في تصريح لبعض قادة حماس يقول إن الكيان الصهيوني يهدد إيران ليبرر ضربة لقطاع غزة، وأحسب أن في مثل هذا القول مصداقية ما ، وأحسب أن ما حدث أمس من عملية اغتيال لقائد لجان المقاومة الشعبية زهير القيسي ، وزوج ابنته الأسير المحرر محمود حنني المبعد عن نابلس يؤكد التصريح آنف الذكر . الاغتيال المتعمد تم باستهداف سيارتهما ، لا يوجد مبرر ميداني لعملية الاغتيال ، فالأوضاع العسكرية في غزة ساكنة بحسب حالة التهدئة ، فلماذا تمت عملية الاغتيال الكبيرة هذه؟ وكان قد سبقها عملية اغتيال كبيرة للأمين العام السابق أبو عوض النيرب ورفاقه ، في عملية تضليل كبيرة حملته المسئولية عن عملية إيلات ، والتي ثبت مؤخراً أنه لا علاقة مباشرة للجان بعملية إيلات. توقيت الاغتيال لا علاقة له بالميدان في قطاع غزة ، كما كان اغتيال (النيرب) لا علاقة له بالميدان، وهو زمنياً يرتبط بالتهديدات العنصرية لإيران ، وإثارة التوترات في الخليج العربي من ناحية ، ويرتبط بزيارة نتنياهو لواشنطن وحصوله على تأييد غير مسبوق لأعمال (إسرائيل) في المنطقة وحصوله على أسلحة نوعية وقنابل وصواريخ نوعية تزيد من قدرة (إسرائيل) على التدمير والهدم من ناحية أخرى ، لكنه يرتبط مبدئيا بسياسة إسرائيلية ثانية ودائمة تقوم على اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية وقتما أمكن ذلك ، دون النظر في المبررات والأسباب، فالاغتيال عند حكومات تل أبيب سياسة مقررة ينفذها قادة الجيش والأجهزة الأمنية عند توفر الهدف الكبير في الميدان. لقد ثبت بالملموس أن (إسرائيل) لا تتعامل مع التهدئة في قطاع غزة وفق مفهوم (التبادلية) ، فهي تقتل وتغتال دون مبالاة بقانون (التهدئة المتبادلة)، وهذا الموقف الاستفزازي ، واللامبالي، يفرض على الجانب الفلسطيني ، وبالذات قيادة المقاومة أن يعيدوا قراءة التهدئة جيداً ، وأن يستخلصوا العبر من سياسة الاغتيال المفاجئة والتي لا يقف خلفها في الميدان سبب مباشر. إن الفكر الصهيوني ، واستراتيجية دولة الاحتلال، لا يتقبلان الهدوء والسلام ، كما لا يتقبلان فكرة إعادة الحقوق، ورفع الاحتلال ، لذا نجد لهما يداً مباشرة في الساحات المضطربة في العالم العربي ، في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وفي الخليج العربي ، وفي جنوب السودان ، وفي العراق وجنوب شرق تركيا أيضاً. الفكر الصهيوني الذي يؤمن بعامل القوة الغاشمة ، ويرى في الاغتيال أداة فاعلة واستباقية ، لا يمكن أن ينظر بإيجابية إلى الدور المصري الذي كان له دور ما في حالة التهدئة في غزة ، وبالتالي فإن مصر لا تدخل في حسابات صاحب قرار الاغتيال عند توفر الهدف . وعليه فلا أحسب أن مصر ستتحرك من أجل كبح جماح العدوان الصهيوني ، الأمر الذي يجعل ثقل الملف في اليد الفلسطينية وفي الساحة الفلسطينية. في سنة الانتخابات الأمريكية، حيث تكون الإدارة الأمريكية ضعيفة، تكون (إسرائيل) معنية بالإفادة من هذه الحالة المتكررة كل أربع سنوات، سواء بالحصول على أسلحة متقدمة ، وذكية ونوعية ، أو الحصول على دعم مالي ، أو تنفيذ أعمال ميدانية خطيرة في الساحة الفلسطينية كالاغتيالات النوعية، كما حدث مع زهير القيسي ورفيقه ، أو في التمادي في تدنيس القدس والتقدم نحو الهدم وبناء الهيكل كما حدث قبل أيام ، لذا يجب النظر الدقيق في الفكر الصهيوني، وفي المواقيت الزمنية، رحم الله زهير القيسي، ورفيقه محمود حنني، وأسكنهم فسيح جناته.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.