9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
14.89°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة14.89°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: عَرَبٌ بلا فيتو

بِتعْدادهِم الدّيمغرافي الذي تَجاوَز ثُلث المليار، وبما في باطِنِ أَرْضهم وَعلى سَطْحها، وبتاريخهم العَريق وما يتمتّعون به من مواقع وثغور، كان أمام العرب العديد من الفرص الذهبية التي بُددت . هم جديرون بجائزة كونية تنافس نوبل، وبسينما تحسدهم عليها هوليوود، وأخيراً بفيتو يشهرونه عندما تتطلب ذلك مصالحهم القومية . لكن حاسوباً شَيْطانياً، وليس غَبّياً فقط، ذلك الذي جعل حاصل جمع تلك المكونات والعناصر أقل بأضعاف مما يجب، وخلال نصف قرن تلاعبت الفيتوهات شَرْقاً وغرباً بقضايا عربية، منها ما هو مَصيريّ، وحتى الجامعة التي أنْشَأوها واسْتَبقت أهم المنظمات الدولية سرعان ما بلَغَتْها العَدْوى وتعرضت للتّهميش تارة والهجرة تارة أخرى، إضافة إلى ما عَانَتْهُ وتَعُانيه من حالات التّشظي داخل جدارنها التي تعكس بالضرورة ما يتعرض له الوطن العربي من تَشّظَيات، وَتَحَول بعض الكَينْونات فيه إلى كُسور عَشرّية . لقد اشتكى العَرَب من عدم اختيار أمين عام للأمم المتحدة منهم ولزمن طويل، ثم ظفروا ولو مرة واحدة بهذه الأمانة، وحلموا بجائزة نوبل التي كانت قبل نجيب محفوظ حَكْراً على الثقافات الأخرى، وحقق أفراد منهم مُنْجزات علمية وإنسانية لا تقل بأي مقياس عن كل ما تحقق في الغرب الحديث . وإن كان هؤلاء الأفراد يفتقرون إلى السياق القومي الذي يَحشدهم . ورغم أن “لَوْ” لا مكان لها في التاريخ إلا على سبيل الخيال السياسي والعالم الافتراضي، لكن العرب لو كانوا قُوّة دوَلْية تملك حق الفيتو لاختلفت الرّواية من أولها حتى خاتمتها . وقد كتُبَ حتى الآن آلاف الكتب والأبحاث المكرسة لتوصيف التخلف العربي وعوامل التجزئة التي حوّلت وطناً بِسِعَة قارة إلى خُطوط طول وعرض متقاطعة، لكن ما كتب عن إمكانات هذا الوطن المُؤَجّل لا يزال شَحيحاً وعلى اسْتِحْياء، كأن المركب الماسُوشي الذي أفرزته متوالية الانكسار والإحباط دفع الكثيرين منا إلى التلذذ بهجاء الذات وَتَقْريع الأمة بأسرها، بحيث يبدو من ينصرف إلى رصد الإمكانات الهاجعة في الأرض والنّاس رومانسياً، أو يُراهن على حصان أعرج . ولقد أبْطَلت الفيتوهات شرْقاً وغرباً الكثير من المشروعات العربية ذات البعد النهضوي ولو على المدى الأبعد، كما أجْهضت دفاعات مشروعة لتحصين وطن سال لُعاب الطامعين فيه من كل الجهات والحدود . كأنّ السقف الذي قرر مبكراً للعرب هو هذا الذي يفرض عليهم أحياناً أن يتحولوا من أشجار نَخيل باسقة ولا تعرف الانحناء إلى أشجار لبلاب فقدت عِصامِيتها ولاذت بأي جدار أو أي شيء آخر كي يعينها على الوُقوف . نتمنى من واضعي التقارير الصحية والثقافية والاقتصادية عن الوطن العربي التي تقدم مَوْسّمياً في أجواء مأتمية أن يقدموا لنا ولو ملاحق عن الإمكانات والبراعم التي يتشكل المستقبل من تحققها ومن نموها إذا لم تكن هناك هراوات غليظة في الدواليب أو قابِلات غير شرعيات يجهضن الحوامل أو يَخْنُقْن الأجنة في الأرْحام . إن الكلمة مهما بلغ جمالها لا قيمة لها إن لم تكن ضمن سطر أو سياق أو كتاب، وثمة أفراد عرب يشبهون هذه الكلمات الآسرة، لكنها تبقى مُبَعْثَرة هنا وهناك وبلا جاذب قومي يَصْهَرُها في بوتقةٍ أو يُوْويها في نَسَقٍ أو سياق . فالتخلف باقٍ إلى الأبد أن لم يكن هناك وعي به . والتقدم سيبقى مُؤجلاً إلى أجل غير معلوم إن لم يكن مَصْحوباً بالوَعْي الذي يُحيط به وَيُوظفه .