لا علاقة بين زيارة "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي للمنطقة وبين التصعيد الأخير في فعاليات الانتفاضة، فالتصعيد الأخير في المقاومة هو رد فعل غريزي على وحشية الصهاينة، وهو قرين الحالة الشعبية الفلسطينية، التي ترفض اعتماد التنسيق الأمني طريقًا لوأد المقاومة، لذلك كانت المواجهات على الحواجز الإسرائيلية، والبطولات الفردية بمثابة المضاد الحيوي الطبيعي الذي يحاصر فيروس التنسيق الأمني، ويقضي عليه، ويترك أصحابه عاجزين أمام الإسرائيليين، لا يقدمون لهم أمنًا، ولا يخففون عنهم رعبًا.
ولوكان صحيحًا ما يقال عن العلاقة السياسية بين عمليات المقاومة وزيارة المبعوث الأمريكي، لكان الأجدر بالسلطة الفلسطينية أن تطلق سراح الفعاليات الشعبية، وأن تدفع باتجاه المسيرات الجماهيرية التي تعتبرها السلطة إحدى ركائز الهبة السلمية التي تؤيدها، ولكن هذه الفعاليات السلمية لم تدخل على خط الضغط السياسي على الزائر الأمريكي، وهذا يؤكد أن المقاومة التي ينفذها شباب فلسطين لا تحظى برضا القيادة السياسية في رام الله، ولا هي مدعومة تنظيميًا، وإنما هي غضب الشعب الثائر ضد محتلي أرضه، ومغتصبي كرامته.
تواصل الانتفاضة وتصاعدها في الأيام الأخيرة لا يحمل رسائل ضغط على المبعوث الأمريكي، فقد اقتنع الشعب الفلسطيني بعدم جدوى هذه الزيارات الدولية، تواصل الانتفاضة يحمل في مضامينه إشارات تمرد جماهيري على قرارات القيادة الفلسطينية في رام الله، وبداية تحدٍ للأسلوب الانهزامي الذي تدار فيه السياسة الفلسطينية، والذي ترك مرارته على لسان كل شاب فلسطيني، ركب الأهوال كي يغسل شوارع وطنه من عار الصمت، وترك حزنه دمعًا ينهمر من عيون كل فتاة فلسطينية؛ ثارت عليها كرامتها الوطنية، فاستلت سكين المطبخ، وتقدمت كي تذبح المهانة، لئلا يأكل أطفالها خبز المذلة، وكي لا يطأطئ الفلسطيني رأسه أمام المحتلين.