قبل ثلاث سنوات قتل وجرح العشرات من المعتمرين الفلسطينين في حادث سير مروع, وقبل أيام تكرر المشهد المأساوي وتوفي 16 من المعتمرين وجرح الآخرون بعض جراحهم خطيرة، ومثل تلك الحوادث تتكرر مع المعتمرين سواء من فلسطين أو غيرها من البلدان العربية, والأسباب تكاد تنحصر في ثلاثة أشياء متفرقة أو مجتمعة؛ السرعة الزائدة وعدم قدرة السائق على التركيز مضافًا إلى ذلك قلة العناية بالباصات وصيانتها.

كثيرون حدثوني _قبل الحادث الأخير_ عن المصائب التي كادت أن تقع لهم بسبب "إغفاء" السائق أثناء القيادة في رحلات العمرة، وكيف عالج بعضهم الأمر بالتناوب على مراقبة السائق الوحيد وتنبيهه كلما لزم الأمر، وكأنهم في مغامرة وليسوا في رحلة عبادة وطمأنينة، وكأنه لا يكفي المعتمرين الفلسطينيين خاصة المعاناة التي يكابدونها على الحدود الفلسطينية وغيرها من الحدود العربية ومن طول السفر, لتزيد شركات والحج والعمرة من معاناتهم بسبب سوء إدارتها أو ربما جشعها واستهتارها بأرواح الناس.

أحد الناجين من الحادث الأخير أكد أن السائق كان في غفلة حين فقد السيطرة بسبب نعاسه وبسبب تعطل الفرامل المفاجئ، ونحن نعلم أن سبب النعاس ناتج عن رفض شركات الحج والعمرة تعيين أكثر من سائق رغم المسافات الطويلة التي يضطرون لقطعها، ولا شك أن أي خلل فني في المركبات غالبًا ما يكون نتيجة لعدم صيانتها وإهمالها, وهي تحتاج إلى صيانة واختبارات مستمرة للسبب ذاته وهو طول المسافة التي يقطعها الباص بشكل دائم.

إذا كانت شركات الحج والعمرة مستهترة، وإذا كان بعض السائقين لا يستشعرون عظم الأمانة التي في أعناقهم وأنهم مسؤولون عن سلامة عشرات الآلاف _ولو كانوا كذلك لرفضوا القيادة إلا وهم بكامل قواهم_ لا بد من وجود جهات تضع حدًا للعبث بأمن وسلامة المعتمرين والحجاج، وعلى الجهات المختصة في غزة والضفة أخذ الإجراءات اللازمة ضد الشركات الفلسطينية المخالفة ومنعها من العمل وكذلك إيجاد آلية لإرغام الشركات العربية التي تتولى نقل الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية على أخذ التدابير اللازمة ومن ذلك توفير أكثر من سائق في رحلات الحج والعمرة.