نقلت صحف غربية عن مصادر أمنية مصرية أول اعتراف بأن قوات الشرطة المصرية احتجزت الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" قبل العثور على جثته لاحقا، بعد إنكار نظام السيسي لأكثر من أسبوع.
وكان ريجيني قد اختفى بشكل مفاجئ يوم 25 يناير الماضي في ذكرى الثورة المصرية، ثم عثر على جثته بعد عشرة أيام ملقاة في الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، بدت نصف عارية وعليها آثار تعذيب بشعة.
"كان وقحا واعتقدنا أنه جاسوس"
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن مسؤولين أمنيين مصريين أكدوا اعتقال ريجيني يوم 25 يناير الماضي، في تأكيد لشكوك إيطاليا بأن النظام المصري متورط في تعذيب الطالب الإيطالي وقتله.
وأضافت الصحيفة أن ثلاثة مسؤولين أمنيين التقتهم قالوا إن "ريجيني" تم اعتقاله؛ لأنه كان "وقحا جدا مع رجال الشرطة، وتصرف وكأنه رجل قوي"، وأضافوا أن شكوك رجال الأمن حول ريجيني تزايدت بعدما فحصوا هاتفه المحمول ووجدوا أرقاما لأشخاص على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل، اللتين تعدّهما حكومة السيسي أعداء للدولة.
وأوضح أحد المسؤولين الأمنيين أن الشرطة ظنت أن ريجيني كان جاسوسا، فليس طبيعيا أن يأتي أحد الأجانب إلى مصر لدراسة أوضاع النقابات العمالية.
وكان "جوليو ريجيني" مقيما في مصر، حيث كان يعد رسالة ماجستير في مجال الحركات العمالية في مصر وأوضاعها في أعقاب ثورة يناير.
نقلت الصحيفة عن أحد أصدقاء "ريجيني" قوله إن الطالب الإيطالي القتيل عندما اختفى كان في طريقه إلى محطة مترو الدقي للقاء بعض أصدقائه، وإنه مر بجانب محال تجارية فيها كاميرات مراقبة أظهرت إلقاء القبض عليه من قبل رجلين يبدو أنهما من الشرطة المصرية اقتاداه إلى جهة مجهولة.
الداخلية تواصل الإنكار
ورفضت وزارة الداخلية التعقيب على أنباء احتجاز الشرطة للطالب الإيطالي قبل مقتله، مؤكدة أن التحقيقات في القضية لا زالت جارية، وسيتم معاقبة أي مخطئ".
ونفت الداخلية هذه التقارير، مطالبة الجميع بعدم استباق نتائج التحقيقات في هذه القضية الشائكة.
وأوضح مصدر بالداخلية أن التقارير التي أوردتها وسائل الإعلام الغربية منسوبة لجهات مجهولة، مؤكدا أن المحققين الإيطاليين لم يعلنوا التوصل لأي معلومات جديدة عن الحادث.
وأشار إلى أن اللواء عبد الغفار كان قد أعرب عن استيائه من اتهام بعض وسائل الإعلام رجال الأمن المصري بتعذيب الشاب الإيطالي جوليو ريجيني حتى الموت، رافضا كل الشائعات التي تتردد في وسائل الإعلام عن مسؤولية جهاز الشرطة عن وفاة الشاب الإيطالي.
ورفض وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار بشدة توجيه أي اتهامات للسلطات المصرية بالمسؤولية عن مقتل ريجيني مؤكدا -في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي- أن هذه الطريقة ليست متبعة من قبل الأمن المصري.
المحققون الإيطاليون يتوصلون للحقيقة
من جانبها، أكدت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن فريق المحققين الإيطاليين الموجود في القاهرة تمكن من التواصل مع أحد شهود العيان المصريين، الذي أكد مشاهدة رجال أمن يستوقفون ريجيني يوم 25 يناير.
وأضاف أن رجلي أمن استوقفا الطالب الإيطالي بالقرب من منزله، وقام أحدهما بتفتيش حقيبته، بينما فحص الآخر جواز سفره، وبعدها اصطحباه معهما، وألقيا به في سيارة الشرطة، مؤكدا أن أحد الضابطين تواجد بعد ذلك في المنطقة ذاتها؛ ليسأل الجيران عن ريجيني.
ونقلت الصحيفة عن العديد من الشهود، الذين أكدوا أن رجال الشرطة كانوا في ذلك اليوم يستوقفون المارة في منطقة الدقي بالجيزة في الوقت الذي تم اعتقاله فيه تزامنا مع غلق هاتفه المحمول.
وأضافت الصحيفة أن المحققين الإيطاليين تلقوا معلومات مهمة من شاهد آخر، من بينها أن ريجيني تم اعتقاله وهو في طريقه للقاء مفكر معارض لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ويدعي "حسنين كشك".
آثار صعق بالكهرباء
وتسلمت النيابة المصرية، السبت، التقرير النهائي للطب الشرعي الخاص بتشريح جثمان الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي رفضت السلطات المصرية إعلان تفاصيله في وسائل الإعلام.
لكن وكالة رويترز أعلنت أنها توصلت لتفاصيل مهمة تضمنها التقرير، حيث نقلت عن مصدر بارز في الطب الشرعي أن جثة ريجيني كان بها سبعة ضلوع مكسورة، بالإضافة لعلامات صعق بالكهرباء في العضو الذكري، ونزيف بالمخ ناتج عن الضرب بآلة حادة على الرأس.
وأضاف المصدر أن جثة ريجيني كان بها أيضا آثار لجروح قطعية بآلة حادة يعتقد أنها شفرة حلاقة، وإصابات أخرى في مختلف أنحاء جسده، ناتجة على ما يبدو من التعرض للضرب بالعصي واللكم والركل.