19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

زحف العودة مقاومة

عصام عدوان
عصام عدوان
عصام عدوان

لا يملك الفلسطينيون في العالم (باستثناء قطاع غزة) سلاحًا، عدم امتلاك السلاح لا يعني البتة الامتناع عن مقاومة العدو المحتل لأرضهم منذ 68 سنة، تمامًا كما أن امتلاك السلاح لا يعني البتة الشروع في مقاومة العدو، فكل الدول العربية حتى تلك التي احتل العدو جزءًا من أراضيها تمتلك ترسانة من السلاح، لكنها لا تستخدمه ضد العدو المحتل، مقاومة العدو ممكنة بوسائل عدة اختبرتها الشعوب التي وقعت تحت الاستعمار، منها وسائل غير عنيفة، وأخرى عنيفة، وكلاهما جائز، ومتاح، وممكن، وله تأثيره الذي لا غنى عنه.

إلى أن يمتلك الشعب الفلسطيني السلاح لاسترداد أرضه المحتلة عليه أن يتحرك في ضوء ما هو متاح وما هو فاعل وممكن، المقاطعة الاقتصادية والثقافية والسياسية والسياحية ممكنة ومتاحة وواجبة ولها تأثيرها، ومع ذلك إن استخدامها الفعلي أقل من محدود جدًّا، وهي بحاجة إلى تعبئة وتوجيه وتثقيف لتطويرها، الفعل الفلسطيني يجب ألا يتوقف عند هذه الوسائل مع أهميتها.

يمتلك الفلسطينيون وجودًا بشريًّا هائلًا يحيط بالعدو المحتل من كل جانب، يُقدَّرون بملايين الأشخاص، منهم مليون فلسطيني تقريبًا في سوريا ولبنان يعانون ظروفًا غاية في الصعوبة والخطورة، إلى درجة مجازفة العشرات منهم بخوض البحر بحثًا عن حياة أفضل مع تكرار حالات الغرق، وهنا تقفز إلى الأذهان أسئلة مشروعة: لما كان الفلسطينيون يتمتعون بروح المجازفة والجرأة إلى هذا الحد؛ فلماذا لا يقتحمون الحدود التي وضعها العدو لمنعهم من العودة إلى أراضيهم المحتلة؟!، أليس في إقدام آلاف العائلات صوب تلك الحدود إرباك للعدو، وجذب للإعلام لمصلحة قضايا شعبنا، وتعرية لعدونا، وتحريك للمنطقة، وتجريء لشعبنا على العدو المحتل؟، ماذا سيخسر شعبنا من المحاولة غير البؤس والشقاء اللذين عاناهما في بلاد اللجوء؟ 

وإذا كانت قوى شعبنا وفصائله عامة تدعم وتؤيد وتبارك المتظاهرين من شعبنا قرب الحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة وتفاخر بهم، وفي كل يوم يرتقي منهم شهيد ويصاب جرحى، ولم نجد أحدًا يسخر من هذه "المقاومة السلمية" مع محدودية تأثيرها على العدو، أليس في زحف آلاف العائلات برجالها ونسائها وأطفالها وهم يحملون متاعهم وحقائب سفرهم، ينشدون العودة إلى الأراضي التي ما زالوا يحملون أوراق ملكيتها، ويضمن لهم القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان حقهم في العودة إليها، تأثير أكبر بمراحل من هذه التظاهرات الحدودية؟

وإذا كانت بعض قوى المقاومة تخطط لتحرير فلسطين كل فلسطين، وتضع إستراتيجيات عمل لتحقيق هذه الغاية السامية؛ أفليس الأجدى بهذه القوى أن تدفع شعبها إلى خوض غمار المقاومة السلمية بزحف العودة الأقل خطرًا والأرخص تكلفة والأكثر تقبلًا من المجتمع الدولي؟

إن زحف العودة لآلاف العائلات الفلسطينية _ولاسيما تلك العائلات المنكوبة جراء الحرب الدائرة في سوريا والظروف الصعبة بلبنان_ إنما هو واجب، وممكن، وشرعي، وقانوني، وبالغ الأثر على الفلسطيني وعلى العدو، وهو رديف للمقاومة المسلحة وداعم ومكمِّلٌ لها، ولا يقل تأثيره على العدو عن تأثير المقاومة المسلحة، وإن التخطيط الجيد لهذا الزحف واجب على القوى الفلسطينية كافة، دون إعفاء العائلات والأفراد من خوض غماره على مسئوليتهم، تمامًا كما فعل مفجرو انتفاضة القدس عندما انطلقوا دون إذن من أحد، واقتحموا الأسيجة الحدودية دون إذن من أحد أو حساب لأحد، وهكذا يصنع الأبطال.