قد تستغربون من ذاك العنوان وتتساءلون ، هل وراء الانهيارات خير يرجى ؟!! أقول لكم : قد يكون الخير كله خبييء الانهيار كما كان كنز الغلامين مخبوئا تحت جدار متهدم وأظهره الله لهم في الوقت المناسب .
يعاني شعبنا في غزة من انهيارات متتابعة تعود باديء ذي بدء من أيام النكبة حين انهارت الأمة العربية وتخلت عن مسؤولياتها نحو القضية الفلسطينية وتركتنا نهش اليهود ، فتجلى وراء ذلك كذب القومية التي تغنى بها الناصريون ومثقفي ذاك الزمن ، وتكشفت صفرة تلك الأفكار المنحرفة عن مسار العقيدة السوية والتي فرح بها الأعداء كبديل عن التوحد تحت راية الاسلام التي كانت تجاهد تحتها دولة الخﻻفة .
كما انهارت السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والتي جاءتنا حاسرة رأسها عن ثوابتها الوطنية والتي صدعت رؤوسنا بها وهي تتغنى بها ( p.l.o الحكم الذاتي نو ) وفجأة أصبح الحكم الذاتي مطمحا ذللت له كل السبل لدرجة وضع اليد في يد الشيطان نفسه ، والتعري من جميع ما يستر جسد تلك السلطة الذميمة التي عاثت بمصائرنا رهقا ، وأرهقت مجاهدينا الأشراف .
وتجلى خلف ذاك الانهيار صعود المشروع الاسلامي لحكم القطاع ، بغض النظر عن بعض السلبيات التي تعتري الحكم بسبب وجود كل العقبات التي ما فتيء الأخ والعدو يضعها أمامنا ، ليثبتوا لنا وللعالم كله فشل المشروع الاسلامي في الحكم ، ولكن الله لهم بالمرصاد وها نحن ثابتون رغم كل شيء .
الانهيار التالي وهو الأهم والأخطر والذي يكشف الله به القابض على الجمر من الهارب من الأقدار والكاره لها ، انهيار معظم مقومات الحياة الكريمة في غزة ، ما يتلوه انهيار ثبات بعض الناس وصمودهم في وجه الباطل ، ظهور فئة من الناس تستغل الوضع المزري للمجتمع ومحاولة الصعود على أكتاف الغلابا من الناس .
مثلما حصل اليوم في انهيار مبنى قيد الانشاء في جامعة الأقصى في خانيونس واصابة عدد من العمال والطلبة بعضهم جروحهم خطيرة ، يدق هذا الانهيار ناقوس الخطر ويثير عدة تساؤﻻت يجب أن تكون قيد الاجابة ، هل وصل الحال الصعب بنا لدرجة اللعب في انشاءات مباني وتشكل خطرا على الناس ؟!! ، هل سيتكرر هذا الخطأ الفادح ؟! ، هل الحصار المقيت أصبح يحاصر أخﻻق ذوي الشأن ويحشرها في زاوية مظلمة ؟!! ، ولكن ماذا تجلى وراء ذلك الانهيار ؟! ، برأيي أن وراء ذلك أياد خفية انتهازية تتلاعب بحياة الناس و أرزاقهم وجاء ذاك الانهيار المؤلم ليكشف الوجه البشع لهم وينقي البلد منهم .
نحن في غزة كنفق مظلم يؤدي آخره إلى نصر ، كلما انهار جزء منه كشف عن نجوم تتلأﻷ في سماء العز ليأتي غيرها ويضيء عتمة الأنفاق ، كعشتار نحن ، كلما احترقنا بلهيب الظلم نفضنا الرماد وعدنا من جديد .