شرع الإسلام الكثير من الحقوق والواجبات فيما يتعلق بعلاقة الأخ بأخته من باب صلة الرحم، والميراث، والوصاية عليها في حال عدم وجود ولي أمرها, وغيرها الكثير من القضايا، ولكن ماذا عن العلاقة بين الأخ وأخته في الرضاعة.. هل من حقوق وواجبات تحكم العلاقة بينهما؟ هذا هو محور حديثنا في السياق التالي:
قال د.عاطف أبو هربيد الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية: "العلاقة بين الناس علاقة نسبية، فقد تحكمها صلة القرابة، أو علاقة الجيرة، والأخوة في الرضاعة، ويأتي ذلك انسجامًا مع أن الناس جميعهم من رحم واحد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب"، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ".
وأضاف: "فالبعد الإنساني رابط يربط بين البشر جميعًا، والعلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية لها مكانة عظيمة في الإسلام، وعناية كبيرة، فالأخوة تكون في الدين، وتكون في النسب، وتكون أيضًا في الرضاعة، وأعلاها أخوة الإسلام".
وأوضح أبو هربيد أنها إذا اجتمعت أخوة النسب مع أخوة الإسلام كان لصاحبها من الحقوق ما ليس لغيره، وللأخوة من الرضاعة حقوق ولكنها أقل من حقوق أخوة النسب.
وبين أنه بالرغم من العلاقات التي تثبت بالرضاعة، وتحرم ما يحرمه النسب إلا أنها ليست كأخوة الرحم من ناحية الحقوق والواجبات، فالرضاعة تحرم ما أنبته اللحم، فهي تحرم عليه حرمة أبدية، ولكن لا يترتب عليها ميراث، لأنها ليست من أهله، فالميراث مبني على القرابة النسبية.
وأشار إلى أن السنة النبوية دلت على أن الأخت من الرضاعة كالأخت من النسب في المعاملة، كجواز الخلوة بها، والنظر إليها، وأن يكون "محرمًا" لها في سفرها، كما ورد في حديث عائشة رضى الله عنها، "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت إنه أخي، فقال: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".
ولفت إلى أن العلاقة القائمة على المودة بين الأخ وأخته في الرضاعة مطلوبة إذا تعززت من خلال الرضاعة، ودعا إليها الإسلام لأنهما تغذيا من لبن واحد، "ولكن ذلك لا يترتب عليه صلة الرحم لأنه لم يجمعهما، بل جمعهما وعاء اللبن "الثدي".
وتابع أبو هربيد حديثه: "العلاقة القائمة بينهما ليست من باب صلة الرحم، ولكن من باب الوفاء لأنه نبت لحمها من لبن أمه، ويحرم النكاح بها، ولا ينطبق ذلك على باقي إخوتها، فالعلاقة القائمة على البعد الإنساني بين المسلمين تمتد ولا تنتهي، ولكن قد تؤثر عليها التغيرات الديموغرافية، وتمدد العائلات".
وختم حديثه: "وهذا يعني أن العلاقة قائمة من حيث مبدأ الرضاعة، وبذلك تستمر صلة الرحم كأخوة الدم في الأعياد والمناسبات".