8.9°القدس
8.66°رام الله
7.75°الخليل
15.57°غزة
8.9° القدس
رام الله8.66°
الخليل7.75°
غزة15.57°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: القاتل أصولي مسيحي .. ماذا لو كان مسلما؟!

عندما بدأت الأخبار تتوالى عن تفجير النرويج الرهيب، ومعه عملية القتل البشعة في معسكر شباب الحزب الحاكم، وضعت يدي على قلبي خشية أن يكون القاتل مسلما، ليس خوفا على صورة ديننا العظيم، وعلى الجاليات المسلمة في الغرب وحسب، بل أيضا لأن أمتنا تخوض منذ مطلع هذا العام معركة حرية وكرامة أثارت إعجاب العالم أجمع، وهي في غنىً عن تحويل الأنظار عنها إلى هذا اللون من العمليات الإجرامية التي لا تنتمي إلى روح ديننا العظيم، في الوقت ذاته الذي تمنح أعداء الظاهرة الإسلامية في العالم العربي قبل الغرب فرصة التخويف من الإسلاميين الذي يتصدرون الحراك الشعبي، حتى لو لم يكونوا هم الذين فجروه في بداياته. بعد ظهور الحقيقة، تنفسنا الصعداء، ليس فقط لأن القاتل ليس مسلما، ولكن أيضا لأنه أصولي مسيحي (أبيض) يرفض التعددية الثقافية، في ذات الوقت الذي يكن فيه عداءً استثنائيا للإسلام والمسلمين كما صرّح بذلك. (يعادي الماركسية أيضا!!). والحال أن هذا اللون من التطرف الأصولي المسيحي ليس جديدا على الولايات المتحدة وأوروبا، ونتذكر في هذا السياق تفجير أوكلاهوما الشهير عام 95 الذي نفذه أصولي مسيحي أيضا (تيموثي ماكفي)، ولا تسأل عن عشرات المليشيات اليمينية المسيحية التي تنتشر في الولايات المتحدة وأخذت تنتشر في أوروبا خلال الألفية الجديدة، ولها سجل كبير في ميدان الجريمة والتطرف والتكفير واحتكار النجاة في الآخرة. الفارق الأهم الذي ينبغي أن يستوقفنا في هذا السياق هو أن أحدا لم ولن يجرؤ على اتهام الدين المسيحي بتفريخ الإرهاب، أو الكنائس بتعليم أصول العنف المنظم ضد الآخر، ولن نقرأ عن قوانين جديدة تسنُّ من أجل تغيير المناهج، أو وضع ضوابط على المساعدات المالية والتبرعات التي تتلقاها الكنائس الأصولية المسيحية، وكل ما سيجري هو معاقبة المجرم، مع متابعة أمنية لمن يشتبه بتفكيرهم على ذات النحو الذي فكر فيه. لن نسمع عن دراسات تخوض في «الكتاب المقدس» بعهديه القديم والجديد، لترى حجم التحريض ضد الآخر في نصوص العهد القديم الذي يجعل من الرب متعهدَ قتالٍ وقتلٍ لحساب اليهود يأمرهم أن يبيدوا المدن ويقتلوا النساء والأطفال، وحتى البهائم. لن يستخرج أحد تلك النصوص ويطالب بحذفها أو منع قراءتها وتدريسها في الكنائس، والأهم الكنس (جمع كنيس، وهو معبد اليهود)، ولن تتخذ الإجراءات الرهيبة التي تأخذ الصالح بجريرة الطالح. لن نعثر على أمثال ماهر عرار في كندا، وآلاف من أمثاله ممن سيعتقلون بالشبهة وقد يمضون شهورا وسنوات في السجون قبل أن يتبين أنهم أبرياء لم يفعلوا شيئا سوى تمثلهم بعض المظاهر الإسلامية في حياتهم. لن يقوم صحفيون باختراق الكنائس وملاحقة مرتاديها من أجل العثور على الأفكار المتطرفة وكيف تنتشر بين الشباب كما فعلوا مع المساجد في الغرب، ولن نقرأ عشرات التحقيقات التي تتابع هذا اللون من الفكر المتطرف في «البي بي سي» و»السي أن أن»، فضلا عن «فوكس نيوز» و»سكاي نيوز». وحده الإسلام الذي يجرّم بالجملة حين يتبنى أحد أبنائه فكرا متطرفا ويرتكب جريمة هنا أو هناك، أما الأديان الأخرى (التطرف ظاهرة تتوفر في جميع الأديان) فلا أحد يجرؤ على التعامل معها بذات الطريقة، وإلا فهل سمعنا عن تحقيقات أو حتى مجرد إشارات تتحدث عن الأصولية اليهودية التي تقتل الناس على الهوية، أو عن فتاوى الحاخامات التي تبرر قتل الأطفال، أبناء «الأغيار» لأنهم سيتحولون إلى أعداء لشعب الله المختار بعد سنوات؟! إنها الازدواجية البشعة التي يمارسها بعض الغربيين (ليسو جميعا من دون شك) ضدنا كعرب ومسلمين، بينما تحكمهم القيم الإنسانية حين يتعاملون مع أبنائهم من المسيحيين واليهود والطوائف الأخرى، ربما باستثناء السود والملونين الذين قد يُضطهد بعضهم لعرقه ولونه قبل أن يفكر أحدهم في دينه. هؤلاء العرب والمسلمون، وحتى الأفارقةُ الذي تدفقوا إلى الغرب خلال العقود الماضية لم يذهبوا لأن بلادهم ليس عليها «ما يستحق الحياة»، ولكن لأن سنوات الاستعمار الغربي المباشر، وبعدها سنوات الاستقلال الكاذب وتنصيب الحكام التابعين الفاسدين هي التي أفضت إلى إفقار الناس ودفعهم نحو الغرب الذي نهب وسلب وأثرى على حساب الشعوب الفقيرة وثرواتها. جريمتا النرويج، ومثلهما الكثير من ممارسات الأصولية المسيحية المتطرفة في أوروبا وأمريكا، كلها تفضح ازدواجية الغرب ومعاييره البائسة حين يتعامل معنا عربا ومسلمين، ولا ننسى أن من مارسوا العنف من أبناء المسلمين ضد الغرب، إنما كانوا يردون بطريقتهم المرفوضة من غالبية الأمة على عدوان غربي سافر في فلسطين وأفغانستان والعراق، بينما لا يرد متطرفو الغرب سوى على مقولات النقاء العرقي والرفاه الاقتصادي الذي يهدده المهاجرون، والفرق واضح من دون شك، مع أن العنف مدان في الحالتين.