على ضوء ما يتعرض له المجتمع المدني من سلسلة ممنهجة تمثلت بمجموعة من القوانين، إضافة لتصريحات ومواقف مؤخرا تتضمن اتهامات للمجتمع المدني وتشكل إساءة للتاريخ الطويل من العمل في أوساط الجمهور الفلسطيني، عقد اجتماع موسع ضم ممثلين عن الشبكات والائتلافات الأهلية والمجتمعية والنقابية، جرى خلاله مناقشة العديد من القضايا التي تهم المجتمع الفلسطيني. ودعا الاجتماع لمنهجية مغايرة في التعامل لما جرى سابقا من تجاوز والمس بدور المجتمع المدني الفلسطيني، وشدد على أهمية تشكيل لجنة وطنية لمعالجة العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة وبناء توجهات جديدة تقوم على أساس الشراكة الكاملة والحقيقية لإيجاد معالجات جدية للعلاقة، ووقف التدهور الحاصل حماية للديمقراطية والتعددية والسلم الأهلي.
وناقش الاجتماع أوجه العلاقة مع الحكومة لاسيما منظومة القوانين الأخيرة التي تضيّق الخناق على مؤسسات المجتمع المدني ومشاريع القوانين التي تندرج في إطار تفرد الحكومة بسن القوانين دون الرجوع للجهات والمؤسسات ذات العلاقة فيها، ومن ضمنها قرار الحكومة بتشكيل لجنة وزارية مطلع شباط الماضي لإعداد مشروع قانون لتنظيم المؤسسات الخاصة ذات النفع العام، وقانون الضمان الاجتماعي رغم الملاحظات الجوهرية التي قدمها المجتمع المدني قبل إقراره لما يشكله من خروج على القوانين والأنظمة، كما يلحق اجحافا يضر بفئات اجتماعية وشرائح كبيرة متضررة من هذا القانون ولم يتم الأخذ فيها رغم التحذيرات من مغبة الذهاب لسن هذا القانون الجائر.
كما أفرد الاجتماع مساحة هامة حول التعديات على الحريات العامة من استهداف لوسائل الإعلام وصحفيين وحرية التعبير، التي من أبرز سماتها أيضا سن القوانين والتشريعات والتفرد في عدم إشراك القطاعات المتضررة، كما حصل في إضراب المعلمين الأخير والتعاطي مع النضال المطلبي عموما الذي يعتبر ركيزة أساسية لمواجهة الاحتلال، ويوفر المناخ الملائم لحالة الصمود الوطني في ظل انقسام سياسي وجغرافي يتواصل للعام التاسع على التوالي، ويحتاج لتظافر كافة الجهود لإنهائه فورا.
وطالب المجتمعون بوقف فوري لكل التجاوزات التي تشكل مساسا بالقانون الأساس، واحترام الحريات العامة بما فيها حرية الرأي والتعبير والتجمع، واحترام حق تشكيل الجمعيات واستقلالها.
وأكد الاجتماع أهمية السعي الحثيث للعمل على تمتين الوضع المجتمعي وحماية حق المجتمع المدني ضمن علاقة متوازنة مع الحكومة، وفي الوقت ذاته العمل وفق الأدوات المكفولة بالقانون على مواصلة خطواتها للدفاع عن هذه الحقوق ومراجعة السياسات المتبعة بحقها، واستمرار الجهد في إطار حراك مجتمعي واسع بما فيها تجاه القضايا المطلبية التي تمس حقوق الناس وفي مقدمتها: قانون الضمان الاجتماعي، والمحكمة الدستورية، والحريات العامة وغيرها من القضايا في الصحة والزراعة، وتعزيز الحياة الديمقراطية بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وملف المصالحة والسلم الأهلي.
يذكر أنه تقرر قبل عدة أيام تشكيل ائتلاف أهلي للرقابة على التشريعات يضم شبكة المنظمات الأهلية ومجلس حقوق الإنسان، ونقابة المحامين والهيئة المستقلة واتحاد النقابات المستقلة والعديد من مؤسسات المجتمع المدني، الذين عبروا عن ارتياحهم للقاء رئيس الحكومة مع مجلس حقوق الإنسان وقراره تشكيل لجنة للحوار مع المجتمع المدني، وشدد على ضرورة ترجمة هذا الموقف بشكل جدي وملموس.