من يزور مدينة "كولونيا" الألمانية الواقعة في محافظة شمال نهر الراين، تقع عيناه أولا على "كتدرائية كولونيا"، وهي إحدى أشهر الصروح المعمارية والدينية المهيبة في ألمانيا وتتمتع بقدرة عالية على جذب أكبر نسبة من السياح عرفتها ألمانيا.
هذه الكاتدرائية تعد الرمز الحقيقي لمدينة كولونيا، وهي مقر رئيس أساقفة كولونيا.
عندما انتهى بناء برجيها في العام 1880م كانت أطول بناء في العالم (برجاها يرتفعان إلى 157 متراً) وبقيت كذلك حتى بناء صرح واشنطن عام 1884م.
بالقرب من الكتدرائية، تقع عينا الزائر على معلقات كارتونية وصور وخرائط لفلسطين باللغة الألمانية، وما أن يقترب المرء ويرى التفاف الناس حول الصور والمعلقات ويرى "والتر هيرمان" صاحب هذا المكان حتى يعرف بأنه موجود بحائط المبكى الفلسطيني وبأن "والتر"، الذي أمضى سنوات طوال من حياته لا زال واقفا في مكانه بالرغم من الضغوط الكبيرة التي مورست عليه من اجل إخلاء المكان.
هيرمان البالغ من العمر 72 عاما، لم يمنعه كبر سنه الوقوف لساعات طوال ثلاث مرات أسبوعيا بجانب منصته الشهيرة التي أصبحت معلما من معالم المدينة التي يعرض فيها الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وينقل للعالم واقع الحياة المرير الذي يحياه الفلسطينيون من جراء الاحتلال الإسرائيلي.
فكرة المشروع ونشأته
وعن فكرة المشروع يتحدث والتر قائلا بأن "حائط المبكى الفلسطيني -الذي أسماه كذلك لجذب الانتباه أولا ولكي يعرض للعالم حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيين- يتكون من عدة أقسام، الأول: صور ومعلقات تتحدث عن حياة الفلسطينيين وهي تتغير كلما سمحت الظروف المادية بذلك أو كلما طرأ حادث جديد على الساحة السياسية كالحرب على غزة مثلا، بينما يتكون القسم الثاني من مساحات كرتونية فارغة يطلب من الناس أن يكتبوا رأيهم في القضية الفلسطينية وموقفهم من إسرائيل، بينما يتكون القسم الثالث من مجلد ضخم يطلب من زواره أن يوقعوا على مناشدة لانهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
ضغوط إسرائيلية
وعن أبرز المصاعب التي يواجهها "والتر هيرمان" أن مدينة كولونيا ترتبط بتوأمة مع "تل أبيب". وقد استشاط المسؤولون الإسرائيليون غضبا لدى رؤيتهم منصته الواقعة بالقرب من الكتدرائية ومحطة القطارات المركزية الشهيرة، وطلبوا من محافظ المدينة مساعدتهم على إزالتها، ورضخ المحافظ للضغوط الإسرائيلية فأرسل الشرطة التي استخدمت القوة وصادرت المتعلقات الخاصة بالحائط.
ولما رأى والتر أن احتجاجه لا يلقي نفعا لجأ إلى القضاء واضطر إلى صرف جزء من معاشه المتواضع للدفاع عن فكرته، كما أن الناشرة الألمانية اليهودية الشهيرة "ايفيلين هشت جالنسكي" وقفت بصفه ودعمته بمنصة جديدة. واستطاع الحصول على حكم قضائي من محكمة العدل العليا بمواصلة مشروعه.