تلقيت نبأ وصول نسخة من كتاب رحيل شمس بالفرح والسعادة لمعرفة ما تحتويه من معان عظيمة تثري العقل بمزيد من الحكمة والثقافة، فمنذ الوهلة الأولى أيقنت بوجود تحفة لغوية وكلمات رنانة وقصص حقيقية تعبر عن الواقع، وصدق ما تريد إيصاله لعامة الناس.
فالصفحات الأولى تحتوي على كلمة ومقدمة الناشر ..، فالإهداء للوطن أولا، ثم للفلسطيني في الخارج ثانياً وثالثاً ورابعاً ..., وطبقت ما تحدثت عنه بمشاركة عدد من اللاجئين الفلسطينيين في الشتات بكتابة المقدمة من ".. الأردن والقدس وبريطانيا ومصر والرباط وأماكن أخري .." البداية كانت مشجعه للقراءة ومعرفة التفاصيل ، لأنها اتبعت مقولة الأقربون أولى بالمعروف.
فعرفت القارئ عن غزة وتفاصيل الحياة والصلاة والأذان والعائلات والشارع والشهداء ...,وما يدور في ثنايا وعقول الأطفال وما ينتظرهم بعد الدمار والخراب، ورسمت صورة من اختلطت ألعابهم بالأكفان .. ثم توجهت برسالة من غزة إلى مدينة المسلمين غزة، وهو أسلوب متبع للتذكير والمتابعة بالإضافة إلي تقيم الأوضاع الداخلية .. تحدثت عن عائلتها التي تكن لهم الحب والاحترام ,, واعتبرتهم أيضا مثالا حيا لما يحدث داخل معظم العائلات الفلسطينية من مشاهد الحياة قبل الموت.. فسردت فقدان أحد المقربين إليها، ومشاعر اليوم الأليم منذ صباحه الباكر , ..فكم تأثرت أنا شخصيا بقولها .." رزق إن لم تأتني بلعبة لن أكلمك بعد اليوم .."
لقد صدقت زينه وصدق رزق, فهو شهيد وهي شاهدة على ذلك .. لم تنس ذكر حارسة الأوطان التي أنجبت الشاعر والشهيد والثائر والأسير . حلقت بالقارئ إلي مخيمات الشتات وذكريات الماضي وتفاصيل العادات والتقاليد، التراث، الأفراح الشعبية والزغرودة والعروسة الفلسطينية . . وذكرتنا بحنظله وما أدراك ما حنظله ومفارقات بعض الشباب ورغباتهم في السفر وجمع الأموال وحب الوطن والعيش بالزقاق .. أخذت تاريخ فلسطين والنكسات من أفواه الجدات..، وزارت أروقة القضبان وسط الظلام لتعلمنا بأن هناك أحياء يموتون في اليوم مئات المرات. .
أبدت الكاتبة أصالتها بالحديث عن أرض الكنانة الغراء بعد زيارتها ووصفت أهلها بأنهم ينحتون تاريخها بالدماء ويخطون نحو الارتقاء ولم تعلم ماذا أعد لهم الخائنون الأشرار! نادت بالعروبة من الشام للمغرب العربي لعلهم يكسرون الحصار ويحررون الأرض والديار وتغنت بحامل السلاح وثورة الكلمة ورثاء الأخيار حتى أيقنت انه لا مجال للانتظار..
استمرت بإظهار تفاصيل القضية الفلسطينية حتى لو كان الأمر متعلق بالحديث عن الثورات العربية وأهميتها!! على الرغم من بعض الانتكاسات التي حدثت هناك وأثرها الملحوظ في زيادة الخناق على الشعب المكلوم .. أضافت لمسات أخراجيه رائعة بتقسيم وتوزيع القصص والخواطر والروايات لكي لا تشعر المتابع بالملل عند القراءة .. تطرقت لأثر غياب أهل الحكمة و الشهداء والأتقياء واستيطان الجاهل والعدو والغبي .. نعم لقد كنتم خير من نقل معاناة شعبنا الفلسطيني للعالم العربي قبل العالم الأصم الغربي ..إلا أنني على ثقة ويقين بأنكم ستتحدثون في الكتابات القادمة بإسهاب عن اللاجئ الفلسطيني في الخارج وما يدور في قلبه من لوعة الحرمان ومتاعب التفرقة والعنصرية البغضاء التي يتعرض لها من قبل الآخرين ..