22.21°القدس
21.96°رام الله
21.08°الخليل
26.03°غزة
22.21° القدس
رام الله21.96°
الخليل21.08°
غزة26.03°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

من يملك الميدان يملك الطاولة

يوسف رزقه
يوسف رزقه
يوسف رزقة

يقول التاريخ، وتقول التجارب: إنه لا حوار سياسي موزون بين أطراف متصارعة في ظل موازين قوة مختلة أو غير متوازنة في الميدان. مقولة التاريخ هذه تلخص مخرجات مؤتمر جنيف الأخير بين أطراف الصراع في سوريا برعاية الأمم المتحدة ومشاركة الدول الكبرى.

بعد أن وصل وفد المعارضة لجنيف تبنى في خطابه نقطتان : الأولى أن ما يجري مفاوضات بحسب قرارات جنيف واحد، وقرار مجلس الأمن. والنقطة الثانية هو الحديث في الشئون الإنسانية التي أسماها قضايا فوق تفاوضية، مقررة سلفا في قرار مجلس الأمن. وكان هذا الخطاب استجدائي استغاثي يعبر عن حالة ضعف، ويطلب من الدول الكبرى والأمم المتحدة الاستجابة لها.

بينما اتجه خطاب بشار الجعفري في المقابل وجهة أخرى مناقضة تماما لخطاب المعارضة، فقال : إن ما يجري في جنيف محادثات وليس مفاوضات، وقد امتلأ خطابه بنشوة انتصارات النظام وروسيا في اللاذقية وحلب وحمص، ومن ثم تعطل المؤتمر قبل أن يبدأ بسبب غياب التوازن لا في الخطاب، بل في الميدان عسكريا، فقررت المعارضة حزم أمتعتها والمغادرة، بعد أن علق ديمستورا أعمال المؤتمر ل(٢٤) من الشهر الجاري ، ولا أحد بمكنته تكهن ما يجري في قابل الأيام.

وفد المعارضة يقول لن يعود للمباحثات قبل تحقيق مصالح الشعب الإنسانية. وديمستورا حدد تاريخ العودة، والميدان يعمل ضد المعارضة عسكريا، فهل ستكون ثمة مفاوضات وعودة؟! القرار يخرج من الميدان قبل أن يخرج من رئاسة وفد المفاوضات. هذه المواقف المختلطة بين ما نريد وبين ما يمكن فعله هو بسبب تراجع حالة الميدان عسكريا. وقديما قال الشاعر: لو أن قومي أنطقتني رماحهم نطقت ولكن الرماح أجرت. وما أقوله هنا لا يهدف النيل من المعارضة السياسية والعسكرية للشعب السوري، بل هو توصيف للحالة القائمة، وما تعانيه الثورة من يتم، ومن الجلوس على موائد اللئام أكبر مما يحتمل.

المعارضة السورية، كالمقاومة الفلسطينية، كل منهما قامت بما يجب أن تقوم به، ولكن النظام العربي والإقليمي ودولي وربما بتآمر أكبر عليها. وحين ذهب المفاوض الفلسطيني إلى المفاوضات رجع بخذلان عربي وإقليمي ودولي، وبدلا من أن يتحدث عن الدماء والتحرير تراجع وشرع يتحدث عن الحالة الإنسانية للشعب تحت الاحتلال، ولا يتحدث في خطابه عن التحرير البتة؟! .

لقد نجحت روسيا والنظام والحلفاء في جرًّ المعارضة إلى دائرة الشئون الإنسانية في جنيف، ومغادرة دائرة الدم، وإخراج الأسد من المعادلة. والميدان يقول الآن يقول كيف يخرج المنتصر، بطلب من معارضة تعاني التراجع إن لم يكن الهزيمة؟! ، لذا يجدر بالمعارضة ترك جنيف والعمل على تحقيق التوازن في الميدان، حتى تحصل على توازن في الخطاب وفي المفاوضات. ومن البداهة المعلومة أن القوة هي التي توجه المفاوضات.

من يملك الميدان يملك الطاولة، لذا كثفت روسيا غاراتها وهجماتها في أثناء وجود المفاوضين في جنيف ؟! وأخيرا فيجدر بالمعارضة مراجعة تجربة محمود عباس في المفاوضات.