد نشأت ملحم بطل عملية (ديزنغوف) وسط تل الربيع التي قتل فيها جنديين وأصاب أربعة بجراح خطرة جدًّا أن يختفي أطول وقت ممكن عن عيون مخابرات الاحتلال والمتعاونين معه، لكن شاء الله (تعالى) لحكمة ما أن يجعل "الشهيد" كيان الاحتلال يقف على أعصابه طيلة ثمانية أيام، ويستشهد وهو ضاغط على زناد بندقيته ليصبح رمزًا وملهمًا لمن يأتي بعده من رجال المقاومة. 

كل حادثة استشهاد، أو عملية ناجحة، أو عملية فشلت ولم تخرج إلى النور يجب أخذ واستسقاء العبر والدروس منها، بتكرار الناجح منها وتطويره، والتعلم من الأخطاء _إن وجدت_ وعدم تكرارها؛ حتى تنجح المقاومة في مواصلة عملياتها، وتوجع الاحتلال أكثر.

يجب ألا يمر أي حدث مقاوم في مقارعة الاحتلال دون دراسة مسئولي المقاومة انعكاساته جيدًا، بأسلوب علمي، بعيدًا عن العواطف الجياشة والتضحيات التي قد يصفها المثبطون والمنهزمون نفسيًّا بالمجانية.
سواء صحت رواية الاحتلال في كيفية الوصول إلى الشهيد ملحم أم لا، إن كل أجهزة الاتصال الحديثة من هواتف وشبكة إلكترونية (إنترنت)، وغيرها من طرق التواصل الحديثة مراقبة، وكلٌّ يعرف ذلك، ولكن مع معرفة ذلك إن خطأ استخدامها يتكرر من قبل قلة من رجال المقاومة، ما يسهل لمخابرات الاحتلال الوصول إليهم.

نشر التوعية هو واجب قادة الفصائل، ونشر أخطاء دارجة وقع فيها أسرى من باب التوعية هو أمر ملح، ومطلوب كل وقت، لكن _يا للأسف!_ تكتفي القوى والفصائل ببيانات ضعيفة وشحيحة بشأن ذلك، وما زالت التوعية الأمنية للمقاومة لا تصل إلى الحد الأدنى المطلوب بدليل كثرة الأخطاء التي يصل الاحتلال عن طريقها إلى عناصر المقاومة، وليس بشطارته.

فرح الاحتلال باستشهاد البطل نشأت ملحم كونه كان خطرًا داهمًا في أية لحظة يمكن له أن يكرر عمليته، ولكن بمنظور الربح والخسارة المجردة إن الشهيد خسر الاحتلال عددًا من جنوده، غير الجرحى، والضغط النفسي، والخسائر المادية الأخرى التي كلفت الاحتلال كثيرًا؛ فالفرحة الحقيقية هي للشهيد والمقاومة، والفرحة الكاذبة من نصيب كيان الاحتلال الظالم.

ويكفي أن الشهيد ملحم ذكر الاحتلال بالوجع والألم بعملية (ديزنغوف) الملعب المفضل للشهيد يحيى عياش سابقًا، وهذه بداية للانهيار النفسي الكامل لكيان الاحتلال لاحقًا؛ فكل احتلال منطقيًّا يجب ألا ينام بهدوء وطمأنينة ما دام يصر على احتلاله وظلمه لشعب كامل بقتله وتهجيره.

ما عاد الاحتلال رخيصًا في الشهر الرابع لانتفاضة القدس، وكل عملية للمقاومة تقرب من وقت زوال الاحتلال، وكل شهيد يرتقي هو في سجل الخالدين والشهداء الأبرار عند رب العالمين، لا في سجلات البشر.

في المحصلة: إن مقاومة تستقي الدروس والعبر من أخطائها، وتطور نفسها على الدوام لا يمكن لها أن تهزم، وإنما تنجح في الوصول إلى أهدافها لاحقًا بالتخلص من الاحتلال حتى لو طال الوقت، أو ارتفعت فاتورة التحرير.