14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
17.54°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة17.54°
الجمعة 03 يناير 2025
4.53جنيه إسترليني
5.16دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.75يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.53
دينار أردني5.16
جنيه مصري0.07
يورو3.75
دولار أمريكي3.66

تقرير "فلسطين الآن"

لا حل يلوح في الأفق لـ"إسكان أفق" في نابلس

مشروع
مشروع
نابلس - مراسلنا

من جديد، عاد مشروع "إسكان الأفق" غير المأهول، الذي يقع إلى الشمال الغربي لمدينة نابلس، إلى الواجهة من جديد.. بعد أن اقتحمته قوات الاحتلال الإسرائيلي، ونفذت تدريبا يحاكي اقتحام التجمعات السكانية المماثلة.

لكن السؤال لماذا لا يزال هذا الإسكان الذي بوشر العمل به نهاية عام 1997، غير جاهز للسكن؟؟ وماذا يقول من مِن المفترض أن يقطنوه عن أسباب هذا التأخير؟؟ وما موقف المستثمر والمقاول، والجهات الحكومية منه؟ وهل سيتركونه لقمة سائغة للاحتلال ومستوطنيه!!. 

المشروع يتبع جمعية "الأفق التعاونية"، التي أخذت على عاتقها إنشاء إسكان لأعضائها المعلمين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، بالتعاون مع اتحاد المعلمين الفلسطينيين آنذاك، آملة الاستفادة من أي "دعم تشجيعي" قد تقدمه لها الحكومة التي كانت تنعم بتمويل وفير من المانحين.

ويتكون الإسكان من قسمين وبه نحو 170 وحدة سكنية، ويمتد على تلة جبلية، تتبع قريتي "إجنسنيا" و"الناقورة" المجاورتين لبلدة عصيرة الشمالية.. موقع متميز يطل على نابلس من الجهة الغربية، وفي حال تم فتح وتعبيد الطريق الرئيسي، فهذا يعني أن السكان لن يحتاجوا لأكثر من 7 دقائق ليكونوا وسط المدينة..

المشروع برمته أشبه بقرية صغيرة نموذجية، وحداتها السكنية مرتبة وليست عشوائية، مقاساتها وأشكالها موحدة وتصاميمها جذابة، وكل وحدة تتكون من شقتين، ومسموح البناء عموديا لأربعة طوابق فوق كل وحدة، ولو سارت الأمور كما يرام لكان يسكنها الآن نحو 1000 شخص وربما أكثر، من أولئك الهاربين من اكتظاظ المدينة وضيق شققهم المستأجرة، إلى فضاء رحب فيه متسع للعب أطفالهم.

وفوق هذا، فهناك دور وطني كان يمكن أن يلعبه الإسكان، ألا وهو منع الاحتلال من السيطرة على المكان، وإنشاء مستوطنة عليه، لا سيما أنه لا يبتعد مسافة كبيرة عن مستوطنة "شافي شمرون"، وعن الطريق الالتفافي التي يسيطر عليه الاحتلال أيضا..

بداية غير موفقة

رئيس الجمعية هاني مقبول، وهو عضو في لجنة إدارة بلدية نابلس، يشير إلى أن "عدد المنضمين للجمعية بلغ أكثر400 معلم ومعلمة، وعمد هؤلاء إلى اقتطاع مبالغ من رواتبهم البسيطة أصلا، وأدخروها لتأمين قطعة أرض وبيت يؤويهم وعائلاتهم .. وقتها شبعنا من الوعودات التي قدمتها السلطة الفلسطينية لدعم مشروعنا، خاصة أنها كانت تمر في عصرها الذهبي وتغدق عليها الأموال من كل حدب وصوب".

ويوضح في حديث خاص بـ"فلسطين الآن" أن الجمعية اتفقت مع المقاول محمد الشنار (شغل منصب نقيب المهندسين في نابلس لعدة سنوات) على تنفيذ المشروع، وفي عام 2006، انتهى تقريبا بناء غالبية الوحدات السكنية (عظم)، بكلفة 5 ملايين دينار أردني، (الدينار 1.3 دولار).. وسدد المشاركون جلّ ما عليهم من أقساط، وبقي للمقاول نحو مليون دينار.. وكان التأخير مقبولا نظرا لاندلاع الانتفاضة الثانية، وإغلاق الطرق وفرض حصار خانق على محافظة نابلس".

ويقر مقبول بأن الإدارة السابقة للجمعية وقعت في خطأ يتمثل بعدم وضع شرط على المستثمر لتوفير البنية التحتية للإسكان، لكنه يتساءل عن مصير عشرات العائلات التي وضعت كل مدخراتها وتحملت ضيق العيش لسنوات طويلة للحصول على "بيت العمر"، كما يتساءل عن مصير هذا الإسكان في ظل خطر الزحف الاستيطاني!!.

ويمضي قائلا "المقاول يريد بقية المبلغ، لكن المعلمين استنفذوا كل ما لديهم من أموال، فبعضهم أضطر للاستئجار أو شراء منزل آخر، وبالتالي بات عليه قسطين شهريا بدلا من واحد.. ومن يستطيع التسديد يطالب المستثمر بتقديم حسن نية واستكمال ما بقي من الإسكان من بنية تحتية.. إذ أنه يفتقد لليوم للماء والكهرباء، كما أن شبكة الطرق الداخلية والخارجية لم تكتمل ولا يوجد به شبكة صرف صحي".

من طرفنا -يتابع مقبول- ناشدنا كل أصحاب الشأن، ابتداء من الرئيس ورئيس الوزراء والوزارات ذات العلاقة، وتواصلنا مع العديد من المؤسسات الخيرية في الخارج، ولكن دون جدوى.

ويتساءل مقبول عن مدى جدية كثير من الشعارات التي تُرفع حول دعم صمود الإنسان الفلسطيني في أرضه، إذ يؤكد أنه "في الوقت الذي يقدم الاحتلال كل التسهيلات للتوسع الاستيطاني، لا نجد أي دعم لمثل هذه المشاريع التي تثبت الأرض الفلسطينية وتضع حدا لأطماع المستوطنين".

انقسام واضح

كثير من المشتركين فقدوا الأمل بالانتقال إلى السكن في المشروع، فانقسموا بين بعضهم، جزء منهم باع حصته بأبخس الأسعار، حتى يسترد بعضا مما دفعه على مدار عقدين من الزمان تقريبا، وبالمبلغ الذي حصل عليه سدد دفعة أولى لشقة في بناية سكنية بالمدينة.. وهناك من بقيت الحسرة في قلبه، وأكتفى بالتوقف على استكمال السداد، واحتسب ما أنفقه من أموال، على أمل أن يعوض الله صبره.

من قد يحزن عليهم، أولئك الذين انتقلوا للحياة الأخرى، قبل أن ينتقلوا للعيش في الإسكان. زوجة أحدهم -فضلت عدم ذكر اسمها- تقول لـ"فلسطين الآن" إن "زوجها وضع "تحويشة العمر" في الإسكان، خاصة بعد أن عمل لأكثر من ثلاثين عاماً في سلك التعليم، وأحب أن يوفر لأبنائه مكانا يليق بهم بعد كل هذه السنوات.. لكنه فارق الحياة قبل عامين، دون أن يحقق حلمه".

بيع الحصص

أبو تيسير فقد هو الأخر الأمل، فباع حصته بمبلغ 11 ألف دينار، وفورا دفعها لشقة أصغر في عمارة سكنية مكتظة.

يقول "خسرت كثيرا.. فقد دفعت أقساط ما يعادل 22 ألف دينار، كما أن ثمن الوحدة السكنية في الإسكان حاليا (عظم) يصل لنحو 35 ألف دينار، ومع هذا قبلت بأقل من ربع المبلغ".  

ويتابع "لا أعلم لماذا وصلنا إلى هذه الحالة.. فلو تم إقامة بنية تحتية ملائمة في المنطقة، لرأيت عشرات المشاريع العمرانية، ولخلقنا واقعا لتوسيع حدود بلدية نابلس... وبدلا من أن أبيع شقتي، كان يمكن أن أشتري ثانية وثالثة لأبنائي وأقاربي، خاصة أن المنطقة برمتها ستنتعش وتصبح محط أنظار الجميع".

الحال كذلك بالنسبة للمعلمة عفاف جوابرة التي كانت تطمح أن تسكن شقتها الجديدة بعد عشرة أعوام على أبعد تقدير، لكنها اصطدمت بحائط البيروقراطية وعدم المسئولية من الجهات المعنية.

وتشير جوابرة وهي أم لثمانية أبناء، إلى أنها دفعت في بداية اشتراكها مبلغ ألف دينار ثم التزمت بتسديد جميع الأقساط المترتبة عليها حتى نهاية عام 2012، عندما توقفت عن السداد بسبب زيادة التزاماتها المالية مع خِطبة أحد أبنائها والتحاق أخويها بالجامعة.

وتقول: "بعد أن طال انتظاري، فكرت بإعطاء الشقة لابني لكي يسكنها، لكن عائلة خطيبته رفضت أن تسكن ابنتهم هذه الشقة نظرا لافتقارها للخدمات الأساسية وللأمان ولوجودها في منطقة نائية".

37476_1000_518