9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
14.89°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة14.89°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: فلسطين: هل تذكرون؟!

يوم الجمعة الماضي (9/3) شنت (إسرائيل) غارتين على قطاع غزة أسفرتا عن قتل أربعة فلسطينيين بينهم الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الشيخ زهير القيسي (أبو إبراهيم)، وهو خبر لم أجد له أثرا في الصحف المصرية التي صدرت في اليوم التالي (أمس السبت). ولم يكن التجاهل متعمدا في الأغلب، لأن صحف القاهرة بدت منكفئة على الداخل. ومشغولة بالانتخابات الرئاسية المصرية التي احتلت المساحة الأكبر من اهتمامها. أما حظوظ الشأن الخارجي فقد كان التركيز فيها منصبا على متابعة أخبار الانتفاضة الشعبية في سوريا، وتطورات العلاقة المتوترة بين إيران وكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. الملاحظة ليست جديدة، ولكنها تكررت خلال الأشهر الماضية على نحو يسلط الضوء على حقيقتين مهمتين: الأولى أن الاهتمام بقضية فلسطين تراجع بشكل ملموس في العالم العربي. وهو هدف ظلت تسعى إليه (إسرائيل) على الأقل منذ توقيع اتفاقية السلام مع مصر في عام 1979، بل قبل ذلك أيضا، منذ ألحَّت على اعتبار الملف الفلسطيني مجرد مشكلة «داخلية» بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين، وليست هما عربيا ولا تهديدا للأمن القومى العربي، الأمر الذي «نسخ» الفكرة التي سادت حينا من الدهر داعية إلى اعتبار القضية الفلسطينية بمثابة «قضية العرب المركزية». لكن أجواء ما بعد توقيع اتفاقية السلام استنطقت أصواتاً شجعت الانكفاء على الداخل وانسحاب مصر من المشهد العربي ، واستخدمت في ذلك شعارا خبيثا تمثل في عبارة «مصر أولا». وتمثل الخبث في الإيحاء بأن مصر حين خاضت حربها ضد (إسرائيل) فإنها كانت تدافع عن الفلسطينيين وليس عن أمنها القومي، بالتالي فإنها ضحت من أجل غيرها وليس من أجل خيرها، وكان ذلك على حساب رفاهية الشعب المصري وتسبب في تدهور أوضاع البلاد الداخلية، وهو الشعار الذي انكشف أخيرا، حين مارست مصر عزلتها عن القضية وعن محيطها العربي طوال ثلاثين عاما، لم تطلق رصاصة ولم تخض حربا من أجل الآخرين، وكانت النتيجة أنها صغرت وتراجعت واستمر تدهور أوضاعها، الأمر الذي استفز الشعب المصري ودفعه إلى الثورة في يناير من العام الماضي (2011). لم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما عمدت الأبواق (الإسرائيلية) والأمريكية -وبعض العربية للأسف- إلى إقناع المصريين والعرب بأن الخطر الذي يتهددهم حقا ليس (إسرائيل)، وإنما مصدره إيران. وقد نجحت تلك الخطة حتى قرأنا تعليقات صريحة في بعض وسائل الإعلام العربي وقعت في الفخ. وانتهى بنا الأمر إلى أننا أصبحنا نعبر عن القلق المشروع النووي الإيراني وأهدافه العسكرية المحتملة، في حين نغض الطرف ولا نبدي قلقا يذكر التسلح النووي (الإسرائيلي)، الذي تأكدت شواهده ولا تشوبه أية ظنون كما هو في الحالة الإيرانية. خلال السنة الأخيرة طفت على السطح أحداث الربيع العربي، التي هزت العالم العربي وقلبت أولوياته رأسا على عقب. الأمر الذي ضاعف من توجيه الاهتمام إلى شئون الداخل، بقدر ما ضاعف من الانصراف عن مجمل الشأن الخارجي، وكانت قضية فلسطين من ضحايا ذلك التحول. الحقيقة الثانية المهمة أن (إسرائيل) لم تضيع وقتا وهي ترصد الابتعاد التدريجي في العالم العربى عن «القضية» وتزايد التركيز على الشأن الداخلي داخل كل قطر عربي، وإنما ضاعفت من جهود تصفية القضية وإغلاق ملفها عبر مساع عدة. فأسرعت من معدلات الاستيطان وكثفت من إجراءات التهويد الذي كانت القدس هدفا أساسيا له؟، وتحدثت التقارير مؤخرا عن التركيز على مدينة عكا، وإلى جانب هذا وذاك فإنها لم تتوقف عن استهداف عناصر المقاومة في غزة والضفة الغربية. (للعلم: استمرت غارات إسرائيل أمس على غزة وارتفع عدد القتلى إلى 12 شهيدا) وكان ولا يزال التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة في رام الله وبين الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) خير معين لها على ذلك. صحيح أن (إسرائيل) ليست سعيدة بالتحولات الحاصلة في العالم العربي التي أدت إلى سقوط بعض «أصدقائها» مما أثر على «كنزها الاستراتيجي»، إلا أنها لم تكف عن ممارسة الاستقواء، سواء بتعزيز مصادر قوتها أو بالضغط لإضعاف الأطراف التي تتوجس منها (إيران مثلا). وفي تقريرها الاستراتيجي للعام الأخير مراهنة على بطء التحول الديمقراطي في العالم العربي، وشكوك حذرة من تداعيات يقظة الشعوب العربية واستعادتها لصوتها وبعض عافيتها. لقد تحدثت الصحف العبرية أخيرا عن أن أغلبية (الإسرائيليين) نسوا أن هناك قضية اسمها فلسطين، وهم محقون في ذلك وربما كانوا معذورين. وأخشى أن يحدث ذلك عندنا أيضا، رغم أنه لا عذر لنا، لأننا بذلك نفرط في أهم مقومات أمن مصر القومي.