22.21°القدس
21.96°رام الله
21.08°الخليل
26.03°غزة
22.21° القدس
رام الله21.96°
الخليل21.08°
غزة26.03°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ

22
22
خالد معالي
تبرز صحافة الاحتلال بين مدة وأخرى كتابات لمفكرين وتصريحات لقادة الاحتلال، تحاول فيها تحليل وفهم سبب إقدام الفلسطينيين على عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار دون الخوف من الموت والاستشهاد، لكن يلحظ عليها جميعها ابتعادها عن الحيادية والنزاهة والعلمية وانحيازها للدعاية الصهيونية، وقلب الحقائق بأن الفلسطينيين إرهابيون مع أن الصهاينة هم المحتلون والمغتصبون، والقانون الدولي يجيز مقاومة المحتل بكل الطرق.
 
ومن هذه النماذج ما كتبه الصحفي الصهيوني "نداف شرغاي" في "(إسرائيل) اليوم" الجمعة الماضية: "إن الفلسطينيين يقدسون الشهادة، ويوزعون الحلوى عند استشهادهم"، في محاولة منه لتفسير إقدام الفلسطينيين على عمليات الطعن.
 
واستعرض "نداف شرغاي" عملية الاستشهادي محمد عمران القواسمي، وقال: "في مثل هذا الشهر قبل 13 سنة سافرت حافلة (إيغد) رقم (37)، وتوقفت في إحدى المحطات لصعود الركاب، في تلك اللحظة فجر شخص من حماس نفسه بـ10 كغم من المواد المتفجرة التي وضعها على جسده، الحافلة تحطمت تمامًا وبدأت تحترق وقتل 17 شخصًا".
 
وفي تناقض وقلب للحقائق وصف أم الشهيد بأم "المخرب"، وقال: "أم المخرب خلافًا لعادة المكان الذي تعيش فيه رفضت طلب العائلة بلبس السواد والحداد، وأبلغت الجميع أنها ستحتفل بموت ابنها البطل مدة ثلاثة أيام، وبالفعل استقبلت الزوار في خيمة العزاء ووزعت عليهم السكاكر".
 
ويستعرض "شرغاي" صورة والدة حسين أبو غوش وشقيقة إبراهيم علان وهما توزعان السكاكر في “عرس الشهيد علان في بيت عور التحتا”، وهما منفذان عملية الطعن في مستوطنة (بيت حورون), ووالدة محمد سنقرط الشاب ابن الـ16 سنة الذي استشهد في تظاهرة بوادي الجوز، وقالت في أثناء الجنازة: “أشعر أول مرة بالفرح في قلبي”، وأضافت: “الحمد لله الذي أعطانا الشهادة”.
 
ويقول "شرغاي": "إن كثيرًا من الأمهات الفلسطينيات يتصرفن بهذه الطريقة، وأقوالهن ليست استثنائية، ويقلدن الخنساء الذي هو لقب لشاعرة من القرن السابع اعتنقت الإسلام وفقدت أربعة من أبنائها في الحروب الإسلامية، ولم تقم بالحداد بل فرحت لموت “الشهداء”".
 
وينقل "شرغاي" حوارًا بين طفلتين فلسطينيتين: “الناس جميعًا يتمنون الشهادة، وليس هناك أفضل من الوصول إلى جنة عدن، الشهادة هي شيء حلو، الشبان الفلسطينيون ليسوا مثل باقي الشبان، لديهم دماء تغلي وهم يفضلون الشهادة لأنهم فلسطينيون”.
 
وينقل "شرغاي" عن المستشرق الصهيوني "مردخاي كيدار" قوله: “إن الحياة والموت كما نعرفهما في ثقافتنا يختلفان في المجتمع الإسلامي، إنها ثقافة أخرى”، ويضيف: “في جنازاتهم يحمل الشهداء دائمًا على الحمالة ووجوههم مكشوفة، استنادًا إلى الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون)”.
 
يتابع: "حسب هذا الاعتقاد كما يقول الكبار: “الشهداء ليسوا أموات”، ومن ينظر جيدًا فسيرى الكثير من الناس الذين يتدافعون نحو الجثة وهم يحملون المناديل بأيديهم ويمسحون وجه الشهيد وبعدها يضعونها على وجوههم وجبهاتهم، وأخذ عرق الشهيد عندهم هو فرصة أخيرة للمشاركة في هذه الأحداث في جنة عدن مع الشهيد، وإنه قبل بضعة أشهر قتل في يوم واحد في عمليتين منفصلتين شاب وشابة، وكانت الجنازتان منفصلتين، لكن في أثناء التشييع زوجهما الوالدان في السماء”.
 
ويقول "كيدار" أيضًا: “رائحة المسك، ورائحة جنة عدن _حسب الإسلام_ يتحدثون عن هذا كثيرًا في الجنازات، وفي الصحف يقولون: "إن البيت له رائحة المسك"، ويضاف إلى كل ذلك التهليل والفرح والجنازة نفسها، فلما كانت جنازة شهيد فهي زفة، أي عرس، لأن الشخص لم يمت، وحسب القرآن سيتزوج من 72 حورية”.
 
وبعد كل ما سبق يحاول الكاتب تشويه قضية الشهادة بالزعم أن أمهات الشهداء يكن أمام الكاميرات غيرهن وهن خلفهن، محاولًا دس السم في الدسم كعادة الكتاب والمحللين الصهاينة، وتغاضى عن الآية الكريمة: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا".