18.94°القدس
18.8°رام الله
18.3°الخليل
24.93°غزة
18.94° القدس
رام الله18.8°
الخليل18.3°
غزة24.93°
الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
4.97جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.14يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.97
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.14
دولار أمريكي3.72

الملياردير العصامي التاسع

maxresdefault
maxresdefault

يوما بعد يوم تزداد قناعتي بأن النجاح في عالم التجارة قائم على بيع سلع وخدمات، وجها لوجه. قناعتي هذه زادت بعدما انتهيت من قراءة مقالة مجلة فوربس عن مايكل روبن، تاسع ملياردير عصامي أمريكي تحت سن الأربعين ينضم لقائمة المليارديرات العصاميين، رواد الأعمال، الانتربنور، الذين بدؤوا من الصفر، من لاشيء وحتى بلغ ما يملكونه أكثر من مليار دولار في أمريكا.

لم يعد ربح مليون دولار بالخبر المستحق للحديث عنه كما كان في السابق، وأصبح التوجه الحالي الحديث حول من ربح المليار وهو لم يبلغ العشرين أو الثلاثين أو الأربعين وهكذا.

صاحبنا مايكل لم يرد تغيير الدنيا للأفضل، ولم يخترع المصباح الكهربي، بل هو تاجر بالفطرة، محب للمخاطرة ويفكر في المستقبل.

من بيت والديه في ولاية فيلادلفيا كانت بدايته حين ذهب إلى معسكر تخييم للأطفال، بعدا أخذ باقة بطاقات أشهر شخصيات لعبة البيسبول الأمريكية الشهيرة، وهناك قام ببيعها للآباء الذين قاموا بزيارة أطفالهم في المعسكر واشتروا منه البطاقات بربح جيد، بعدها اتفق مع خمسة أولاد صغار كي يعملوا لديه براتب مقابل إزاحة الثلوج من طرقات زبائنه.

وعمره 12 سنة، بدأ في بيع البذور من باب لآخر في حيه، وحين رجع من معسكر للتزلج قرر افتتاح محل لدوزنة (Tune up / Tweak) معدات التزلج في بدروم بيت والديه.

بعدها بفترة وجد مايكل أن بيع المعدات ذاتها أفضل من مجرد إصلاحها، ولذا دخل هذا المعترك بكل قوته.

سلك مايكل سلوكا "شرسا" في التسويق والإعلان لمشاريعه، حتى أنه قام بتوزيع منشورات دعائية على السيارات الواقفة في منطقة تتبع لمنافس له في السوق، فما كان من هذا المنافس إلا واتصل هاتفيا بوالد مايكل وهدده أنه إذا لم يتوقف ابنه عن هذه النشاطات الإعلانية المستفزة في منطقته فسوف يبلغ عنه الشرطة ليقبضوا عليه.

جادل والد مايكل هذا المنافس قائلا له: إنه طفل يبلغ 12 سنة من العمر، فماذا يمكنه أن يفعل لكي يهددك في تجارتك؟ واستمر مايكل في التسويق والإعلان حتى بلغت إجمالي المبيعات 25 ألف دولار في أول سنة له في هذه التجارة، بربح صافي شهري قدره 500 دولار في المتوسط.

ولما بلغ 14 سنة أقنع والده كي يستأجر متجرا في سوق تجاري قريب، ليتبعه باستئجار متجر آخر بعدها بسنتين، ثم بعدها توصل لصفقة مع إدارة مدرسته ليسمحوا له – ولشركائه – بالدراسة بدوام جزئي لا كلي (بارت تايم).

وعمره 16 سنة حل موسم تزلج شتوي ضعيف الإقبال شحيح المبيعات، الأمر الذي ترك بصمة شديدة الوطء على تجارة مايكل – ديون قدرها 120 ألف دولار! يحكي مايكل عن هذه الفترة فيقول: لم ينتابني الخوف، ونظرت للديون على أنها خطوة أخرى عليه أن يخطوها.

لتفادي إعلان إفلاس شركته وإغلاقها، اقترض مايكل من والده مبلغ 37 ألف دولار والذي اقترضها بدوره، ثم دفعها للمقرضين، وكان شرط والد مايكل لإقراضه هو أن يذهب مايكل للدراسة الجامعية.

كبوة صغيرة خرج منها مايكل ببعض التفكير، إذ عثر على صفقة مبيعات تزلج قيمتها 200 ألف دولار عرضها صاحبها مقابل 17 ألف دولار فقط.

لكن كيف سيوفر ثمنها – خاصة وأن مدين لوالده؟ اقترض مايكل من جار مرابي، أقرضه المبلغ مقابل فائدة قدرها ألف دولار لكل أسبوع يمر قبل سداد كامل المبلغ (ولهذا ترفض الشريعة الاسلامية مبدأ الربا).

قبل مايكل المخاطرة واشترى المعدات وباعها خلال 4 أسابيع مقابل 75 ألف دولار وسدد مبلغ الربا وكذلك سدد دينه للدائنين ولوالده. هذه الصفقة جعلته يركز أكثر على البيع بالجملة والبعد عن البيع للمشترين الفرديين.

تعلم مايكل الكثير من هذه التجربة، إذ بدأ يبحث عن معدات رياضية ذات جودة عالية وسعر متدني في الوقت ذاته، وهو بدأ بشراء المعدات الزائدة عن حاجة الآخرين بسعر متدني، ليقوم ببيعها في سلسلة من 3 محلات بيع معدات تزلج كان قد سبق له شرائها.

بعد قضاء شوط دراسي واحد، قرر مايكل ترك الدراسة الجامعية للتركيز على تجارته، وفي عام 1994 قرر إطلاق علامته التجارية الخاصة في عالم الأحذية وأسماها يوكون Yukon.

في عام 1995 وبعد بلوغه سن 23 ربيعا قرر شراء حصة قدرها 40% من رايكا أو Ryka وهي شركة مساهمة تصنع أحذية نسائية كانت تمر بضائقة مالية جعلتها على شفير الإفلاس، مقابل 8 مليون دولار، جزء منها نقدا والباقي ضمانات لسداد ديون على الشركة.

بهذا الشراء أصبح مايكل المدير التنفيذي لهذه الشركة، ليكون بذلك عضوا في نادي المليونيرات العصاميين بأريحية.

بنهاية هذه السنة، جاء إجمالي المبيعات السنوية 50 مليون دولار بزيادة 30% عن السنة السابقة بفضل إدارة مايكل.

في عام 1997 جمع مايكل جميع شركاته تحت مظلة واحدة – شركة جديدة أسماها الرياضة العالمية أو جلوبال سبورتس، مما جعل إجمالي المبيعات السنوية للعام الأول لهذه الشركة الجديدة يفوق 130 مليون دولار.

الآن لدي سؤال: لماذا لا تجد أطفالا صغارا تبدأ التجارة من سن صغيرة؟ من يتابعني سيعرف رفضي لحجة أمريكا بلد المعجزات، أو أن الغرب يوزع النجاح في زجاجات بنكهة النعناع المنعش، أو أن القروض الربوية هي سبب نجاحهم ولأن الإسلام حرمها فالمسلمون معذورن في عدم نجاحهم تجاريا وصناعيا وعلميا. مقدار المجهود اللازم للنجاح في الشرق أو الغرب متساو، ومن كان لديه مقومات النجاح لترك الشرق إلى الغرب لكي ينجح، ولأفلح في تحقيق ذلك ولو على خطوات. هذا يفسر لك سبب نجاح 1% فقط من المشاريع الناشئة في الغرب.

في اجتهادي الشخصي الضعيف: القصة ليست شرق أو غرب، القصة هي اختيارات شخصية.

كان يمكن لمايكل أن يتابع أفلام الكرتون، أو يدخل عالم الجريمة، أو غير ذلك الكثير، لكنه لم يفعل، فلماذا؟ لماذا اختار مايكل بيع الخضروات من باب لآخر، مع تحمل الرفض والطرد والزجر، ولربما نظرات الاستهزاء والتقليل من الشأن؟ (من قرأ قصة مؤسس ايكيا سيجده وقد فعل الشيء ذاته في سن مبكرة، أمر تكرر مع ناجحين آخرين).

ما الذي جعله ينفق أرباحه في توسيع تجارته وشراء فروع جديدة؟ لماذا يفكر في شهادة جامعية شهيرة ووظيفة مرموقة وزيجة مرتبة وأولاد يكررون حياته كما هي؟

هذا أيها السادة هو السؤال. أرحب بإجاباتكم.

على الجانب:

الأمر كذلك يتكرر في مجال مواقع انترنت في العالم العربي تحديدا، يجب أن تركز على تبيع سلع ومنتجات، لا أن تركز فقط على بيع الإعلانات، هذا إذا كنت تريد لعملك التجاري أن يكبر ويكون إمبراطورية، لا موقعا يخسر بعدما يغير جوجل من ترتيب نتائج البحث عليه.

صناعة الإعلان تعتمد على وجود منتج للإعلان عنه بشكل يضمن تحقق أرباح ومبيعات. في الفترة الحالية، يجب أن تكثر المتاجر الإلكترونية، لتحتاج إلى شراء إعلانات بميزانيات كبيرة.