25.55°القدس
25.16°رام الله
24.42°الخليل
27.11°غزة
25.55° القدس
رام الله25.16°
الخليل24.42°
غزة27.11°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

الدبلوماسية الفلسطينية بين الانصياع والانبطاح

7
7
إسماعيل عامر
المعنى الأكاديمي الدقيق لمفهوم الدبلوماسية يعني العمل السياسي لتعظيم المصالح الوطنية لدى الآخرين، وأنها التحسس الدقيق لمكامن الاستفادة من الفرص الاقتصادية والسياسية في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية، إذا كان هذا المقياس هو الذي تعمل عليه كل المدارس الدبلوماسية، وعلى هذه الأرضية؛ فهل مدرسة الدبلوماسية الفلسطينية في العقود الأخيرة (الدبلوماسية الرسمية والشعبية) لديها أدوات وآليات لتعظيم المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني؟، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المقصود بالمدرسة الفلسطينية ليس طاقم السفراء والوزارات والدوائر السياسية لمنظمة التحرير، بل هو العمل الدبلوماسي _إن صح التعبير_ الذي تقوم به كل مكونات المجتمع الفلسطيني, فهل الجميع يشارك في تعيين السفراء واختيارهم؟
 
بالاطلاع على حصاد العمل الدبلوماسي الفلسطيني نجد أنه اتسم بالتواضع لأسباب كثيرة، أهمها انعدام التراكم، فليس من سمات العمل الدبلوماسي الفلسطيني البناء على ما سبق، والمثابرة في استمرار العمل على فكرة معينة لإنجازها، والأمثلة على انعدام التراكم كثيرة، منها: قرار محكمة العدل الدولية الخاصة بالجدار، وتقرير غولدستون، وقرار البرلمان الأوروبي المتعلق بالقدس والدولة الفلسطينية وغيرها.
إن العمل الدبلوماسي يتطلب معرفة آليات متابعة هذه القرارات، ليس من الناحية الميكانيكية، ولكن بالمعرفة الدقيقة لآلية اتخاذ القرارات ومتابعتها ودوائر التأثير، وأهمها معرفة مصالح الآخرين والتأثير فيها.
أما السمة الثانية للعمل الدبلوماسي الفلسطيني فهي عدم التكامل، وفي هذا المجال حدث ولا حرج؛ فليس هناك تكامل على المستوى الوطني بين ما تقوم به المؤسسات الأهلية والأحزاب وما تقوم به السلطة ومنظمة التحرير، فليس بالضرورة أن يعني التكامل التطابق في وجهات النظر، ولكنه يعني التناغم الشديد في القضايا الوطنية الكبرى كالاستيطان والقدس وغيرها.
 
والسمة الأخرى هي أن المكون الرسمي عادة ما يتخذ القرار فيه بالانصياع لما يسمى رغبة المجتمع الدولي على أهميته، ولكنه أشبه بجمهور كرة القدم، حضوره مهم، ولكن الأهم هو أداء اللاعبين في الملعب، فلا يوجد مباراة حسمت بسبب عدد الجمهور، بل الحاسم الوحيد هو عدد الأهداف، وهنا يمكن تحقيق الأهداف بالمعرفة بأهمية المصالح السياسية والاقتصادية، ولهذا إن اللاعبين الفلسطينيين الذين يجب أن يلعبوا في الساحة الدولية ليسوا فقط السفراء، فعدد منهم يتعامل مع فلسطين بمعرفة "المستشرق"، بل يجب على السفير معرفة ما يحدث في البلد المضيف وربط تلك المعرفة بمصلحة وطنه، وعلى الدبلوماسي ربط الأحزاب في وطنه بأحزاب البلد الذي هو فيه لبناء علاقات مع أحزاب تلتقي معها فكريًّا، وهناك دور المنظمات الأهلية في العمل مع المجتمع الآخر عن طريق المنتديات التي أصبحت أكبر وأهم من الدول في بعض المواقف، فضلًا عن الأهم، وهو وجود خطاب سياسي وطني من المؤسسة الرسمية يستطيع أن يتعامل العالم معنا بالرجوع إليه، فمثلًا: يركز العالم على حصار غزة (وله أهميته وأولويته)، لكن الاستيطان والقدس وغيرها ذات أهمية قصوى، ولا يجري الحديث عنها في الأوساط العالمية بالحماس السابق نفسه، فإن الدبلوماسية تركز على أن الانقسام هو الهم الفلسطيني، وهذا صحيح، ولكن لا يربط هذا الانقسام باستمرار الاحتلال، وهو الأولى إبرازه في العمل السياسي الرسمي، وليس التركيز على الهم الداخلي، وأحيانًا بطريقة لا تليق.
قضية أخرى لابد من الإشارة إليها في العمل الدبلوماسي الفلسطيني، وهي الانبطاح لما يريده المحتل حتى في الدول التي لنا فيها سفارات، وأكبر دليل هو اغتيال الأسير المحرر عمر النايف في قلب السفارة الفلسطينية ببلغاريا, كل يتكلم عن تواطؤ طاقم السفارة مع المخابرات الصهيونية لاغتياله, لاسيما أنه سبق اغتياله طرده من السفارة عدة مرات, ليسهل للمحتل تصفيته.
 
أين حماية الفلسطيني في سفاراتنا؟!, وما الهدف من إقامة السفارات, إن كان الفلسطيني لا يحمى بداخلها, والمحتل يعربد فيها كيفما يشاء, وكل الاتفاقيات _وعلى رأسها اتفاقية فيينا_ تحرم الاعتداء على أحد بداخل السفارة لأنها هي جزء من البلد الأصلي؟
 
السؤال: ماذا عملت الدبلوماسية الفلسطينية والسفارات الفلسطينية غير إذلال المواطن الملهوف في بلاد الغربة، وغير إطلاق عدد من الرداحين على شاشات الفضائيات أو بيانات سياسية مفبركة لتتكلم عن نضال السفير في الخارج؟!
 
كفانا استخفافًا بسفاراتنا، ولنكسب ماء الوجه الفلسطيني، باختصار شديد: نقترح على وزارة الخارجية الفلسطينية عقد مؤتمر وطني تتويجًا لورش عمل متخصصة، يشارك فيها ممثلو الأحزاب والمجتمع المدني والسلطة والمنظمة؛ لوضع إستراتيجية دبلوماسية فلسطينية نتفق عليها جميعًا، ونحدد أولوياتها وأدواتها ومؤشرات النجاح والفشل، أولها مراجعة أدواتنا وشخوص دبلوماسيتنا ومدى تناسبهم مع الدول التي يعملون فيها.