25.55°القدس
25.16°رام الله
24.42°الخليل
27.11°غزة
25.55° القدس
رام الله25.16°
الخليل24.42°
غزة27.11°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

«إسرائيل» وتركيا: درس في الأنانية

75
75
صالح النعامي

ينطلق الكيان الصهيوني من افتراض مفاده أن التدخل التركي في سوريا يمثل تهديداً مباشراً لمصالح تل أبيب في المنطقة، على اعتبار أن هذا التدخل يقلص من فرص تمكن الأكراد من تأسيس دولة لهم، وهو ما يمثل مصلحة إستراتيجية لتل أبيب. وقد بات من المتعذر حصر تصريحات وإفادات المسؤولين الصهاينة التي تؤكد أن مصلحة تل أبيب أن ينتهي الصراع الدائر في سوريا إلى تقسيمها إلى دويلات، على رأسها دولة كردية. ومن هذا المنطلق فقد شنت النخب الصهيونية حملة للتشكيك في دوافع التدخل التركي في شمال سوريا. فقد قالت نخب صهيونية على علاقة بدوائر الحكم في تل أبيب إن إعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بأن منفذي عملية التفجير في قلب العاصمة أنقرة هم إرهابيون من أكراد سوريا غير صحيح وجاء فقط لتبرير التدخل التركي السعودي في المنطقة. وهناك ما يدلل على أن تل أبيب تلعب دوراً من وراء الكواليس في توفير الظروف التي تقلص من قدرة تركيا على التدخل في سوريا من خلال الاستعانة بأبواقها في واشنطن، سيما اللوبيات اليهودية القوية، التي تعمل بالتنسيق مع قادة الأغلبية الجمهورية في الكونغرس وذات تأثير كبير على عدد من كتاب الرأي المؤثرين في الصحافة الأمريكية، الذين يشككون في الدوافع التركية. من هنا، لم يكن من المستهجن أن يعود وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون لاتهام تركيا باستيراد النفط من تنظيم «الدولة لإسلامية» من أجل تعزيز مكانته.

قصارى القول، لقد اتخذت الحكومة الصهيونية قراراً إستراتيجياً بدعم تدشين دولة كردية، تضم كل مناطق تواجد الأكراد، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة تمثل تهديداً إستراتيجياً لتركيا. وقد دعا نتنياهو ووزير خارجيته السابق أفيغدور ليبرمان المجتمع الدولي صراحة لمساعدة الأكراد في إقامة دولتهم المستقلة. ويعتبر الدكتور كوبي ميخال، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن تأسيس دولة كردية سيسهم في إرساء دعائم نظام أمني إقليمي يعزز الاستقرار، ويحسن المكانة الإستراتيجية للكيان الصهيوني، على اعتبار أن هذه الدولة ستكون في تحالف مع كل من «إسرائيل» والغرب. وهناك في تل أبيب من يطالب بأن تحرص «إسرائيل» على الدفع نحو حلول للأزمة في سوريا بشكل يفضي إلى ضرب المصالح التركية. ويرى وزير الداخلية السابق جدعون ساعر والجنرال جابي سيبوني الباحث في «مركز أبحاث الأمن القومي» أن تقسيم سوريا يجب أن يفضي إلى تشكيل 4 دويلات من بينها دويلة كردية يمكن أن تتحد مع نظيرتها في شمال العراق، على اعتبار أن هذا الحل يضمن، ضمن أمور أخرى، تقليص هامش المناورة أمام تركيا. وحسب الجنرال رؤفين إيرليخ،مدير «مركز تراث الاستخبارات ودراسة الإرهاب» فان الانجازات التي حققها الأكراد في مواجهة تنظيم «الدولة» سواء في العراق وسوريا تؤهلهم للحصول على دولة.

وما ينطبق على الدعوة لإقامة دولة كردية ينطبق على تعاظم الدعوات داخل تل أبيب للاعتراف بـ «كارثة الشعب الأرمني»، مع العلم أن النخب الإسرائيلية ظلت تتجاهل هذه القضية عندما كانت العلاقات مع تركيا تسير بشكل جيد. وقد دعا يوسي بيلين الرئيس الأسبق لحركة «ميريتس»، التي تمثل أقصى اليسار الصهيوني، وكان وزيراً للقضاء، إلى استغلال الأزمة مع تركيا والمبادرة بالاعتراف بـ «الكارثة التي حلت بالشعب الأرمني على أيدي الأتراك». وأعاد بيلين للأذهان أن نواب حركته قد قدموا في الماضي مشاريع قوانين تدعو البرلمان للاعتراف بهذه «الكارثة». وقد دعا النائب عوفر شليح، النائب عن حزب «ييش عتيد»، الذي يمثل الوسط، إلى الاعتراف بـ»كارثة الشعب الأرمني.

وقد تزامن التحرك الصهيوني ضد تركيا مع الحديث عن جهود تبذل لإصلاح العلاقة بين تل أبيب وأنقرة. فمن الواضح أنه على الرغم من أن هناك إمكانية أن يتم التوصل لاتفاق ينهي الخلاف بين الجانبين، بحيث يتم استعادة العلاقات الدبلوماسية، إلا أن تل أبيب تتعامل مع تركيا كعدو وتنطلق من قناعة أن العلاقات ستنفجر مجدداً عند أول اختبار جدي.

اللافت أن «إسرائيل» لا ترى إلا ذاتها فقط وتتجاهل الأطراف الأخرى، فمن أجل مصالحها يتوجب على تركيا أن تواصل تحمل أعباء العمليات الإرهابية التي تشنها التنظيمات الكردية... ومن أجل مصالحها يتوجب أن تقسم سوريا ويبقى بشار الأسد على رأس دويلة وينتهي الشعب الفلسطيني في مواطن اللجوء.

إنه درس في الأنانية.