27.21°القدس
26.7°رام الله
26.08°الخليل
27.8°غزة
27.21° القدس
رام الله26.7°
الخليل26.08°
غزة27.8°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

اتفاق مريض.. وفرص ضعيفة

يوسف رزقة
يوسف رزقة
يوسف رزقة
في سوريا ثورة ضد النظام. وفي سوريا حرب بالوكالة بين دول دولية من ناحية، وبين دول إقليمية من ناحية ثانية. وفي سوريا مليشيات من خارج سوريا من جنسيات مختلفة. وفي سوريا قوات معارضة معتدلة، وأخرى غير معتدلة. الدول الكبرى تصنف داعش وجبهة النصر ضمن الفصائل الإرهابية غير المعتدلة. وتصنف تركيا قوات حماية الشعوب الكردية بالقوات الإرهابية، وتصنف السعودية قوات حزب الله والمليشيات الشيعية بالإرهابية، وهكذا...؟!
 
هذه الصورة الوصفية العامة تكشف عن حجم تعقيدات القضية السورية، وبالتالي تكشف عن احتمالات سلبية لنجاح الاتفاق الأميركي الروسي لوقف الأعمال العدائية داخل سوريا بين الأطراف التي تقبل بالاتفاق وهي قوات النظام وحلفاؤه، وقوات الجيش الحر والمعارضة المعتدلة، دون داعش والنصرة.
 
ربما يجدر بمن يحب سوريا أن يرحب بأي اتفاق يوقف الحرب، ويوفر فرصة لحلّ سياسي، يمنع إراقة مزيد من الدم، وتهجير السكان وقتل المدنيين، ولكن الترحيب في مثل هذه الحالة من التعقيدات لا قيمة له، لأن فرص نجاح وقف إطلاق النار ضعيفة جدا، ولا تبدو القوات الروسية، وقوات النظام جادة في وقف العمل العسكري، بعد أن اختل التوازن بين النظام والمعارضة في جبهات القتال لصالح النظام بفضل التدخل الروسي.
 
غياب التفاؤل ربما يرتبط بغياب التفاصيل أيضا في الاتفاق. فالاتفاق مريض بنيويا لأنه بين روسيا وأميركا، ولأنه يستثني داعش والنصرة، ويتحدث عن استمرار القتال ضدها، وبهذا يتيح لجميع الأطراف لأن تعمل ضد هذين التنظيمين بالطريقة التي يراها كل طرف.
 
هذا العمل العسكري المنفرد لقتال داعش والنصرة يتيح فرصة جيدة للأطراف للانحراف بالقتال نحو أهداف أخرى وتحسين مواقعها في الميدان، وتغيير الأمر الواقع.
 
نعم, إن جميع الأطراف فيما يبدو في حاجة لاتفاق وقف القتال، لأن جميعها يشعر بتعب وإرهاق من القتال، ولا يمكن لطرف أن يحقق النصر الحاسم بقرار الكبار، وهكذا هي عادة الحروب بالوكالة تستهلك قوة المتقاتلين في الميدان دون أن يحقق أحدهم النصر على الآخر، لأن الدول الكبرى لا تسمح بهذا. إضافة إلى أن هناك رغبة ومصلحة لدى كل طرف لاستغلال فرصة وقف الأعمال العدائية لتحسين مواقعة وتعزيز شروطه.
 
وهنا كيف سيشارك نظام الأسد في قتال داعش والنصرة؟!، بينما هناك مناطق عديدة تتداخل فيها قوات النصرة وقوات الجيش الحرّ والمعارضة المعتدلة، مع الأخذ بالحسبان أن هناك تصنيفين أو ثلاثة للتنظيمات المعتدلة، فروسيا لها تصنيف، وأميركا لها تصنيف آخر، وللمعارضة السورية رؤية ثالثة، فبينما ترى قوات المعارضة مصلحة لها في قوات النصرة في إضعاف قبضة النظام، يرى النظام أن القضاء على النصرة يمهد له الطريق للقضاء على قوات الجيش الحرّ والمعارضة المعتدلة.
 
خلاصة القول: إن الاتفاق الأخير لا يتضمن فرصة جيدة للحلّ، بل هو يتضمن ضعفا بنيويا يهدد بانهياره، إلى جانب أطماع روسيا والنظام في كسب أراضٍ جديدة، مع غياب إرادة حسن التنفيذ، ومغادرة العمل العسكري، والذهاب لحلول سياسية حقيقية. إن وصف الحالة المعقدة لا يعني أن الحلّ من وجهة نظرنا في مواصلة الحرب الظالمة.