كانت قسماتُ وجهه تدل على حزنه العميق، كان جالسا على أحد كراسي العزاء، يستقبل المعزين في رحيل عمه وابنة عمه، ومع أن هناك من هو أقرب للفقيدين منه، إلا أنه كان الأكثر حزنا نظرا لأنه شاهد عيان على المجزرة الصهيونية، وتابع الأحداث أولا بأول. عماد أحمد مصطفى الحسومي "32 عاما" يروي حادثة قتل عمه وابنة عمه ظهر الاثنين الموافق 12/3/2012م، بصواريخ الطائرات الصهيونية في مزرعة عمه ببيت لاهيا ، فيقول: كانت الساعة الواحدة والربع ظهرا، رأيتُ الحمامات الزراعية التي يملكها عمي محمد تشتعل فيها النيران، كما رأيتُ الدخان يتصاعد من المكان بكثافة، وعلمتُ أن المحمية الزراعية في خطر كبير. كنا جلوسا معه نستمع إلى روايته الأليمة، فطلبنا منه أن يطلعنا على مكان القصف، ونحن نسير إلى مكان القصف أكمل روايته فقال: على الفور ذهبت إلى عمي وأخبرته بأن المحمية الزراعية تشتعل فيها النيران، فطلب من ابنته فايزة الذهاب لإطفاء الحريق ظنا منه أن الطائرات الصهيونية لن تطلق عليها صواريخ القتل والدمار لأنها فتاة، فذهبت فايزة لإطفاء الحريق وتبعها عمي وبعد أن وصلا إلى المكان أطلقت طائرات الاستطلاع صاروخا باتجاههما، فسقطا على الأرض على الفور وبدأت الدماء تنزف من جسديهما، ومع أن زوجة عمي قد تبعتهما لكنها لم تصب بأي أذى نظرا لعدم مقدرتها على المشي بسرعة. وصلنا إلى مكان القصف رأينا حفرة أحدثها الصاروخ، ورأينا آثارا للحريق، فتابع عماد حديثه فقال: عندما سمعت صوت الصاروخ يسقط توجهت سريعا إلى هنا حيث مكان الحادث، فرأيت عمي لا يتحرك وقد فارق الحياة، وشاهدتُ ابنة عمي في وضع حرج جدا، فقمت على الفور بحملها بمساعدة بعض الشباب، وتوجهنا نحو السيارة، وتكفل الشباب بنقلها إلى مستشفى كمال عدوان، ورجعت مرة أخرى لمكان الحادث كي أبحث عن إصابات في المكان جديدة، ولكن بحمد الله لم يكن أي إصابات أخرى. تابع روايته وعيناه تصارعان الدموعُ: ذهبت إلى مستشفى كمال عدوان كي أطمئن على ابنة العم، فقالوا لي أنها ما زالت في العناية المركزة، أما عمي قد فارق الحياة، فذهبت إلى مقبرة الشهداء في بيت لاهيا كي أحجز قبر لعمي محمد، وفجأة تلقيت اتصالا من ابن عمي " ابن الشهيد" قال لي : يا عماد احجز قبرين بدلا من قبر، لأن فايزة قد استشهدت. ويذكر أن المصادر الطبية الفلسطينية قد أعلنت ظهر الاثنين الموافق 12/3/2012م، عن استشهاد محمد مصطفى عوض الحسومي "72عاما"، وابنته فايزة مصطفى الحسومي " 30 عاما" نتيجة قصف صهيوني في مزرعة تعود للعائلة في بيت لاهيا بالقرب من مدرسة تل الزعتر.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.