30.01°القدس
29.77°رام الله
28.86°الخليل
30.5°غزة
30.01° القدس
رام الله29.77°
الخليل28.86°
غزة30.5°
الخميس 03 يوليو 2025
4.6جنيه إسترليني
4.76دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.98يورو
3.37دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني4.76
جنيه مصري0.07
يورو3.98
دولار أمريكي3.37

بعد الاستيلاء على أراضيهم

"حارس أملاك العدو".. قانون إسرائيلي لتهجير المقدسيين‎

2114bc7bba1fdc3be4c3d0fafd423723
2114bc7bba1fdc3be4c3d0fafd423723
القدس المحتلة - فلسطين الآن

تنظر الحكومة الإسرائيلية إلى العقارات التي امتلكها فلسطينيون اضطروا إلى الهجرة من أرضهم قبل العام  سبعة وستين على أنها أملاك غائبين تستوجب المصادرة.

وفي المقابل، تعتبر أملاكاً يقول يهود إنهم هجروها قبل العام ١٩٤٨ بأنها أملاك يهودية؛ فيُفسح القانون الإسرائيلي الطريق أمام استيلاء اليهود عليها تحت مسمّى "حق العودة" أو "استرجاع الأملاك".

وعلى مدى سنوات طويلة ماضية، نجح مستوطنون إسرائيليون في وضع اليد على أملاك عديدة في بلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، غير أنّهم صعّدوا في الآونة الأخيرة من محاولات وضع اليد على أملاك أخرى في سلوان والشيخ جراح تحت مسمّى استرجاع الأملاك.

ماذا يعني "استرجاع أملاك اليهود"؟

يشرح مستشار شؤون القدس في ديوان الرئاسة الفلسطينية المحامي أحمد الرويضي أن "الإسرائيليين يستندون إلى قانونٍ عنصريّ يطلقون عليه اسم قانون استرجاع أملاك اليهود، وهي أملاكٌ يُعِدّون أنها كانت بملكية اليهود قبل العام ١٩٤٨. وبعض هذه الأملاك كانت تحت مسؤولية "حارس أملاك العدو" في الحكومة الأردنية حتى الاحتلال الإسرائيلي العام ١٩٦٧، والبعض الآخر هي أملاك يستندون إلى وثائق يزعمون أنها بحوزتهم في محاولة لوضع اليد عليها".

وبدوره، أوضح الباحث الميداني أحمد صب لبن أن الحديث "يدور عن عملية تمييز صارخة. إذ، من ناحية يتمّ تصنيف عقارات الفلسطينيين على أنها أملاك غائبين يتيح القانون وضع اليد عليها، ومن ناحية أخرى يتمّ تصنيف أملاك يدّعي اليهود ملكيتهم السابقة لها على أنها أملاك عامة يتيح القانون استرجاعها".

وتتفق حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المتخصصة بمتابعة الاستيطان مع ما ذهب إليه الرويضي وصب لبن، فتقول بياناتها: "مررت إسرائيل في العام ١٩٧٠ قانوناً يمكّن اليهود من استعادة أملاك في القدس الشرقية يقولون إنهم فقدوها في حرب ١٩٤٨، ولا يوجد قانون مشابه يمنح الحق ذاته للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في ما بات إسرائيل خلال حرب ١٩٤٨".

من "بطن الهوى" إلى موسكوفيتش

سلوان هي واحدة من أكبر الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، إذ يصل عدد سكانها إلى ٥٥ ألف نسمة، وتبلغ مساحتها نحو ٥٦٤٠ دونماً. وهي من أكثر المناطق استهدافاً من قبل المستوطنين الإسرائيليين الذين أعلنوا الشروع بإقامة "مدينة داود" على أنقاضها، باحتلال عشرات العقارات فيها.

تعيش منطقة بطن الهوى في الحارة الوسطى في سلوان منذ سنوات مأساة هذا القانون. إذ إن جمعية "عطيرت كوهانيم" التي تنشط في استيطان البلدة القديمة وسلوان بدعم من الثري اليهودي الأميركي إيرفينغ موسكوفتش، تدعي ملكية أراضٍ تصل مساحتها إلى ٥ دونمات في المنطقة، بداعي أن الأرض والأبنية المقامة عليها تعود إلى الجالية اليهودية اليمنية التي عاشت في المنطقة حتى ما قبل مئة عام.

وقد نجحت "عطيرت كوهانيم" في السنوات الماضية بوضع اليد على ٧١ عقاراً في القدس، تتركز غالبيتها في البلدة القديمة وفي سلوان وجبل الزيتون.

وتحدد أرقام دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية أنه "في عام ٢٠٠٢، رفعت "عطيرت كوهانيم" ١٠ قضايا ضد ٢٥٠ فلسطينياً يقيمون في ٤٤ منزلاً في بطن الهوى، وتهدد بتقديم ١١ دعاوى إضافية ضد الفلسطينيين المتبقين في المنطقة"، مشيرة إلى أنها "تسعى لاستبدال الفلسطينيين بمستوطنين إسرائيليين".

ويعيش نحو ٥٠٠ فلسطيني في هذه المنطقة راهناً، ينحدرون من عائلات الرجبي، أبو ناب، السلوادي، بسبوس، سرحان، ودويك. وفيما تستمر الإجراءات الإسرائيلية ضد باقي العائلات، فإن "عطيرت كوهانيم" أجبرت عائلة أبو ناب على ترك منزلها، ووجهت إنذارات بالإخلاء لعائلات أخرى في المنطقة.

وبموازة ذلك، فقد تقدمت "عطيرت كوهانيم" بمخطط إلى السلطات الإسرائيلية لإقامة مستوطنة تضم 3 أبنية كل منها مكون من 4 طبقات في المنطقة. ولا تخفي "عطيرت كوهانيم" أن الهدف من وضع اليد على الأراضي والعقارات الفلسطينية، تحديداً في البلدة القديمة ومحيطها، يخدم في منع إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في مدينة القدس .ويؤكد ذلك صب لبن: "الهدف هو بسط النفوذ الإسرائيلي على الأحياء الفلسطينية في القدس وتعزيز الاستيطان فيها وتهويدها".

ويلفت الرويضي النظر في هذا الصدد إلى قضية منزل عائلة أبو ناب: "يقع المبنى في بطن الهوى في سلوان، ويدعي حاخام يهودي أن أقاربه امتلكوا المبنى في العام 1899، بموجب وثيقة تم تسجيلها في المحكمة الشرعية. بعض العائلات المهددة بالإخلاء تقيم في منازلها منذ 88 عاماً!".

26 قانوناً لاستيطان القدس الشرقية!

سطت السلطات الإسرائيلية على مبنى المحكمة الشرعية في شارع صلاح الدين في مدينة القدس، حيث وضعت اليد على العديد من الوثائق التي توفرت في مبنى المحكمة.

وكان الفلسطينيون قد اعتادوا تسجيل ممتلكاتهم وعقودهم لدى المحكمة الشرعية، ولذلك، فإن وضع اليد على الوثائق يفتح الطريق أمام الاستيلاء على عقارات فلسطينية في المدينة.

وحتى العام 2000، استولى المستوطنون على بنايتين كبيرتين في سلوان، الأولى تسمى "بيت جوناثان" نسبة إلى الجاسوس الإسرائيلي المعتقل في الولايات المتحدة الأميركية جوناثان بولارد، أما الآخر فيُسمى "بيت العسل"، وكلاهما يقعان على مسافة قصيرة جداً من بطن الهوى.

وقانون استرجاع الأملاك هو واحد من ٢٦ قانوناً إسرائيلياً تخدم الاحتلال في وضع اليد على أملاك فلسطينية في القدس.

ويشرح الرويضي: "يحاولون وضع اليد على العقارات من خلال قانون أملاك الغائبين والمصلحة العامة وقانون التنظيم والبناء وقانون الملكية وغيرها من القوانين".

وكان أول المنازل التي تم الاستيلاء عليها هو منزل عائلة غزلان في العام 1991، حيث ادعى يهودي فرنسي بأنه امتلك المنزل قبل العام 1948.

ويُلفت الرويضي هنا إلى أن الفلسطينيين قبل مئات السنين، عاملوا اليهود على أنهم من أبناء البلد، فتم بيعهم أو تأجيرهم عقارات في القدس كما في باقي المناطق".

وقد ساعد الفلسطينيون بذلك اليهود إثر اضطهادهم في أوروبا، غير أن فلسطينيي القدس يقولون اليوم إن أحفاد اليهود ذاتهم يضطهدونهم الآن.

وتقول "السلام الآن" إن "إسرائيل" تحوي آلاف العقارات التي كانت مملوكة من فلسطينيين قبل العام 1948، وقد أصبحوا لاجئين اليوم: "إن طلب المستوطنين تطبيق حق العودة يخلق تمييزاً وسياسة عنصرية تفضل اليهود على الفلسطينيين، كما أن كل عائلة يهودية فقدت عقارها بسبب حرب 1948 حصلت على بديل له كتعويض من قبل الدولة".

وقال صب لبن: "يتم وضع اليد على العقارات من خلال دائرة الأملاك العامة الإسرائيلية. وفيما يجيز القانون الإسرائيلي للدائرة إعادة هذه الأملاك لليهود، لا يسمح القانون ذاته بإعادة العقارات إلى الفلسطينيين. كما يسمح القانون الإسرائيلي ببيع عقارات تتم مصادرتها من خلال هذا القانون في المزاد العلني، ودائماً تتم عمليات البيع لليهود".

وأضاف: "تم تطبيق قانون الأملاك العامة في معظم الأحياء في القدس ، بما فيها حيا بيت حنينا وسميراميس، في شمالي المدينة".

وتابع: "العملية واضحة، تبدأ بتمليك المستوطنين عقارات بداعي امتلاكها من قبل يهود قديماً، ولاحقاً تبدأ الجمعيات الاستيطانية برفع الدعاوي ضد الفلسطينيين، ليليها إصدار أوامر إخلاء للعائلات الفلسطينية، ثم تأتي مرحلة التخطيط لإقامة مستوطنات على أنقاضها، فمرحلة البناء. وهذا ما يتم حالياً في بطن الهوى".

ويلخص الرويضي ما يجري بالقول: "تتم بدايةً محاولة شراء العقار من أصحابه، وإذا لم تنجح العملية، يتم استخدام وثائق مزورة. وتالياً، يتم اللجوء إلى مخزن القوانين العنصرية، وعلى رأسها قانون أملاك الغائبين، ومن ثم قانون استرجاع الملكيات".

خلال الأشهر الأخيرة، وضع المستوطنون أيديهم على عشرات العقارات الفلسطينية في سلوان، ويخشى الفلسطينيون في الحي مزيداً من المصادرات الإسرائيلية بحجج مختلفة، لعل البارز فيها هو ما يُسمى: "حق العودة لليهود".