23.33°القدس
22.86°رام الله
22.19°الخليل
26.12°غزة
23.33° القدس
رام الله22.86°
الخليل22.19°
غزة26.12°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

خبر: حينما تصبح "الكليات المهنية".. طوق النجاة

يعزب الكثير من الأهالي عن دفع أبنائهم لدراسة التخصصات المهنية، بالرغم من تفاقم ظاهرة البطالة وتفشّيها بشكل كبير جدًّا في المجتمع الفلسطيني وقطاع غزة، وتكدس سوق العمل بالخريجين الجامعيين. وتبقي نظرة الغزيين للكليات المهنية نظرة دونية، إلا أنه وبالرغم من هذه النظرة، استطاع العديد من أصحاب المشاريع الناجحة والذين التحقوا بهذه الكليات كسرَ الهوّة بينهم وبين هذه الكليات وحققوا الإبداع والتفوق من خلالها. [title]والدي أول من شجعني..[/title] الطالب يامن أنور اللوح لم يجد سبيلا غير التوجه لدراسة تخصص (فني تكييف وتبريد) في كلية علوم المجتمع، بعد أن ترك المدرسة وهو في الثانوية العامة، حيث اقترح عليه أحد أقربائه بالدراسة فيها بدلاً من البقاء عاطلاً عن العمل. ويقول اللوح بأنه تردد في البداية كثيرًا في التوجه إليها مشككًا في جدوى العلوم والمعلومات التي تقدمها، معتقدًا بأن اكتساب المهنة عن طريق العمل مباشرة عاملاً في إحدى الورش أفضل من الدراسة، إلا أنه غير فكرته سريعًا بعد أن تعرف على طبيعة الدراسة والمحاضرات التي تقدمها الكليات للطلبة. وأضاف: "كنت مترددًا في طرح الفكرة على والدي خشية من الرفض، لكن كانت النتائج عكس ما توقعت؛ فوالدي سرعان ما وافق على الفكرة، بل وقدم لي رسوم التسجيل وقدرها ألف شيكل". وأكمل "بعد أن التحقت بالكلية شعرت بأهميتها، وحجم الفائدة والمعلومات القيمة التي تقدمها ويتلقاها الطلبة، وأنها تعمل على تأسيس الطالب في المهنة التي يدرسها"، لافتًا إلى أنها تحتاج من الطالب الجهد والانتباه الجيد والاهتمام بالذات بقدر كافٍ حتى يحقق النجاح والتميز في سوق العمل. وعن دوافع توجه الطالب يامن للدراسة في هذه الكليات أوضح أن "البطالة تزاد بشكل كبير وهي أشبه بكتلة الثلج المتدحرجة التي تكبر يومًا بعد يوم، وأن التخصصات العلمية في الجامعات تملأ سوق العمل وفرص العمل محدودة جدًّا، ناهيك عن ضعفي في التحصيل العلمي الذي لم يساعدني على إكمال المسيرة التعليمة". ودعا اللوح جميع الشباب العاطلين عن العمل أو الذين فشلوا في المسيرة التعليمة التوجه إلي الكليات المهنية وتعلم المهن والحرف التي تؤمّن مستقبل الفرد وتوفر له حياة كريمة. [title]طوق النجاة..[/title] أما الشاب صهيب ماهر البردويل (20 عامًا)، الذي خلف والده في صيانة الأجهزة الإلكترونية، يقول "إن دراستي في إحدى الكليات المهنية قبل وفاة والدي كانت بمثابة طوق النجاة لي ولأسرتي وبداية قصة النجاح". ويقضي البردويل ساعات طويلة في صيانة الأجهزة الإلكترونية في ورشته التي ورثها عن والده بعد وفاته، ويسرد لصحيفة "الشباب" قصته مع مهنته التي وفرت له ولأسرته الملاذ الآمن والحياة الكريمة: "بعد أن رسبت في عدة مواد في الثانوية العامة، اقترح علي والدي دراسة صيانة الأجهزة الإلكترونية بمدرسة الإمام الشافعي، إلى حين قدوم امتحانات الثانوية العامة". وتابع:" لم أتردد أو أفكر في الأمر على الإطلاق، لأن الفكرة كانت من تشجيع والدي وهو يعمل في هذه المهنة ويدرك أهميتها ويعلم حجم الفائدة العائدة منها، لذلك قررت الدراسة في هذا التخصص، وأكون بذلك تعلمت صنعة بالإضافة إلي حصولي على الثانوية العامة". ويقول: "بعد أن أنهيت دراستي التخصص المهني تقدمت لامتحانات التوجيهي وبحمد الله حققت النجاح الذي تمناه مني والدي، وبعدها بفترة قصيرة توفي والدي رحمه الله، وتمكنت من أن أستلم ورشة صيانة الأجهزة الإلكترونية، وأن أسد الفراغ الذي تركه والدي بعد رحيله". وفي نصيحة وجهها البردويل لكل شاب في مقتبل العمر: "أقول "بأن الشغل والمهنة شرف للإنسان، ومن الضروري على كل شاب ألا يضيع الوقت دون فائدة وأن يتعلم تخصصًا ومهنة تنفعه في مستقبله". لم أندم.. من جانبه اعتبر الشاب نافذ اللوح أن الكليات المهنية توفر الأرض الخصبة لتعلم المهنة وفق الأصول كما أنها تؤسس لمستقبل الفرد كونها تعطيه فرصة لاكتساب صنعة في عامين، وقد يحتاج إلى سنوات طويلة لو حاول أن يتقنها بالطرق التقليدية. ودرس اللوح "سمكرة ودهان الثلاجات والغسّالات" في مدرسة الإمام الشافعي، بعد أن ترك المدرسة برغبة منه ومن والده الذي دفعه لتعلم هذه المهنة حتى يساعده في أعباء الحياة، المتزاحمة والمتلاحقة عليه، لضيق وضعه المادي. الشاب نافذ قال "الدراسة في الكلية المهنية وفّرت لي الأرضية الخصبة للعمل في هذا المجال وأسست لي مستقبلي من خلال الصنعة التي تعملها، حيث أقدمت فور تخرجي في الكلية المهنية على فتح ورشة صغيرة وبدأت أطبق المعلومات التي درستها في المدرسة، ولله الحمد اليوم أمتلك محلا من أكبر المحلات في صيانة وسمكرة ودهان الغسالات والثلاجات". ويقول: "سبب نجاحي في هذه المهنة وتفوقي فيها بدرجة مهنية عالية هو من الله أولاً ثم من رغبتي منذ البداية بدراسة هذه المهنة والاهتمام بنفسي", داعيًا كل الشباب العاطل عن العمل والذي يقضي أوقاته دون فائدة أن يلتحق بإحدى الكليات ويتقن صنعة تنفعه في مستقبله. ويضيف "في النهاية لو لم توفق في هذه المهنة فلن تخسر شيئًا؛ فهي لن تأخذ من حياتك سنوات طوالا، ففي عام واحد أو عامين تكون قد تعلمت المهنة وتكون جاهزًا للبدء في بناء مستقبلك". اكتشف نفسك وحدد مستقبلك.. بدوه يرى "النجار" عمر أبو ريالة (28 عامًا) بأن التخصصات المهنية ملاذ جيد لكل من لم يسعفه الحظ في التعلم والتفوق في الدراسة، وأنه يتوجب على الإنسان أن يكتشف نفسه مبكرًا، وأن يعرف نقاط القوة لديه ويقويها ونقاط الضعف ويعالجها. ويقول "بدأت أكتشف نفسي، وأدركت بأن مستقبلي سيكون من خلال الدراسة في الكليات الصناعة، وبالفعل توجهت إلى الكلية الخاصة بوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتحقت في قسم النجارة عندها بدأت وضع الحجر الأساس لمستقبلي، وقررت أن أصبح من أمهر النجارين في سنوات قليلة وعزمت على هذا الأمر". وأضاف: "والدتي عارضت الفكرة وطلب مني أن أهتم بتحصيلي العلمي حتى أحقق لها أمنيتها ككل أم تتمني أن تفرح بابنها، وإن إخوتي أيضًا لم يشجعوني بالفكرة، إلا أنه ومن باب "رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه"، قررت أن أنفذ ما في رأسي وأن أدرس بالكلية المهنية". وتابع" درست الكلية وبتوفيق من الله تعالي حصلت على الأول على دفعتي في كلية الصناعة في قسم النجارة، وقبل تخرجي بدأت أعمل كعامل بالأجرة في منجرة وسط القطاع، مما أسهم في إكسابي الخبرة اللازمة وخلال سنوات قليلة أصبحت من النجارين المهرة، واليوم بفضل الله أمتلك منجرة خاصة بي". [title]لكل مهنة أصول..[/title] من جانبه يعتبر الكهربائي فكري الحلاق، أن كل شيء في الكون مبني على أسس وأصول، وكذلك الحال يكون مع التخصصات المهنية والتقنية، فهي أيضًا بحاجة إلى العلم لمعرفة كيف يتم التعامل معها. وقال الحلاق لصحيفة "الشباب" إنه قبل أن يدرس في كلية الصناعة، كان شغوفًا بـ"الكهرباء"، وكان يعشقها، ويضيف "لقد أنهيت دراسة الثانوية العامة ولم أتمكن من السفر لمصر لإكمال دراستي في ذلك الوقت، فقررت دخول كلية الصناعة". ولفت النظر إلى أنه اشتغل كعامل بالأجرة لمدة أربعة أيام فقط، "لأكتسب بعض فنيات المهنة، ومن ثم انطلقت في العمل بشكل حر". وأوضح الحلاق أنه عندما التحق بكلية الصناعة كان يتقن الصنعة بنسبة 70%، وأن دراسته جاءت من باب معرفة المهنة على أصولها العلمية، مؤكدًا أن تعلم المهنة بدون أسس علمية له سقف محدود في العمل ويجعلك تقف عند حد معين من العمل، وأنه لابد من مواكبة العلم. وختم حديثه بالقول: "إن الكليات المهنية تؤسس الطالب بنسبة 80% ويبقى 20%، ينبغي على الطالب الاجتهاد على نفسه والعمل التطبيقي خارج الكليات، لاكتساب فنيات المهنة، داعيًا كل شاب يريد أن يتعلم مهنة أن يلتحق بالكليات المهنية لتعلم المهنة وفق الأصول. [title]من حقي أن أختار[/title] "من حقك أن تختار، ومن حقي أيضًا أن أختار، فلا تحرمني حقي في شق طريقي، وصناعة مستقبلي".. هي صرخة يطلقها اليوم كل شاب، يرغب في الانضمام لسوق العمل، وعدم الانتظار حتى ينضم إلى جيوش البطالة، لولا خوفه من "كلام الناس"، ورغبة الأهل في رؤيته في "الجامعة"، حتى وإن الأمل بحصوله على وظيفة بعد التخرج بمثابة أضغاث أحلام. إذًا .. ينبغي على المجتمع أن يوقف نظرته الخطأ لهذا التعليم، ولكل من يرغب بالانضمام إليه، فالعمل بكل أشكاله ليس عيبًا، بل هو الشرف ذاته.