23.33°القدس
22.86°رام الله
22.19°الخليل
26.12°غزة
23.33° القدس
رام الله22.86°
الخليل22.19°
غزة26.12°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

قصةٌ تستحقّ أن تُروى

خبر: "الترامال" وليلة القبض على (أ.ن)

"الطمع بدد ما جمع"، هذه هي الكلمات التي يمكنها اختزال واقع الشاب العشريني (أ.ن) الذي استدرجه حلمه بامتلاك بعض المال إلى هاوية المتاجرة بحبوب المخدر المعروفة باسم "الترامال"، وذلك بعد أن أغراه صديق بجلب كمية كبيرة منه لزبونٍ يعرفه بمبلغ 1000 شيكل! حكاية ذلك الشاب بدأت، بعد أن استغل موقع سكناه في مدينة رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية، في التعرف على تجار يهربون "أصنافًا عديدة من أنواع الحبوب المخدرة"، فلم يتوانَ عن مشاركتهم ذلك بغية الربح.. متناسيًا كل القيم الدينية والأخلاقية التي تمنع حمل وشراء وبيع "مذهبات العقل والشعور".. [title]درسٌ قاسٍ..[/title] (أ.ن) الذي اتكأ على وسادةٍ مهترئة في إحدى زوايا سجنه، قلّب ذكريات ذلك اليوم في رأسه، حتى إذا استذكر التفاصيل كلّها بدأ يهمس بها بعيونٍ شبه دامعة.. قال: "في ذلك اليوم، تلقيت اتصالًا من أحد أصدقائي من سكان مدينة غزة يطلب مني جلب كمية وقدرها 15 (كرتونة) من حبوب الترمال، فلم أوافق في البداية ولكن مع كثرة إلحاحه وافقت على ذلك"، مضيفًا: "وهنا اتصلت بأحد أصدقائي التجار، أطلب منه توفير الكمية المطلوب، والتي بالفعل وصلت إليّ بعد يومين فقط". لم يكذب (أ.ن) خبرًا، فاتصل بصديقة (ي.ب) 30 عامًا، وأخبره بأنه سيسلمه الكمية في الوقت المحدد، ليفاجأ أثناء عملية التسليم بعناصر الشرطة تنقض عليهما سويًّا لتلقي به الأقدار هنا .. حيث 40 سجينًا آخرون بتهم جنائية مختلفة يؤنسون وحدة سجنه فقط! سيكون على هذا الشاب بمجرد خروجه من السجن، أن يفتح صفحةً بيضاء مع نفسه أولاً، ثم مع مجتمعه ثانيًا، إذ كان الدرس قاسيًا عليه هذه المرة، ومن يعلم؟ قد تكون المرة القادمة أكثر شدة.. [title]الوصفة السحرية[/title] "علشان تنسى.. خود هالحبة ولا تأسى"، تلك كانت "الوصفة السحرية" التي استطاع من خلالها أحد أصدقاء العشريني محمد، ضم صاحبه إلى عالم متعاطي "الترامال".. حيث استغل الهموم التي أثقلت كاهله، وأقنعه بأن الحل هنا.. في هذا العقار الصغير جدًّا.. وبالفعل بدأ محمد رحلة التعاطي في بيت أحد أصدقائه المقربين، حيث يجتمع مع ثلةٍ منهم يوميًّا، ويسهرون سويًّا على وقع "طلاسم" يتحدثون بها حتى صباح اليوم التالي.. عند بداية حديثنا معه، تردد عن إعطاء إجابات شافية، خوفًا من ملاحقته لتعاطيه تلك الحبوب، لكننا أقنعناه بأن حديثه سيكون سببًا في إنقاذ غيره من الشباب قبل أن يغرقوا في دوامة التعاطي. قال: "توفي والدي وأصبحت الحياة في بيتنا مليئة بالمشاكل الأسرية، ولا أمتلك الأموال كي أتزوج، فوجدت الدنيا مسودة أمام عينيّ وفقدت الأمل في كل شيء"، موضحًا أن صديقه أقنعه بعدم التفكير بشيء من هموم الدنيا، وأن الحل يكمن في "الترامال".. وعقب: "فعلت ذلك بلا تردد، وأعترف، لقد كان هذا أكبر خطأ اقترفته في حياتي.. لقد بدأت أنسى همومي، لكن بدلاً من أن أوفر مالي كي أتزوج، صرت أنفقه على كيفي". [title] تخيلات وأوهام..[/title] في ذات السياق حاورت "الشباب" الاختصاصي النفسي أنور العبادسة، الذي أكد أن السبب الرئيس في تعاطي "الترامال" على وجه الخصوص، والحبوب المخدرة بشكل عام، يرجع إلى رغبة الإنسان في نسيان الواقع الذي يعيشه في غزة المحاصرة، من فقر أو بطالة أو غير ذلك. وبين أن متعاطي هذا العقار، يعتقد بأنه (العقار) يتيح له ممارسة حياته بشكل أفضل، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية، معقبًا: "فهو يتخيل أن هذا العقار يعطي الجسم نشاطًا، ولكنه بالأصل غير حقيقي". ولفت النظر إلى أن الطلب عليه بات في الجيل الجامعي، حيث يظن البعض أن هذا العقار يساهم في ارتفاع نسبة استيعابهم الدراسي، وزيادة معدل دراستهم اليومية ناهيك عن تحسين حالتهم النفسية. وأشار إلى أن متعاطي هذه الحبوب، يعاني بالمجمل من فقدان الثقة بنفسه، وكثرة التشتت، وعدم التركيز، والخروج من الواقع المدرك إلى بعض التخيلات التي قد تسبب انسداد الشهية، ونقص الوزن والصداع. وعن مخاطر "الترامال" الكبيرة، شدد على أن تعاطيه يشبه تعاطي أي نوع آخر من المخدرات، مبينًا أن تأثيره السلبي قد يشمل الجسد كله، فيؤدي استهلاكه إلى زيادة الجرعات، وتنويع الأصناف، وبالتالي السقوط في دائرة اللاأخلاقيات. ونوه العبادسة، إلى أن حملات التوعية يجب أن تبدأ من داخل الأسرة، وإشغال الشباب بما هو مفيد وإعلاء حاجاتهم، وبعد ذلك يتم توضيح بعض المعتقدات من خلال حملات التوجيه والتوعية، والعرض على طبيب مختص. [title]محرم شرعًا[/title] وحول رأي الشرع في ذلك أكد أستاذ الشريعة الإسلامية ماهر السوسي أن تعاطي عقار "الترامال" بدون وصفة طبية هو حرام شرعًا، مبينًا أن الإسلام يمنع تعاطي أي عقار يضر بصحة الإنسان مهما كان نوعه وحجم الضرر الذي قد يسببه، لأن القاعدة العامة في الإسلام "لا ضرر ولا ضرار". وأوضح أن هذا العقار هو عقار مغيب للعقل ويخالف الإسلام بذلك؛ لأن الإسلام حرّم تعاطي المخدر كالخمر وما يقاس عليها من المغيبات للعقل، وذلك حتى لا يغيب الإنسان عن عقله ويصبح مثل الحيوان. وبين أن غياب العقل يُنسي الإنسان الوظائف والالتزامات التي عليه تأديتها، كالصلاة وغيرها من الأمور، فتصبح حياته بلا جدوى، منوهًا إلى أن الكثير من الأضرار قد تنجم عن تعاطيه مثل الإدمان عليه بالإضافة إلى الكثير من الأمراض. [title]حقوقيًّا[/title] من جانبه أيد الحقوقي خليل أبو شمالة كافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في غزة ضد مروجي ومتعاطي عقار "الترامال"، مشددًا على أن لها الحق في اتخاذ أية إجراءات أخرى لتحافظ على سلامة المواطن. وأوضح أن مشكلة انتشار هذا المرض (ويقصد الترامال) قد لا تكون بسبب بعض الصيدليات فقط، ولكن بسبب بعض المهربين الذين يهربونها عن طريق الأنفاق أو أية طريقة أخرى، مؤكدًا على ضرورة التعاون من قبل كافة فئات المجتمع، لنشر التوعية ومطالبة الأسر بمتابعة أبنائهم كي لا يكونوا عرضة لهذا العقار.