تتميز معظم ألعاب الحاسوب بسرعة وسهولة قرصنتها، فبمجرد أن تطرح اللعبة رسميا في الأسواق تجد -خلال أيام قليلة وأحيانا في اليوم ذاته- نسخا منها على مواقع الإنترنت المختلفة مقرصنة وجاهزة للتحميل، الأمر الذي يكبد الشركات المطورة لها خسائر مادية فادحة. لكن يبدو أن هذا الأمر في طريقه إلى الزوال مع تطور تقنيات التشفير الرقمي وتعقيدها.
وتعد لعبة "جست كوز3" (Just Cause 3) أكبر برهان على ذلك، فقد طرحت هذه اللعبة في الأول من ديسمبر/كانون الثاني 2015، لكن حتى الآن ما يزال قراصنة الإنترنت عاجزين عن اختراق حصونها وفك تشفيرها، لدرجة أن أشهر مجموعات قرصنة ألعاب الحاسوب أقرت بعجزها أمام هذه اللعبة.
ولعبة "جست كوز3" هي لعبة مغامرات وإثارة من منظور الطرف الثالث، وكانت من إحدى الألعاب الشهيرة التي ينتظرها عشاق ألعاب الحاسوب الشخصي، فهي تأتي بعد سنوات من طرح الجزء الثاني "جست كوز2" عام 2010، والجزء الأول عام 2006، بعدما حققا نجاحا كبيرا.
وقبل هذه اللعبة بأشهر، وتحديدا في سبتمبر/أيلول الماضي، طرحت لعبة كرة القدم المطلوبة "فيفا 16"، ومؤخرا في يناير/كانون الثاني 2016 طرحت لعبة "رايز أوف ذا تومب رايدر"، الجزء الأخير من سلسلة تومب رايدر الشهيرة، وتلاها مطلع مارس/آذار الجاري طرح إحدى أكثر ألعاب "الأكشن" المطلوبة وهي "فار كراي برايمال"، لكن أيضا حتى الآن فشل القراصنة في اختراق أي من تلك الألعاب.
وللمقارنة فإن النسخ المقرصنة من الأجزاء السابقة لهذه الألعاب الشهيرة طرحت على الإنترنت في ذات يوم صدورها رسميا، أو على الأكثر خلال الأسبوع الأول من صدورها.
إدارة الحقوق الرقمية
السبب الأكثر وضوحا في فشل عمليات قرصنة ألعاب الحاسوب الجديدة هو استخدم الشركات المطورة لها نظام إدارة حقوق رقمية جديدا يحمل اسم "دينوفو آنتي-تامبر" (Denuvo Anti-Tamper) الذي دفع إحدى أكثر مجموعات قراصنة الألعاب شهرة -وهي "3دي.أم"- إلى الإعلان صراحة عن عجزها عن قرصنة "جست كوز3".
وكتب مؤسس المجموعة الذي يحمل الاسم الرمزي "بيرد سيستر" الشهر الماضي في منشور يقول إنه ما يزال يعتقد أن بالإمكان قرصنة اللعبة، لكن وفقا للتوجهات الحالية في تطوير تقنية التشفير، فإنه في غضون عامين يخشى أنه لن تكون هناك أي لعبة مجانية في العالم.
وتريد المجموعة الصينية بذلك القول إن التشفير الرقمي لألعاب الحاسوب سيصبح من القوة بحيث يستعصي على أي قراصنة فك تشفيرها، مما سيدفع هواة الألعاب إلى شراء نسخ أصلية من ألعابهم بدلا من الحصول عليها مجانا عبر الإنترنت.
ولذلك تابع سيستر القول إن مجموعته ستتوقف عن القرصنة لمدة عام لترى إن كانت مبيعات الألعاب الأصلية سترتفع، وتريد بذلك معرفة مدى تأثيرها على مبيعات الألعاب القانونية.
ولا تستخدم جميع الشركات المطورة لألعاب الحاسوب تقنية دينوفو في ألعابها حتى الآن بسبب التكلفة الإضافية المترتبة على ذلك، لكن بمرور الوقت تنخفض التكلفة، الأمر الذي قد يدفع الشركات إلى طرح ألعاب للحاسوب الشخصي من تلك الألعاب التي كانت حتى الآن حصرية لمنصات الفيديو مثل بلايستيشن وإكس بوكس.
وفي نهاية المطاف، فإن قراصنة ألعاب الحاسوب -بكثير من الصبر والمثابرة- سينجحون على الأرجح في فك تشفير تلك الألعاب، لكن العبرة تكمن في أن المسألة لم تعد سهلة كالسابق، ومن كانوا ينتظرون أياما قليلة لتحميل نسخة مقرصنة من لعبتهم المفضلة قد يضطرون هذه المرة للانتظار أشهرا طويلة، مما قد يضع أمامهم -إن كانوا من هواة الألعاب- خيارا آخر أكثر جدية ومسؤولية وهو: شراء نسخة أصلية