19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

جواز السفر حلم يراود اللاجئين من فلسطينيي سورية

ايات الهوواشة
ايات الهوواشة
إبراهيم العلي

اللاجئ الفلسطيني من سورية شريد طريد هائم على وجهه حيران، وما إلى ذلك من صفات البؤس والحرمان التي عرفتها قواميس اللغات الحية والحضارات والأمم المتمدنة، لكن هذا المصطلح (اللاجئ الفلسطيني) لم يعد يعني شيئًا لتلك الأمم في ظل ما يشهده العالم من متغيرات.

لقد نجم عن نكبة فلسطينيي سورية الجديدة العديد من المشكلات والمآسي، التي اجتهد الناشطون من الكتاب والباحثين الفلسطينيين والمتعاطفين معهم من الإخوة العرب في تشخيصها وتصويرها، ووضعها أمام الرأي العام العالمي والعربي والفلسطيني، علها تحرك فيهم ساكنًا أو تدفعهم إلى اتخاذ خطوات معينة تجاه أكثر من 560 ألف لاجئ فلسطيني سوري يقاسون داخل وخارج سورية عذابات النزوح واللجوء والهجرة.
فجواز السفر أو الهوية الفلسطينية أصبحا حلمًا يراود اللاجئين الفلسطينيين في أماكن اللجوء الجديد، وبالعودة إلى توضيح هذه الجزئية من حياة اللاجئ نجد أنها تشكل كابوسًا يلاحق الشباب الفلسطينيين السوريين في بعض الدول التي آلت إليها أحوالهم.

ففي لبنان _على سبيل المثال_ الدولة التي تضم النسبة الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين من سورية لأسباب كثيرة، منها: القرب الجغرافي والسماح بداية للاجئين الفلسطينيين السوريين بالدخول إليها على الهوية الشخصية أو إخراج القيد، واللجوء الكبير من مخيم اليرموك بعد قصفه بالطيران الحربي (الميغ) يوم 16 كانون الأول (ديسمبر) 2012م (تقدر الإحصائيات أن نحو 59% من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان من مخيم اليرموك) وغيرها من العوامل؛ من مجمل المشاكل التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون السوريون التي بدأت تظهر للعيان بصورة جلية وواضحة _لاسيما ما يتعلق منها بالأحوال الشخصية_ تثبيت عقد الزواج أو تسجيل الولادات أو الوفيات أو استصدار الأوراق الثبوتية، خصوصًا بعد قرار الحكومة اللبنانية منع اللاجئين الفلسطينيين من الدخول إلى لبنان بعد المغادرة إلى سورية إلا في حدود ضيقة جدًّا جدًّا، وكذلك تضاؤل فرص الحصول على جوازات السفر بعد انتهاء فعالياتها والحاجة إلى تجديدها أو استصدار جوازات جديدة لمن لم يتمكن من ذلك قبل خروجهم من سوريا مكرهين، وبعد ارتفاع الرسوم التي فرضتها الحكومة السورية على معاملات استصدار الجوازات أو تجديدها في السفارات بالعملة الأجنبية: 200 دولار للتجديد و400 دولار للاستصدار، ومدة الصلاحية عامان فقط.

وفي الأحوال المشابهة للحالة التي تنطبق على اللاجئين الفلسطينيين من سورية تجد سفارات الدول المعنية تتصدى لهذه الحالات، وتقوم بالدور الواجب عليها تجاه رعاياها في دول اللجوء الجديد، فالقوانين الدبلوماسية والقنصلية تعطيها الحق في ذلك، لكن عند تقويم أداء عمل السفارات الفلسطينية في مناطق وجودها يلحظ أن هناك تفاوتًا في الأداء بينها، فسفارة فلسطين لدى لبنان ترفض منح اللاجئين الفلسطينيين جوازات سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية دون رقم وطني، إلا في حالات محدودة ومقيدة بشروط معينة ولأسباب تبرر لها ذلك حسب فلسفتها للموضوع، مع الحاجة الماسة للاجئين الفلسطينيين إلى الجواز؛ لأن الرجوع إلى سوريا والعودة إلى لبنان للقادرين على ذلك غير متاحين في ضوء القوانين اللبنانية النافذة، وأيضًا يستحيل على الشباب الذهاب إلى سورية لما تشهده من تدهور في الأوضاع الأمنية بوجه عام ولأسباب ذاتية تتعلق بهذه الشريحة، كالتجنيد الإلزامي في جيش التحرير الفلسطيني الذي انخرط في الأعمال العسكرية إلى جانب النظام السوري، وقدم أكثر من 150 ضابطًا وضابط صف ومجندًا في المعارك الدائرة بمختلف المناطق السورية.

لقد أصبح هؤلاء الشباب مقيدي الحركة بلا جوازات سفر تمكنهم من الانتقال والحركة إلى خارج لبنان، وبذلك عطل حق مكفول من الحقوق التي نص عليها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، بالمقابل تجد أن السفارات الفلسطينية في تركيا ومصر وليبيا وماليزيا _على سبيل المثال لا الحصر_ تمنح اللاجئين الفلسطينيين السوريين جوازات سفر سلطة خلال مدة أقصاها ثلاثة شهور، دون أي تشديد، وبمجرد التقدم إليها وتسديد الرسوم المفروضة (50 يورو) والبيانات المطلوبة.

أخيرًا يجد اللاجئون الفلسطينيون السوريون في الشتات أنفسهم أمام سؤال محق وملح تلهج به ألسنتهم: لماذا هذا التفاوت في التعامل بين سفارات الدولة الواحدة؟، وما هي الضوابط التي تجعل من اليسير عليهم الحصول على جواز دولة يحملون جنسيتها؟، ولماذا تغيب القوانين عن عمل القائمين على السفارات والبعثات الدبلوماسية والقنصلية التي تجعل الرعايا متساوين أمام المرفق العام؟، أم أن اللاجئين الفلسطينيين في الشتات هم خارج الحسابات، وأمرهم متروك لسلطة ومزاج وتعاطف وتفهم المعنيين في السفارات، بشكل يجعل مستقبلهم مرهونًا لساعة سعد يمر بها سعادة السفير في زمن عز فيه النصير؟